أوباما يطالب المتنازعين على بحر الصين الجنوبي بالكف عن عسكرة القضية

دعا في اجتماع قمة {آسيان} إلى التوقف عن بناء أي جزر صناعية

أوباما يطالب المتنازعين على بحر الصين الجنوبي بالكف عن عسكرة القضية
TT

أوباما يطالب المتنازعين على بحر الصين الجنوبي بالكف عن عسكرة القضية

أوباما يطالب المتنازعين على بحر الصين الجنوبي بالكف عن عسكرة القضية

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس في اجتماع لزعماء دول جنوب شرقي آسيا إن المتنازعين على بحر الصين الجنوبي يجب أن يتحاشوا إضفاء الطابع العسكري على القضية، وأن يكفوا عن بناء أي جزر صناعية.
وأضاف أوباما في اجتماع بين الولايات المتحدة وزعماء رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) العشرة أنه «يتعين على المتنازعين أن يتوقفوا عن أعمال الردم والبناء، وعسكرة المناطق المتنازع عليها من أجل استقرار المنطقة».
وتصر الصين على سيادتها على معظم مياه بحر الصين الجنوبي، وهو أمر تنازعها فيه أربع دول أعضاء برابطة آسيان، كما تقوم بتحويل أجزاء في أرخبيل «سبراتلي» إلى جزر صناعية، حيث أقامت مدرجات للطائرات ومنشآت أخرى عليها، وهو ما أثار قلقا في معظم أنحاء شرق آسيا إزاء نيات الصين وحرية الملاحة في ممر مائي، تعبر من خلاله حركة تجارة قيمتها خمسة تريليونات دولار سنويا.
وانضم إلى قمة «آسيان» في كوالالمبور أمس رئيسة كوريا الجنوبية باك جون هاي، ورئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي.
وشهدت علاقات اليابان مع الصين، التي يشوبها توتر ملحوظ بسبب تزايد جرأة بكين العسكرية، بعض التحسن في العام الماضي. لكن يظل هناك نزاع على الأرض منذ فترة طويلة بين اليابان والصين حول مجموعة جزر صغيرة غير مأهولة في بحر الصين الشرقي، تسمى سينكاكو في اليابان، ودياويو في الصين.
وفي الاجتماع دعا لي دول المنطقة إلى العمل معا والتغلب على العوائق أمام التنمية بقوله إنه «مع الاضطرابات السياسية والصراع في بعض المناطق.. ومع هذه الخلفية سوف تواجه التنمية الاقتصادية في منطقة آسيا والمحيط الهادي صعوبة في الحفاظ على قوة الدفع للصعود، في حين أنها لا تزال واحدة من المناطق الأكثر حيوية وتطورا في العالم».
ومن جانبها، تعهدت الصين بتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع دول رابطة جنوب شرقي آسيا خلال اجتماع أمس، إذ أكد رئيس وزراء الصين لي كه تشيانغ في مستهل الاجتماع أن «العلاقات مع رابطة دول جنوب شرقي آسيا هي من أولويات الدبلوماسية الصينية، ونحن ندعم ونثمن التنمية المتبادلة مع آسيان».
ومن المتوقع أن يكون النزاع بين الصين وعدد من الدول الأعضاء في «آسيان» على السيادة على بحر الصين الجنوبي في صدارة جدول أعمال قمة الرابطة للعام الحالي، رغم أن الصين لا تريد أن تكون القضية محور اهتمام الاجتماعات، ولكن الرئيس الأميركي باراك أوباما، الموجود في كوالالمبور لإجراء محادثات، حاول ممارسة ضغوط على الصين في هذا الشأن، وأكد تمسك بلاده بدورها المحوري في آسيا.
وكان أوباما قد طالب الصين يوم الخميس بوقف عمليات استصلاح الأراضي التي بدأت تحول سبع شعاب مرجانية في بحر الصين الجنوبي إلى جزر صناعية.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.