جبل الشدا.. مأوى الطيور المهاجرة والكائنات النادرة

تنوع أحيائي فريد يضم أكثر من 400 نوع من الأشجار

يتميز هذا الموقع في القطاع التهامي ببيئته  التي جعلته مأوى لعدد من الكائنات الحية النادرة (واس)
يتميز هذا الموقع في القطاع التهامي ببيئته التي جعلته مأوى لعدد من الكائنات الحية النادرة (واس)
TT

جبل الشدا.. مأوى الطيور المهاجرة والكائنات النادرة

يتميز هذا الموقع في القطاع التهامي ببيئته  التي جعلته مأوى لعدد من الكائنات الحية النادرة (واس)
يتميز هذا الموقع في القطاع التهامي ببيئته التي جعلته مأوى لعدد من الكائنات الحية النادرة (واس)

جبل الشدا، الذي يتربع على قمة ترتفع أكثر من 2300 متر عن مستوى سطح البحر، يعتبر منطقة ذات تنوع أحيائي فريد من نوعه. إذ يتميز هذا الموقع في القطاع التهامي بمنطقة الباحة في السعودية، ببيئته التي جعلته مأوى لعدد من الكائنات الحية النادرة والطيور المهاجرة التي تتغذى من غطائه النباتي الممتد على الجبل.
ويسكن الموقع حيوانات «النمر العربي، والضبع المخطط، والذئب العربي، والثعالب، والوشق، والوبر، والكثير من أنواع الطيور»، وهو مغطى بأشجار العرعر والعتم، والكثير من الشجيرات التي يصل عددها إلى أكثر من 400 نوع.
ويزهو أعلى قمة «جبل الشدا» بزقزقة الطيور التي جعلت من أشجار الجبل مقرًا لها، ويلفت نظر الزائر انتشار الحيوانات البرية التي سكنت أجزاء من قرية الجبل المهجورة منذ عقود مضت.
وزائر المنطقة يمكنه ملاحظة تباين أنماط الحياة المختلفة، والتنوع النباتي الغزير الذي يزداد جمالاً في فصل الربيع، وبعض الصخور التي تشكل مجمل البيئة الصخرية للجبل، مع توسع انتشار المزارع، خاصة في قرية «الصور» التي لا تزال مأهولة بالسكان، والمشتهرة بمزارع «البن الشدوي» المعروف بمذاقه المميز، علاوة على انتشار الكثير من الأشجار المثمرة كالتين الشوكي، والرمان، وغيرها من النباتات الأخرى التي تسقى من مياه الآبار.
ويقع في الثلث الأول من محمية جبل الشدا، ما يعرف بـ«شعب الجوف» الذي يتميز بكثرة التنوع النباتي الغزير، الذي يزداد جمالاً مع تفتح زهور تلك النباتات في فصل الربيع، كما تبرز بعض صخور الجرانيت التي تشكل مجمل البيئة الصخرية للجبل، ويظهر على هذه الصخور نقوش ورسومات لبعض الحيوانات كالوعل والمها.
وتجذب محمية «جبل الشدا» الكثير من الباحثين لإجراء الدراسات البيئية على مكوناته، إضافة إلى الدراسات السياحية التي تعكف عليها إمارة منطقة الباحة بالتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والهيئة السعودية للحياة الفطرية، بهدف تطوير بعض المواقع داخل المحمية لجعلها أحد المقاصد السياحية في المنطقة.
وللحفاظ على مكونات جبل الشدا البيئية وثروته الحيوانية التي تمتد على مساحته المقدرة بنحو 62 كيلومترًا، ضمّت الهيئة السعودية للحياة الفطرية الجبل إلى قائمة المحميات الطبيعية في السعودية.
وحول متابعة المنطقة ومنع الصيد الجائر، قال فهد بن حمدان آل فهاد، رئيس المحمية «إن الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وضعت دراسة بشأن تشكيل شرطة بيئية تتولى عملية متابعة ومراقبة المناطق التي يقع فيها الصيد الجائر، والعمل على تطبيق العقوبات التي ستسنها الأنظمة والقوانين للشرطة البيئية».
وأفاد بأن النظام الجديد لحماية المناطق المحمية الذي أقره مجلس الوزراء عدّل عقوبة مخالفي الصيد من 10 آلاف ريال إلى 50 ألف ريال، بالإضافة إلى مصادرة المركبة التي تكون بحوزة الشخص أثناء ارتكابه للمخالفة، بهدف ردع كل من تسول له نفسه العبث بالطبيعة في أراضي السعودية، التي تتمتع ببيئات متنوعة كما في طبيعة جبل الشدا، وتستدعي من الجميع المحافظة عليها وعدم إلحاق الضرر بها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».