استنفرت أنقرة، شعبيا وسياسيا وعسكريا، بعد وصول القوات النظامية السورية مدعومة من الجو بالطائرات الروسية، ومن الأرض بالميلشيات المتحالفة معها، قرب الحدود التركية في جبال التركمان التي توليها أنقرة اهتماما خاصا، بسبب الترابط العرقي. وبينما يرى خبراء أتراك أن الاندفاعة السورية – الروسية باتجاه هذه المنطقة «محاولة لإجهاض فكرة المنطقة الآمنة» التي تلوح أنقرة بها، تقول مصادر تركية إن هذا التطور قد يعرقل قتال تنظيم داعش، لكنه قد يفتح أبواب الجحيم على القوات النظامية.
وشهدت تركيا أمس الكثير من التظاهرات المنددة بالهجوم على جبل التركمان، بينما عقد اجتماع أمني برئاسة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو لبحث آخر المستجدات في سوريا، في الوقت الذي تتعرض فيه قرى بايربوجاق (جبل التركمان) لهجوم عسكري منذ عدة أيام. وقالت رئاسة الوزراء التركية إن داود أوغلو أجرى اتصالات هاتفية مع كل من رئيس الأركان العامة التركية، خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات التركية، هاكان فيدان، للاطلاع على آخر التطورات في منطقة بايربوجاق شمالي محافظة اللاذقية التي تتعرض لهجوم جوي وبحري وبري منذ عدة أيام. وقالت المعلومات غير الرسمية إن داود أوغلو أصدر تعليمات صارمة لكل من أكار وفيدان، بالقيام بما يجب لحماية المناطق التركمانية. ونقلت وسائل إعلام تركية عن داود أوغلو تأكيده أنه أعطى تعليمات للرد على أي تطور يشكل تهديدا لأمن تركيا فورا.
وقالت مصادر تركية رسمية لـ«الشرق الأوسط»، إن أنقرة رفعت من مستوى اتصالاتها مع حلفائها في الولايات المتحدة ومع الروس، من أجل وقف الهجمات على هذه المناطق، مشيرة إلى أن تركيا لا يمكنها أن تقف مكتوفة حيال ما يجري.
وفي الإطار نفسه، رأى الخبير الاستراتيجي والباحث في شؤون الشرق الأوسط بمركز الحكماء للدراسات الاستراتيجية علي سمين، أنّ الهجمات التي تنفذها قوات النظام السوري المدعومة بغطاء جوي روسي، ضدّ منطقة جبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي، تهدف إلى عرقلة المبادرة التركية الرامية إلى إنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين. وأوضح سمين لوكالة أنباء «الأناضول» الرسمية، أنّ النظام السوري يقوم بقصف المناطق التركمانية، بالتزامن مع إصرار القيادة التركية على مسألة إقامة المناطق الآمنة، التي تهدف إلى توفير ملجأ آمن للمدنيين.
وترى المعارضة السورية في التركيز الذي يوليه النظام السوري وحلفاؤه، لمعركة «تحجيم» الجيش السوري الحر وحلفائه، محاولة تصب في الاتجاه نفسه، مشيرة إلى أن الثقل الروسي الكبير في الميدان يحاول حصر الحر وحلفائه في إدلب وريف حماه وبعض ريف حلب. وتوضح خارطة أعدتها الحكومة المؤقتة السورية التي أنشأها الائتلاف السوري المعارض، خريطة توزع القوى على الأرض، بما يجعل من تنظيم داعش المسيطر الأول في الأرض السورية بـ32.5 في المائة، يليه «الفراغ» حيث لا تتبع الأرض لأي فصيل محدد، وهي المناطق غير المأهولة من الصحاري والغابات، بنسبة 28.4 في المائة، ثم القوات النظامية السورية بـ20.3 في المائة فالأكراد بـ10.1 في المائة، وأخيرا الجيش الحر والتنظيمات الأخرى - بما فيها جبهة النصرة – بـ8.7 في المائة.
وتظهر إحصاءات الحكومة المؤقتة أن الغارات الروسية استهدفت في الفترة ما بين 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي و13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي المناطق السورية بـ193 غارة، منها 140 غارة على الجيش الحر و53 فقط على «داعش».
وأكدت المصادر التركية أمس أن الخطط التركية بشأن المناطق الآمنة في الشمال السوري، أو ما بات يعرف بالمناطق الآمنة من «داعش»، لا تزال تسير وفق المخطط المرصود لها، موضحة أن الجيش التركي كثف في الآونة الأخيرة من دعمه للمقاتلين على الأرض، لكنه أشار إلى أن تطورات ريف اللاذقية، قد تستدعي عودة الكثير من المقاتلين التركمان لحماية مناطقهم في ظل الهجمة الشرسة وغير المسبوقة ضدها.
وقالت المصادر إن تركيا نفذت أكثر من 50 ضربة بسلاح الجو والمدفعية والصواريخ لمناطق سيطرة «داعش» في ريف حلب الشمالي الحدودي مع تركيا، ومعاقل التنظيم في ريف حلب الشرقي، خلال الساعات الـ48 الأخيرة، مشيرة إلى أن هذا القصف العنيف «ساهم في سيطرة قوات المعارضة السورية على قريتين كان (داعش) يسيطر عليهما في ريف حلب الشرقي».
وتواصلت الاستعدادات التي تقوم بها الفصائل المعارضة المدعومة من أنقرة في المناطق الحدودية المتاخمة لمناطق سيطرة «داعش» الممتدة على نحو 90 كيلومترا من الحدود التركية.
وقال القيادي المعارض المقرب من «أحرار الشام» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»، إن أحرار الشام «تسلمت مواقع جبهة النصرة بعد انسحاب الأخيرة منها، إثر الطلب منها القيام بهذا الإجراء»، مشيرًا إلى أن الأحرار أتمت الاستعدادات اللوجيستية قبل شهرين لخطوة مشابهة في حال تحققها. وأشار إلى أن لواء السلطان عبد الحميد استلم أيضًا النقاط التي كانت تشغلها جبهة النصرة، مشيرًا إلى أن الأحرار والتركمان باتا على تماس مع خطوط المواجهة المباشرة مع تنظيم داعش في ريف حلب الشمالي هذا. وتحدثت مصادر سورية معارضة لـ«الشرق الأوسط» عن أن تركيا طالبت المقاتلين التركمان بتسلم المواقع التي كانت تشغلها «النصرة»، ونفذ المقاتلون التركمان تلك التعليمات بعد انسحاب الجبهة التي أخلت مواقعها من دون جلبة.
ومن شأن هذه الخطوة أن تمهد الطريق أمام الفصائل الرئيسية التي سوف تقاتل «داعش» بدعم تركي – أميركي من الانتشار في هذه المناطق وخوض المعركة مع التنظيم، بعيدا عن حساسيات المجتمع الدولي من جبهة النصرة.
8:58 دقيقه
فصائل المنطقة الآمنة أكملت انتشارها بمواجهة التنظيم.. وأنقرة تتأهب
https://aawsat.com/home/article/503336/%D9%81%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%85%D9%86%D8%A9-%D8%A3%D9%83%D9%85%D9%84%D8%AA-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D9%88%D8%A3%D9%86%D9%82%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D8%A3%D9%87%D8%A8
فصائل المنطقة الآمنة أكملت انتشارها بمواجهة التنظيم.. وأنقرة تتأهب
«داعش» المسيطر الأول في الأرض السورية.. و«الحر» يحتفظ بـ8.7 % منها
- بيروت: ثائر عباس
- بيروت: ثائر عباس
فصائل المنطقة الآمنة أكملت انتشارها بمواجهة التنظيم.. وأنقرة تتأهب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة



