ملتقى للتوعية من أخطار الحوادث المرورية في السعودية

بعد أن سجل 2599 حالة وفاة خلال عام واحد

ملتقى للتوعية من أخطار الحوادث المرورية في السعودية
TT

ملتقى للتوعية من أخطار الحوادث المرورية في السعودية

ملتقى للتوعية من أخطار الحوادث المرورية في السعودية

افتتح الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية، أمس، ملتقى ومعرض السلامة المروية الثالث للتوعية من أخطار الحوادث المرورية وطرق تفاديها «الشباب والسلامة المرورية»، الذي تنظمه الجمعية السعودية للسلامة المرورية «سلامة» بالتعاون مع جامعة الدمام و«أرامكو السعودية» والإدارة العامة للمرور، ووزارة التعليم، ولجنة السلامة المرورية والرئاسة العامة لرعاية الشباب.
وبلغ عدد الوفيات نتيجة حوادث مرورية خلال الفترة من 25 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014 وحتى 14 أكتوبر من العام الحالي 2599 حالة وفاة، منها 1225 حالة وفاة في المنطقة الشرقية وحدها، كما بلغ عدد المصابين من الحوادث المرورية 8036 حالة.
وقال أمير المنطقة الشرقية: «من الضروري أن يتحول الحديث والبحث في السلامة المرورية من مجرد رفع نسبة الوعي والتوعية إلى طرق وآليات لتغيير سلوك السائقين، نتيجة ما أسفرت عنه الحوادث من نتائج وخيمة سواء في الوفيات أو الإصابات أو الهدر الاقتصادي، مما يتطلب العمل وبكل جد للوقوف على متطلبات السلامة المرورية وتقنينها بشكل علمي مدروس لتحقيق النتائج المرجوة منها في خفض الحوادث المرورية وتعديل السلوك المروري».
وأضاف أن «المنطقة الشرقية خطت خطوات في مجال السلامة المرورية تجاوزت مرحلة التوعية إلى البدء في تنفيذ برامج واستراتيجيات متعددة تشمل مختلف الشرائح، حيث أسست لجنة السلامة المرورية بالمنطقة وتبنت استراتيجية طموحة طويلة المدى».
وكشفت شركة «أرامكو السعودية» عن استثمار 134 مليون دولار (500 مليون ريال) في ترقية السلامة المرورية في السعودية للحد من الحوادث المرورية التي تتجاوز المعدلات العالمية وتتسبب في 25 حالة وفاة يوميًا وخسائر اقتصادية تقدر بنحو 5.6 مليار دولار (21 مليار ريال) سنويًا.
وقال المهندس أمين الناصر رئيس شركة «أرامكو السعودية» وكبير إدارييها التنفيذيين: «إن (أرامكو) استثمرت حتى الآن ما يقارب 300 مليون ريال، وتخطط أن تستثمر 200 مليون ريال خلال السنوات الخمس المقبلة في مجال السلامة المرورية، للقيام بدورها في إرساء منظومة سلامة مرورية سعودية متكاملة».
وأضاف أن حوادث الطرق في السعودية تتسبب في وفاة 25 شخصًا يوميًا، كما تخسر السعودية كل يوم نحو 1.6 مليون دولار (ستة ملايين ريال)، حيث تقدر الخسائر الاقتصاد السنوية بنحو 5.6 مليار دولار (21 مليار ريال) سنويًا، وقال إن الدراسات أوضحت أن أغلب المتوفين هم من فئة الشباب بنسبة 72 في المائة من إجمالي عدد المتوفين بحسب إحصاءات الإدارة العامة للمرور.
وطالب الناصر بتبني خطة ورؤية جديدة لتخفيض نسبة الحوادث السنوية بالسعودية بنسبة 10 في المائة سنويا للوصول إلى المعدل العالمي بنهاية 2017، وإلى المعدل السائد في الدول المتقدمة اقتصاديًا بحلول عام 2021، في ظل توقعات بارتفاع عدد السكان بالسعودية إلى 35 مليونًا.
وقال اللواء عبد الله بن حسن الزهراني مدير عام الإدارة العامة للمرور بالسعودية إن إحصائية الحوادث المرورية خلال العام الماضي نجم عنها 2599 وفاة، و8036 إصابة، جلهم من الشباب، مشيرًا إلى أن العمل على إعداد خطة استراتيجية وطنية للسلامة المرورية ستسهم في تحقيق انخفاض كمي ملموس في الخسائر البشرية والاقتصادية لحوادث المرور، كما ستسهم في تحسين سلوك سائقي المركبات على الطرق للسنوات المقبلة وتعزيز المكتسبات الوطنية.
وذكر الدكتور عبد الله بن محمد الربيش مدير جامعة الدمام رئيس اللجنة العليا المنظمة للملتقى: «إن ملتقى السلامة المرورية استقبل 155 ملخصا بحثيا، قُبِل منها 23 بحثًا كاملاً، وجرى تحكيمها بشكل علمي دقيق لمناقشتها في جلسات الملتقى وتضمينها في كتيب أبحاث الملتقى، وعرض 10 محاضرات متخصصة لمتحدثين رئيسيين في تجارب تطبيق تغير سلوك الشباب نحو القيادة الآمنة».
وشهدت فعاليات اليوم الأول للملتقى استعراض المحور الأول من المحاور الرئيسية للملتقى «الشباب والسلامة المرورية.. الدور الحالي والمتوقع»، وتتحدث في فرعين رئيسيين: الأول عن التدريب والتطبيق الإجباري للقانون، والثاني عن التعليم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».