ليبيا: كوبلر يستهل عمله بزيارة طبرق والسراج ينفي تشكيل حكومة منفى

طيران الجيش الوطني يقصف مواقع الإرهابيين في بنغازي

مارتن كوبلر
مارتن كوبلر
TT

ليبيا: كوبلر يستهل عمله بزيارة طبرق والسراج ينفي تشكيل حكومة منفى

مارتن كوبلر
مارتن كوبلر

«أنا سعيد جدا».. بهذه العبارة المقتضبة، وبلغة عربية لا تخلو من لكنته الألمانية، حيا أمس الألماني مارتن كوبلر، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، أعضاء مجلس النواب الذين التقاهم بمقرهم في أقصى الشرق الليبي، وذلك في أول زيارة عمل له إلى ليبيا منذ توليه مهام عمله الأسبوع الماضي، بينما نفى فائز السراج، المرشح لرئاسة حكومة التوافق الوطني في ليبيا، اعتزامه تشكيل حكومة منفى في تونس.
وأجرى كوبلر محادثات في مدينة طبرق مع السلطات المعترف بها دوليا، حيث التقى مع محمد الدايري، وزير الخارجية الليبي، قبل أن يعقد اجتماعا مماثلا مع النائب الثاني لرئيس مجلس النواب أحميد حومة. وخلال هذا اللقاء دعا كوبلر إلى استئناف الحوار السياسي الليبي، الذي ترعاه بعثة الأم المتحدة، لكنه لم يعط أي وعود محددة لمحدثيه، وذلك في أول زيارة له من نوعها إلى ليبيا، بعد تعيينه خلفا للإسباني برناردينو ليون، الذي انتهت فترة ولايته خلال الأسبوع الماضي.
واعتبر كوبلر في مؤتمر صحافي، عقده بطبرق، أن زيارته الأولى إلى ليبيا تستهدف التأكيد على ثبات الموقف والاستمرارية في عمل الأمم المتحدة، مؤكدا أنه «حان الوقت لإبرام الاتفاق، وسوف أتناول العملية من حيث توقفت مع سلفي، ولا يمكننا إعادة فتح الاتفاق»، في إشارة إلى أنه لا يعتزم إجراء مفاوضات جديدة لتعديل الاتفاق، الذي تم إبرامه في منتجع الصخيرات بالمغرب في شهر يوليو (تموز) الماضي.
وتابع كوبر موضحا «أشجع مجلس النواب على التصويت الإيجابي»، وأكد في ذات السياق أن الأمم المتحدة لا تفرض أبدا على أحد، وتحترم دائما سيادة ليبيا. وبعدما قال «نحن لا نتحيز لأي طرف»، تعهد بأنه سيواصل العملية السياسية من حيث تركها سلفه الإسباني برناردينو ليون، مضيفا أن «ليون هو ليون، وكوبلر هو كوبلر، ونحن نريد الازدهار في هذا البلد. وهذا يعني الأمن والتنمية الاقتصادية». وسيتجه كوبلر لاحقا إلى العاصمة الليبية طرابلس لإجراء محادثات مع مسؤولي المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته وما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، قبل أن يزور دول الجوار الجغرافي لليبيا لاحقا.
من جهته، اعتبر فائز السراج، المرشح لتولي رئاسة حكومة الوفاق الوطني في ليبيا إذا ما نجحت مساعي الأمم المتحدة، أن ما نشرته إحدى الصحف التونسية حول اعتزامه تشكيل حكومة منفى في تونس «لا أساس له من الصحة نهائيا». وقال السراج في بيان وزعه مكتبه الإعلامي في القاهرة، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «هذه شائعات تهدف لإجهاض أي جهد ليبي لإنقاذ ليبيا من مستقبل مظلم»، وشدد في المقابل على أن «حكومة الوفاق الوطني هي تتويج لحوار الليبيين برعاية الأمم المتحدة، ولن تكون إلا كما يريد لها الليبيون حكومة للوفاق، وفقا لما نص عليه الاتفاق السياسي».
عسكريا، واصل الطيران التابع للجيش الوطني الليبي قصف مواقع الإرهابيين في مدينة بنغازي بشرق البلاد، حيث نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات الكرامة أن سلاح الجو الليبي، بجميع أنواعه، شن غارات جوية موسعة على تمركزات تابعة لتنظيم داعش في محوري الليثي بوعطني بالمدينة، مشيرا إلى أن قوات الجيش والوحدات المساندة له تخوض ما وصفه باشتباكات عنيفة مع بعض الجيوب للجماعات الإرهابية في عدة مناطق قريبة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.