لورنس ألماني ساعد القبائل العربية ضد البريطانيين

فريتس كلايين تمرد على قيادته وفجر أنبوب نفط.. وقدم فحمًا للجيش العثماني

كلاين مع قواته  -  صورة من بين آلاف الصور التي أهداها ابنه قبل وفاته إلى الدولة
كلاين مع قواته - صورة من بين آلاف الصور التي أهداها ابنه قبل وفاته إلى الدولة
TT

لورنس ألماني ساعد القبائل العربية ضد البريطانيين

كلاين مع قواته  -  صورة من بين آلاف الصور التي أهداها ابنه قبل وفاته إلى الدولة
كلاين مع قواته - صورة من بين آلاف الصور التي أهداها ابنه قبل وفاته إلى الدولة

الجميع يعرف لورنس العرب الذي عمل لصالح مخابرات الإمبراطورية البريطانية، لكن لم يسمع أحد بالضابط الألماني فريتس كلاين (1877 - 1958) الذي لم يرسل في مهمة جاسوسية بل كان ضابطا عاديا في جيش الإمبراطورية الألمانية يومها، إلا أنه تمرد على أوامر قيادته وساعد الكثير من الثوار في العراق وبلاد فارس ضد الاحتلال البريطاني. فهذا الضابط الألماني له مآثر كثيرة، حيث فجر أنبوب نفط اعتمد عليه الأسطول البريطاني في الخليج العربي واخترع الألغام العائمة القابلة للتوجيه لضرب مكامن الجنود الروس والبريطانيين واستخرج من منجم الفحم الحيوي بالقرب من بغداد الفحم ومد الجيش العثماني به وقام بتلقيح السكان هناك ضد الطاعون.
وكلاين ابن عائلة صناعية في زيغرلاند (ولاية وستفاليا) لم يكن لديه ميول للعمل الأكاديمي أو العمل في ميدان التجارة أو الصناعة، بل قرر الالتحاق بجيش الإمبراطورية البروسية والعمل تحت لواء العثمانيين، ففي الحرب العالمية الأولى كانت ألمانيا متحالفة مع الإمبراطورية العثمانية، وأرسلت ضباطا وجنودا للقتال في الشرق الأوسط نيابة عنها.
ولقد ظل نشاط الضابط فريتس كلاين وما قام به في الحرب العالمية الأولى طي النسيان إلى أن كشفه المؤرخ الألماني فياتس فيتسكس وكان في أرشيف وزارة الخارجية الألمانية، ليعيد الاعتبار لهذا الضابط بعد مرور قرن مستعينا بأكثر من 500 صورة التقطها كلاين خلال مهماته في الشرق وفي ساحات الحرب ولمقاتلين عرب وألمان قادهم في القتال وبرسائل للقيادة البروسية والخارجية البروسية كانت بحوزة ابنه الذي توفي عن عمر يناهز 95 سنة فتحول الأرشيف إلى معرض في مدينة فيسل الألمانية وكتاب صدر مؤخرا. ويطلق اليوم على كلاين اسم «لورنس الألماني». كان لورنس البريطاني ضد الأتراك عميلا لبريطانيا أما فريتس كلاين فكان ضابطًا بروسيًا متعاونًا مع العثمانيين والعرب ضد التاج البريطاني الذي كان يحتل الشرق الأوسط.
* من دبلوماسي إلى عسكري
وقصة فريتس كلاين الضابط في الجيش البروسي غير عادية، إذ إن الشرق سحره كما سحر كثيرًا من الأوروبيين إلى درجة قرر فيها عام 1904 القيام برحلة حول العالم وخصّ منطقة الشرق الأوسط بجزء منها. وكثرة شغفه بهذه المنطقة جعله يسعى لدى الحكومة البروسية للعمل، حيث التحق عام 1910 بوزارة الخارجية الألمانية لكنه تمكن من الانتقال للعمل في الخارج لمدة ثلاث سنوات قضى منها عامين في طهران والقاهرة. وبسبب خبرته ومعلوماته الوفيرة التي جمعها خلال رحلته إلى الشرق عين في البداية للمهمات السرية لكن في نفس السنة تبوأ مركز قائد مجموعة كوماندوز تعمل هناك، ومنذ ذلك الحين فتح عينيه أكثر على عالم الشرق الذي لم يعد يستطيع الابتعاد عنه.
لكن في خريف عام 1914 بدأ عمله الحقيقي كعسكري حسب ما أراد. فبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى أصبح ضابطا تحرك مع جنوده عبر القسطنطينية (إسطنبول اليوم) إلى حلب ثم بغداد وغرب بلاد فارس، وتعاون هناك مع القبائل العربية من أجل التصدي للاستعمار البريطاني. في هذه الأثناء قررت برلين البحث عن وسيلة لنزع حقول النفط في العراق من البريطانيين، ومع أن الألمان كانوا يساندون الإمبراطورية العثمانية لكن كانت لهم أهدافهم الخاصة وهي تقليص النفوذ البريطاني في منطقة الشرق الأوسط وساهم كلاين في دعم هذا التوجه.
في هذا الوقت سعى الضابط كلاين إلى تحقيق أهداف خطط لها، منها الاستغناء عن التعاون مع العثمانيين باعتماده على التقارب مع القبائل الفارسية والعربية، خاصة وأنه كان يتقن اللغة الفارسية، وهذا أدى إلى سماعه انتقادات من قبل القيادة البروسية بسبب أفكاره الداعية إلى الاتحاد بين الشرق والغرب.
والمطّلع على مذكرات هذا الضابط يعرف أنه لم يكن عسكريا عاديا، ففي عام 1914 شكل فرقته من علماء آثار ومهندسين وتجار وفلاسفة عاش كثير منهم في الخارج، وفي حلب استعان بخدم وطباخين وبحارة وأضاف إليهم 300 سجين نمساوي فروا من السجون الروسية، فأصبح لديه فرقة فيها كل المواصفات للعمل في أي مكان.
ومن أهم المهمات التي قام بها مع فرقته تفجير أنبوب النفط البريطاني من أجل إيقاف تزويد الأسطول البريطاني بالوقود. ولقد تحدثت الصحف البريطانية يومها عن فداحة الخسائر. ففي 22 مارس (آذار) 1916 عبرت فرقة كلاين منطقة الأهواز العراقية حيث أنبوب النفط البريطاني، وبالتعاون مع قبائل عرب هناك تم نسف أنبوب النفط (طوله 350كلم) وحسب تقرير شركة أنجول بيرزين للنفط بلغ حجم الخسائر أكثر من 320 مليون لتر.
وعندما لم يعد لدى الأسطول التركي المرابط في مياه نهري دجلة والفرات فحم حجري كوقود أرسل كلاين مهندسي التعدين لديه لاكتشاف مناجم بالقرب من بغداد، فعين صانع أقفال نمساوي مديرا للمنجم واستعان بنادل ألماني كي يقود قافلة الجمال المؤلفة من ألف جمل حاملة الفحم الحجري إلى الأسطول التركي. ووصلت مغامراته إلى حد غير عادي، إذ إنه لم يخش انقطاع المال الذي كان يرسله القيصر للبعثة، فكتب في مذكراته أنه نسف خزائن الروس والإنجليز وسرق حتى السجاد المخّزن وترك المخازن فارغة.
لكن الوجه الآخر من مغامرات كلاين وفرقته كان مأساويا، ففي طريق العودة من عملية نسف أنابيب النفط كان عليهم عبور الصحراء وسلوك الطريق المحاذي لدجلة، ما عرضهم عدة مرات للسلب من قبل عصابات الصحراء وأنقذوا على أيدي نساء في قرى عثمانية، وكاد بعضهم يموت من لدغ الحشرات والأفاعي إلى أن وصلوا إلى مقر القيادة العسكرية العثمانية من دون أحذية وملابس تستر أجسامهم شبه العارية.
وبعد هذه المعايشات السلبية اعتقد كلاين أن الصور التي التقطها لعملية نسف الأنابيب سوف تظهر في الصحف الألمانية إلا أن موقف الحكومة البروسية خيب أمله بسبب الرقابة العسكرية التي رأت أن نشر الصور يحط من صورة الجيش البروسي القتالية في الشرق.
وكان كلاين شاهدا على المجازر التي اقترفها الأتراك بحق الأرمن، وتمكن عبر تدخله المباشر وكان وقتها قائدا لفرقة ألمانية مرابطة في غرب بلاد فارس من منع اتساع دائرة المجزرة، وكشاهد قال في مذكراته: «يعجز اللسان عن وصف هذا الأعمال الوحشية».
وبعد تعيينه ضابط ارتباط في بلاد فارس زاد نشاطه فبحث عن وسائل اتصال مع الديمقراطيين في بلاد فارس، إلا أن مساعيه لم تنجح في كسبهم إلى جانب الإمبراطورية البروسية التي لم يكن لديها سوى هدف واحد وهو تدعيم التعاون مع الإمبراطورية العثمانية. ولقد حصل كلاين على امتياز كقائد لمنطقة غرب فارس فاعتقد أن مركزه سوف يسمح له بتقديم المزيد من الحماية للأرمن إلا أن الهيكلية الجديدة للقيادة هناك أفشلت مساعيه.
لكن هذا الفشل لم يثنه عن إكمال الطريق الذي سلكه من أجل مساعدة القبائل العربية ضد الاحتلال البريطاني على شتى الأصعدة بعدما لمس التناقض بين السياسة الألمانية والعثمانية الرسمية التي كانت تهدف إلى الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط والرغبة لدى القبائل العراقية والفارسية للتخلص من النفوذ العثماني. كما انتقد بشدة السياسة الألمانية في الشرق الأوسط حيث كتب في مذكراته: «إن الألماني كموظف وكضابط غير مناسب جدا لمنطقة الشرق الأوسط، ليس بسبب نقص معلوماته وقدراته، فهو متفوق في كل شيء بل بسبب عقليته العسكرية وغياب قدرته على التوفيق»، فنقد كهذا لم يكن يمكن سماعه من ضابط يخدم في الجيش البروسي المعروف بصرامته يومذاك.
كما اعتبر الحرب العالمية الأولى بداية فصل من فصول الرأسمالية، والرأسمالية والإمبريالية محكوم عليهما بالفشل وهو يدعم الفكر الداعي إلى التفاهم بين العالمين. وكتب في مذكراته: «إن القيم الجوهرية للشرق الأوسط تجعلني متأكدا من أنه لا يمكننا تسجيل نجاح عبر تدخلنا العسكري، إن الشرق والغرب وحدة واحدة ويجب أن يكمل الواحد الآخر».
وبهذا اعتبر كلاين الضابط الألماني الذي كان يتعين عليه التعاون مع العثمانيين جسرا روحيا بين الشرق والغرب، لكن بعد عودته إلى بلاده انعزل عن العالم من أجل تسجيل مذكراته بالتعاون مع صحافي ألماني.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».