موسكو تحذر من محاولات اختراق الحظر السياحي على مصر

الشركات السياحية الروسية تعوض زبائنها وتقترح وجهات أخرى

موسكو تحذر من محاولات اختراق الحظر السياحي على مصر
TT

موسكو تحذر من محاولات اختراق الحظر السياحي على مصر

موسكو تحذر من محاولات اختراق الحظر السياحي على مصر

بعد انتشار الأخبار حول استمرار محاولات بعض الوكلاء السياحيين في روسيا تسفير الراغبين في قضاء عطلة رأس السنة وأعياد الميلاد وإجازات نصف العام الدراسي في مصر إلى المقاصد السياحية المصرية عن طريق عواصم وسيطة، أعلن ديمتري ميدفيديف رئيس الحكومة الروسية عن ضرورة الالتزام بالقرار الصادر حول حظر السفر إلى المطارات المصرية.
وأشار في تصريحات أدلى بها في ختام قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي «أبيك»، أمس، إلى عدم جواز محاولات الالتفاف حول القرار، مشيرا إلى أن بلدان «أبيك» مستعدة لاستقبال السياح الروس، واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لضمان أمن عطلتهم، وذلك بعد تعليق الرحلات الروسية إلى مصر. وكشف عن «أن هذه البلدان، وانطلاقا من اعتبارات اقتصادية، تتطلع إلى استقبال السياح الروس وكسب المال من السياحة»، وأن مباحثاته مع رئيس فيتنام، ورئيس وزراء تايلاند تناولت هذه القضايا.
وكان ميدفيديف وصف في تصريحاته على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء وهجمات باريس بأنها جريمة ضد العالم كله، فيما دعا إلى عمل موحد ضد العدو المشترك، مشيرا إلى أن روسيا تستطيع الانتصار وحدها في الحرب ضد الإرهاب، كما يستطيع ذلك الغرب، لكن هذا سيكلفه غاليا. وبهذا الصدد، انتقد رئيس الحكومة الروسية محاولات بعض البلدان الغربية الهادفة إلى عزل روسيا، وهو ما قال: «إنه يبدو غريبا على ضوء الهجمات الإرهابية الأخيرة»، وقال: إنها تتسم بقصر النظر الذي يلحق الضرر بالعالم كله.
من جانبه، هدّد اتحاد الوكلاء السياحيين الروس في موسكو بمعاقبة الشركات السياحية التي تحاول تسفير السائحين الروس عن طريق أوكرانيا وبيلاروس وغيرهما إلى مصر. وقالت المصادر الروسية بأن الكثير من البلدان تتنافس اليوم حول استضافة السائحين الروس الذين كانت مصر تستقبلهم، والذين يفوق عددهم ثلاثة ملايين سائح، ويدرون عليها ما يقرب من ملياري دولار، حسب الإحصائيات الروسية.
من جهتها، نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» عن اتحاد الوكلاء السياحيين الروس أن شركات السياحة في موسكو بدأت في تحويل عروضها السياحية من مصر إلى بلدان أخرى ومنها تركيا وتونس، بعد الإعلان عن وقف الرحلات الجوية مع مصر في أعقاب كارثة طائرة الركاب الروسية. وأشارت إلى أن شركة «بيغاس توريستيك» و«كورال» للسياحة والسفر، و«نورد ويند»، و«بريسكو» عرضت على السائحين الروس الذين كانوا قد دفعوا سابقا ثمن رحلاتهم إلى منتجعات مصرية أن يتوجهوا إلى منتجعات تركيا السياحية، في حين أعلنت شركة «بيبليو غلوبوس» عن استعدادها لإرسال زبائنها إلى قبرص بدلا من مصر. ونقلت «نوفوستي» ما أشار إليه البيان الصادر عن شركة «بيغاس توريستيك» حول ما يطرحه من عروض على السائحين الروس الذين كانوا ابتاعوا فيما سبق بطاقات قضاء إجازاتهم في شرم الشيخ والغردقة، استبدالها بمنتجعات في تركيا، ومنها أنطاليا. في حين اقترحت شركة «تي يو آي» السياحية الكثير من البدائل في بلدان أخرى، إضافة إلى أنها أعربت عن استعدادها لإعادة ثمن البطاقات السياحية دون أي خصم من جانبها.
وحول احتمالات استئناف السياحة الروسية إلى مصر، أعلن ماكسيم سوكولوف، وزير النقل الروسي، أن «هذه المسألة تعتمد على نتائج تفتيش المطارات المصرية الذي أجرته وتجريه الأجهزة الخاصة، وكذلك ممثلون عن الوكالة الروسية للطيران والهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة في مجال النقل وغيرهما من المؤسسات». وأضاف الوزير الروسي أن «عملية التفتيش انتهت في بعض الأماكن ولا تزال مستمرة في غيرها»، فيما أكد أن العمل لا يزال يتواصل بالتعاون مع السلطات المصرية في هذا الشأن، لكنه لم يكشف عما إذا كان من الممكن استئناف الرحلات إلى مصر قبل نهاية العام الحالي.
وكان ميدفيديف قد أعلن عن تشديد الرقابة ومتابعة الالتزام بإجراءات الأمن والسلامة في 47 من مطارات العالم، منها 12 مطارا عربيا، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والكويت وتونس والجزائر، إلى جانب 35 مطارا آخر في تركيا والنمسا وغيرهما من البلدان الأوروبية. وفي هذا الشأن، أكّدت هيئة الطيران المدني «روس افياتسيا» على تعليماتها إلى كل شركات الطيران الروسية التي تقوم بالرحلات الجوية إلى هذه البلدان حول «ضرورة الالتزام بإجراءات أمنية عالية لجميع الرحلات الجوية الروسية المنتظمة والشارتر والترانزيت». كما أوصت بتوفير ما قد يستلزم هذه الرحلات من مخزون احتياطي من المواد الغذائية الجافة ومياه الشرب، فضلا عن التقيد بتنظيم صيانة الطائرات من قبل الكوادر الفنية لشركة الطيران أو طاقمها إن أمكن، والتقليل من جميع الخدمات الأرضية في مطارات الدول المذكورة في القائمة، وفي حال إجراء صيانة في مطارات هذه البلدان يُوصى طاقم الطائرة بمراقبة مراحل عملية الصيانة.
وكشفت المصادر السياحية الروسية عن بدء تحويل السائحين الروس الذين كانوا في معظمهم يفضلون قضاء عطلاتهم وإجازاتهم في المنتجعات المصرية إلى تركيا وتونس. وأشارت وكالة أنباء «إنترفاكس» إلى سفر طائرة روسية إلى تونس، وعلى متنها 79 سائحا كان من المخطط أن يقضوا عطلتهم في مصر. وقالت: إنه تم «استقبال الوفد السياحي على أنغام الموسيقى التقليدية والشعبية التونسية». وأضافت أن وكالة السفر الروسية قررت تنظيم رحلة أسبوعية في اتجاه مدينة المنستير السياحية بعدما كانت تتجه نحو منتجع شرم الشيخ قبل تفجير الطائرة الروسية وسقوطها فوق سيناء في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.