اشتباكات مفاجئة بين ميليشيات مسلحة في العاصمة الليبية طرابلس

الألماني كوبلر خلف ليون في رئاسة بعثة الأمم المتحدة ويتعهد باستمرار الحوار

اشتباكات مفاجئة بين ميليشيات مسلحة في العاصمة الليبية طرابلس
TT

اشتباكات مفاجئة بين ميليشيات مسلحة في العاصمة الليبية طرابلس

اشتباكات مفاجئة بين ميليشيات مسلحة في العاصمة الليبية طرابلس

في تطور مفاجئ، اندلعت أمس اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة متناحرة فيما بينها في عدة مناطق بالعاصمة الليبية طرابلس، وفقا لما أكده شهود عيان ومصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط». ووقعت الاشتباكات بسبب قيام ميليشيات تابعة لأغنيوة الككلي باعتقال عناصر من مدينة مصراتة تابعة لما يسمى ميليشيات فجر ليبيا، التي تهيمن منذ العام الماضي على المدينة بقوة السلاح.
وقال سكان محليون إن الميليشيات المسلحة استخدمت الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في القتال الذي استمر لعدة ساعات قبل أن يتوقف نسبيا، بينما لم تتحدث أي مصادر رسمية عن سقوط ضحايا نتيجة هذه الاشتباكات.
وأعلنت غرفة عمليات فجر ليبيا في بيان مقتضب نشرته عبر صفحتها الرسمية أنه «تم الاتفاق مع الككلي على عدم المساس بأي شخص يتبع مصراتة أو التعرض له»، مهددة بأنه «إذا خالف الاتفاق سيكون الرد مباشرا من ثوار مصراتة»، على حد تعبيرها.
وتجاهلت السلطات غير المعترف بها دوليا في طرابلس هذه التطورات، حيث التزم المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق وحكومته الموازية، الصمت ولم يصدر أي تعليق رسمي بشأن تجدد الاشتباكات في العاصمة طرابلس التي تخضع لهيمنة المسلحين وسط عجز الدولة والجيش التابع لها.
تزامنت هذه الأحداث، مع تعهد رئيس بعثة الأمم المتحدة الجديد والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الألماني مارتن كوبلر، الذي استلم أمس رسميا مهام عمله خلفا للمبعوث السابق الإسباني برناردينو ليون، بالمضي قدما لتحقيق السلام الذي يصبو إليه الشعب الليبي.
وعد كوبلر في أول تصريحات له في بيان وزعته البعثة الأممية أنه «لا يمكن تحقيق الاستقرار واستعادة هيبة الدولة إلا من خلال الحوار والوحدة»، مضيفا: «من واجبنا تجاهه أن نتحرك بسرعة وبإصرار، فمعًا يجب علينا تحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية ومعالجة وضع حقوق الإنسان، وتقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على أهبة الاستعداد للمساعدة».
وأعلن أنه سيقوم خلال الأيام القليلة القادمة بالاستماع إلى أعضاء الحوار السياسي ومجلس الرئاسة المقترح إضافة إلى غيرهم من الشركاء الليبيين وذلك لمعالجة العدد الصغير المتبقي من القضايا العالقة وإنجازها.
وتابع: «إنني عازم على الاستناد إلى الزخم الحالي لإقرار الاتفاق السياسي الليبي في المستقبل القريب»، مشيرا إلى أنه يعتزم على سبيل الأولوية، مناقشة المسائل ذات الصلة بالأمن مع مختلف الجهات الليبية الفاعلة.
وقال كوبلر «وسوف أؤكد للجميع على ضرورة الاستفادة من الدعم القوي الموجود داخل ليبيا ولدى المجتمع الدولي والشركاء الإقليميين لتحقيق سلام دائم في ليبيا، فليس بمقدورنا إهدار العمل المضني الذي بُذل لغاية الآن».
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في بيان لها أن الفريق الإيطالي باولو سيرا انضم إليها بصفة مستشار أقدم للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة حول مسائل قطاع الأمن ذات الصلة بعملية الحوار، مشيرة إلى أن لديه خبرة عسكرية واسعة النطاق في عمليات السلام المتعددة الجنسيات، علما بأنه عمل رئيسًا للبعثة وقائدًا لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان من 2012 إلى 2014.
ويحل كوبلر محل ليون الذي سعى جاهدا لفترة طويلة لاتفاق الفصائل المتنافسة في ليبيا على الوحدة لكنه لم ينجح، بعدما تعرض لسلسلة من الموافق المحرجة في الآونة الأخيرة. منها دفاعه عن قراره مطلع الشهر الحالي بقبول وظيفة براتب كبير للإشراف على أكاديمية دبلوماسية في الإمارات، ونفى وجود تضارب في المصالح. ومن المتوقع أن يشمل موقع ليون الجديد تدريب مبعوثين في واحدة من أكثر الدول العربية انخراطا في الأزمة الليبية.
بعدها قال ليون الأسبوع الماضي إنه يريد «توضيحا كاملا» لتقرير صحافية نقل رسائل بريد إلكتروني تشير إلى أن الإمارات تشحن أسلحة إلى فصائل ليبية في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على البلاد.
وقدمت بعثة الأمم المتحدة خلال فترة عمل ليون إلى طرفي النزاع مسودة اتفاق سياسي شامل يهدف إلى إدخال البلاد في مرحلة انتقالية لعامين تبدأ بتشكيل حكومة وفاق وطني ومجلس رئاسي.
وما زال مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، مقرا له، لم ينته بعد من تشكيل لجنته الجديدة للحوار الذي ترعاه البعثة الأممية. وعلق المجلس جلسته لكنه ناقش مبادرة قدمها أعضاء الجنوب بخصوص مخرجات الاتفاق السياسي.
إلى ذلك، قالت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني في بيان أمس إنها أذنت بصرف مبلغ مالي قدره 100 مليون دينار ليبي للقيادة العامة للجيش الليبي لمقتضيات المصلحة العامة.
كما أعلنت الحكومة أن الثني شارك أمس في مراسم تولي وكيل وزارة الداخلية المكلف العميد محمد الفاخري حقيبة وزارة الداخلية، خلفا للوكيل السابق العقيد مصطفى الدباشي.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.