قرب الإعلان عن أكبر تجمع عسكري معارض شمال سوريا يضم جيشي «الفتح» بإدلب و«النصر» بحماه

تقدم النظام في ريف اللاذقية

قرب الإعلان عن أكبر تجمع عسكري معارض شمال سوريا يضم جيشي «الفتح» بإدلب و«النصر» بحماه
TT

قرب الإعلان عن أكبر تجمع عسكري معارض شمال سوريا يضم جيشي «الفتح» بإدلب و«النصر» بحماه

قرب الإعلان عن أكبر تجمع عسكري معارض شمال سوريا يضم جيشي «الفتح» بإدلب و«النصر» بحماه

صعّدت القوات الحكومية السورية أمس عملياتها بريف اللاذقية في شمال غربي سوريا، في محاولة للسيطرة على جبل التركمان المحاذي للمناطق الحدودية مع تركيا، وحقق «تقدمًا تكتيكيًا» ولكن «غير نهائي»، بحسب ما قالت مصادر في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط»، بالتزامن مع قصف روسي عنيف مهد لتلك الهجمات، مشيرة إلى أن قوات المعارضة «شنت هجمات معاكسة، واستعادت السيطرة على إحدى النقاط».
ولم تمنع تلك المعارك قوات المعارضة في الشمال من استكمال مشاوراتها باتجاه إنشاء فصيل عسكري معارض، ينبثق عن توحد جيش الفتح في إدلب الذي يتشكل من عدة فصائل، أبرزها، جبهة النصرة وحركة أحرار الشام والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وجيش النصر في حماه الذي يتشكل من معظم الفصائل العسكرية التابعة للجيش السوري الحر التي تقاتل في ريف حماه، واستطاعت خلال الأسابيع الماضية تحقيق تقدم في منطقة ريف حماه الشمالي.
وكشفت مصادر بارزة في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، أن المحادثات لضم الفصيلين التي ستكون أكبر توحّد عسكري يشهده الشمال السوري «بدأت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد انطلاق العمليات الروسية في سوريا، وإطلاق القوات النظامية وحلفائها هجمات باتجاه ريف حماه الشمالي»، مشيرة إلى أن الأسبوع الماضي «شهد اجتماعين، أولهما في إدلب والثاني في حماه، بهدف استكمال خطوات التوحد». وقالت إن المباحثات «تسير في خطى سريعة، لكن بعض التفاصيل لا تزال تعترضها، وتستمر المشاورات لتذليلها».
وأكد مصدر آخر مقرب من الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام لـ«الشرق الأوسط»، أن جيش الفتح وجيش النصر في حماه على شفير الاتحاد، مشيرًا إلى أن الجيشين «في حال اتحدا، فإن عدد المقاتلين المعارضين في صفوفهما سيصل إلى 50 ألف مقاتل».
ويعد جيش النصر تجمعًا للفصائل المحلية في حماه، و«يعادل جيش الفتح من حيث القوة»، وهو عبارة عن ائتلاف يجمع كل مكونات الريف الشمالي لحماه، واستطاع خلال الفترة الماضية السيطرة على مورك وعطشان. ويقول المصدر إن «جيش النصر يمتلك صواريخ التاو والكورنيت وكل الأسلحة الحديثة». وقال إن الضغوط لجمع الجيشين «تسارعت بعد التدخل الروسي، وكان هناك عتب على جيش الفتح كونه لم يشارك بفعالية في المعارك التي خاضتها فصائل تابعة لجيش النصر».
في هذا الوقت، كثفت القوات الحكومية هجماتها، لاستعادة السيطرة على مواقع بريف اللاذقية. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات النظام، مدعومة بمقاتلين من حزب الله اللبناني «تحاول السيطرة على جبل التركمان» المحاذي للحدود التركية، مؤكدًا أن هذه القوات «حققت تقدمًا ملحوظًا، وربما استراتيجيًا، لكنه ليس تقدمًا نهائيًا». وقال إن التقدم البارز في جبل التركمان «لا ينسحب على جبل الأكراد، حيث لا تزال المعارك في موقع المراوحة». وقال إن الضربات الجوية الروسية «ساعدت قوات النظام على التقدم».
وأكد الرئيس السوري بشار الأسد أمس ذلك، بقوله في مقابلة مع محطة فينيكس الصينية: «مؤخرا وبعد مشاركة سلاح الجو الروسي في محاربة الإرهاب، فقد تحسن الوضع بشكل جيد جدا، وأستطيع القول الآن إن الجيش يحقق تقدما على كل جبهة تقريبا».
ويخالف القيادي المعارك في اللاذقية العميد الركن المنشق أحمد رحال، القول إن هذا التقدم استراتيجي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «التقدم تكتيكي، وليس استراتيجيًا بلغتنا نحن العسكر. فمنطقة جبل التركمان تشهد عمليات كر وفر منذ 3 أسابيع، في ظل تغطية نارية روسية كبيرة». وقال إن الطائرات الروسية «تتبع سياسة الأرض المحروقة، عبر رمي كميات من الصواريخ وقذائف المدفعية، لأن المناطق جبلية لا يمكن أن تتقدم فيها المدرعات». وأضاف: «مع ذلك، لم تتعد السيطرة المستوى التكتيكي، بالسيطرة على قرى صغيرة وتلال، رغم أننا أمام قوى رسمية تتمثل بدولة عظمى هي روسيا، والقوات النظامية وحزب الله اللبناني وقوى إيرانية». وقال إن ما يشهده ريف اللاذقية «هو عمليات استنزاف، لم تصل حتى الآن إلى مستوى إحداث خرق».
وقال رحال: «العمليات غير موجهة ضد الإرهابيين لأن تنظيم داعش تم إقصاؤه من المنطقة في عام 2014، وبالتالي، المستهدفون هم المدنيون، وهو ما دفع الخارجية التركية لاستدعاء السفير الروسي في أنقرة»، مشيرًا إلى وجود 2500 مدني على الحدود التركية «ينوون اللجوء لأنهم فقدوا منازلهم ومزارعهم».
وأوضح رحال أن محاولات التقدم بريف اللاذقية «تسير على محورين، جبل الأكراد قرب قمة النبي يونس والجب الأحمر وبمحيط بلدة سلمى حتى تأمين المنطقة والسيطرة على سهل الغاب وتأمين طرق الإمداد إليه»، أما المحور الثاني «فيتم عبر جبل التركمان بهدف الوصول إلى منطقة ربيعة عبر بلدة غمام». وأضاف: «باتت قوات النظام تبعد مسافة 12 كيلومترا عن ربيعة، ولم يتقدموا أكثر من 5 كيلومترات، باتجاه ربيعة» وهي معقل القوات المعارضة في ريف اللاذقية الشمالي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم