الأمين العام للجامعة العربية: السعودية عرضت استضافة مؤتمر للمعارضة السورية

يهدف إلى تسمية الوفد المفاوض للنظام.. وإيران تتمسّك بمشاركة الأسد في الانتخابات الرئاسية

أطفال سوريون لاجئون يلعبون قرب خيمتهم في مخيم مؤقت ببلدة طيبة شرق سهل البقاع اللبناني حيث توفر {أطباء بلا حدود} خدمة تنظيم الأسرة للأمهات (أ.ف.ب)
أطفال سوريون لاجئون يلعبون قرب خيمتهم في مخيم مؤقت ببلدة طيبة شرق سهل البقاع اللبناني حيث توفر {أطباء بلا حدود} خدمة تنظيم الأسرة للأمهات (أ.ف.ب)
TT

الأمين العام للجامعة العربية: السعودية عرضت استضافة مؤتمر للمعارضة السورية

أطفال سوريون لاجئون يلعبون قرب خيمتهم في مخيم مؤقت ببلدة طيبة شرق سهل البقاع اللبناني حيث توفر {أطباء بلا حدود} خدمة تنظيم الأسرة للأمهات (أ.ف.ب)
أطفال سوريون لاجئون يلعبون قرب خيمتهم في مخيم مؤقت ببلدة طيبة شرق سهل البقاع اللبناني حيث توفر {أطباء بلا حدود} خدمة تنظيم الأسرة للأمهات (أ.ف.ب)

أكد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي أنه تم خلال الاجتماع الأخير في فيينا، الاتفاق على بدء مفاوضات بين وفود من الحكومة والمعارضة في يناير (كانون الثاني) المقبل، موضحا أن الحكومة السورية أبلغت المبعوث الأممي الخاص دي ميستورا بأسماء وفدها، بينما عرضت السعودية استضافة وفود من المعارضة المعتدلة خلال الشهر المقبل للاتفاق على أسماء الوفد الذي سيذهب إلى مفاوضات يناير المقبل. هذا في الوقت الذي قال فيه أمير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الإيراني أمس، إن إيران تتمسّك بمشاركة الأسد في الانتخابات الرئاسية.
وتعهدت الدول الخمس دائمة العضوية في اجتماع فيينا الأخير، بضرورة التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يتضمن ما تم الاتفاق عليه في فيينا، والذي يرتكز على عنصرين أساسيين، أولهما وقف إطلاق النار، تليه عملية مراقبة لمتابعة تنفيذ القرار من خلال إيفاد مراقبين أو قوات حفظ سلام.
واعتبر العربي في تصريحات للصحافيين، أمس، في القاهرة، أن اجتماع فيينا الذي شاركت الجامعة العربية في جانبه السياسي كان محاولة لتنفيذ وثيقة «جنيف - 1» الصادرة في 30 يونيو (حزيران) 2012. وقال إن الاتجاه الراهن بين الدول التي شاركت في الاجتماع هو استصدار قرار من مجلس الأمن في إطار عملية تقودها الأمم المتحدة من خلال مبعوثها الخاص بسوريا ستيفان دي ميستورا ونائبه عز رمزي الدين. وأوضح أن القرار سيتضمن عملية مراقبة على غرار قرارات سابقة من الأمم المتحدة عند وقف القتال في مناطق النزاع المختلفة، وبالتالي لا بد أن يتبع قرار وقف إطلاق النار عملية مراقبة من خلال قوات حفظ سلام أو من خلال إيفاد مراقبين على غرار عمليات سابقة، كما هو على الحدود بين الهند وباكستان، أو قوات قتالية كما في كوريا، بهدف متابعة تنفيذ القرار والتحقق من عدم وجود أي اختراقات للقرار وإخطار مجلس الأمن، موضحا في هذا الصدد أن عملية المراقبة لها درجات مختلفة.
وأشار الأمين العام إلى أن المناقشات الأخيرة في فيينا أظهرت وجود عزم كبير على إنهاء النزاع السوري من خلال وقف إطلاق النار، لكن السؤال المثار حاليا هو متى سيتم وقف إطلاق النار، ومتى سيتم البدء في العملية السياسية؟ موضحا أن أغلب الدول ترى ضرورة الالتزام ببيان «جنيف - 1» عدا اختلافات في وجهات النظر في هذا الموضوع من قبل إيران وروسيا. وأضاف العربي أن هناك إجماعا على موضوع الإصلاحات السياسية حتى من قبل روسيا وإيران. وأرجع الاتفاق الذي تم التوصل إليه في فيينا بشأن موضوع الإصلاحات في سوريا، إلى إدراك من الجميع بأن الكل أصبح متورطا أكثر من اللازم ولهذا ظهرت الرغبة في الحل، بينما بدت الخلافات بشأن الرغبة التي تؤيد بقاء النظام، وهل يبقى الأسد أم لا؟
وأعلن الأمين العام استعداد الجامعة العربية للمشاركة في الاجتماعات المقبلة من أجل توحيد موقف المعارضة، خاصة وأن الجامعة ساهمت من قبل في مثل هذه الاجتماعات وأعدت وثائق في هذا الشأن. وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك اتجاه نحو إعادة سوريا لشغل مقعدها «الشاغر» في الجامعة العربية؟ قال العربي إن هذا الموضوع غير مطروح حاليا.
وفي رده على سؤال بشأن الأحداث الإرهابية التي تشهدها دول العالم، وآخرها لبنان وفرنسا، حذر الأمين العام من تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا، وقال إنه من غير المقبول ربط الإرهاب بالعرب والمسلمين، ودعا مجددا لتضافر الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وخصوصا تنظيم داعش الإرهابي والأفكار المتطرفة. وأوضح في هذا الإطار إلى أنه سبق الاجتماع السياسي الأخير في فيينا عقد اجتماع سابق يوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي تم خلاله بحث الاتفاق على تبادل المعلومات بشأن الجماعات الإرهابية والقوائم التي تندرج تحت الإرهاب، موضحا أن الجامعة لم تشارك في هذا الاجتماع باعتباره خاصا بالدول التي لديها أجهزة استخبارات.
من جانبه، قال زياد أبو حمدان، المعارض السوري وعضو الائتلاف الوطني السوري، إن الائتلاف سيناقش قريبًا الأسماء التي من المفترض أن تشترك في المحادثات المقبلة بشهر يناير، بناء على عرض السعودية، وستكون في المجالين العسكري والسياسي.
وأكد أبو حمدان، لـ«الشرق الأوسط» أن موقف الرياض بالدعوة لاستضافة وفود من المعارضة المعتدلة خلال الشهر المقبل، يمثل دعم السعودية تجاه الأزمة السورية بشكل عام، ودعم المعارضة المعتدلة في سبيل الوصول إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة بسوريا.
وشدد عضو الائتلاف السوري، على أن الرياض طالبت بتوسيع قاعدة المعارضة السورية لكي تشمل كل أطياف المجتمع السوري، موضحًا أن السعودية كان لها الدور الأساسي والرئيسي في المطالبة بتوسيع دائرة المعارضة السورية، ورفض قصرها على أطياف محددة، مشددًا على ضرورة أن يكون التمثيل متوازنا في أي محادثات مقبلة.
في سياق آخر، جددت إيران عبر نائب وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، تمسكها بـ«بقاء الأسد طرفًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا»، معتبرة أن القرار يعود للأسد بالمشاركة أو عدمها في الانتخابات. وهو ما استدعى ردًا من الائتلاف الوطني السوري، بقول نائب رئيسه هشام مروة، إن «بيان جنيف يتحدث عن مرحلة انتقالية لا مكان فيها للأسد»، محذرًا من أن «بقاءه يومًا واحدًا في السلطة خلال المرحلة الانتقالية ينسف كل الاتفاقات».
وعلى الرغم من اختلاف الموقف الإيراني حيال مصير الأسد، عن كل الدول التي شاركت في لقاءات فيينا، فإنه لا يخرج عمّا تطمح إليه طهران وتحارب من أجله، وهذا ما عبّر عنه الخبير اللبناني في الشؤون الإيرانية أسعد حيدر، الذي رأى أنه من الطبيعي في فترة مفاوضات طويلة وشاقة ومتعددة اللقاءات، وفي ظل عدم الحسم العسكري على الأرض، أن يعمل كل طرف على تدعيم موقفه والتصلب أكثر للتفاوض من موقع القوة.
وقال حيدر لـ«الشرق الأوسط»: «لا شكّ أن إيران متمسكة ببقاء الأسد أكثر من الروس، وهي تفاوض على هذه المسألة الأساسية، لأن الأسد وسوريا بالنسبة لطهران أهم مما هو عند موسكو و(الرئيس الروسي فلاديمير بوتين)». مشيرًا إلى أن بوتين يفاوض من أجل قاعدة بحرية على المتوسط ومن أجل أوكرانيا، أما إيران فتعتبر أن الأسد حديقتها الخلفية للوصول إلى فلسطين ولبقاء خطوط إمداد حزب الله، ولذلك هي تعتبر الأسد خطًّا أحمر.
وعن سبب التصلب الإيراني والتمايز عن الروس الذين يمسكون الآن بالقرار في سوريا، سأل حيدر: من قال إن الروس هم من يمسك بالقرار في سوريا؟ مستطردا: الروس موجودون في الجو، وهم وضعوا مهلة زمنية لمهمتهم العسكرية في سوريا، بينما الإيرانيون هو من يمسك بالأرض عبر قواتهم الخاصة وحزب الله والميليشيات العراقية والأفغانية وغيرها، وقتاله ليس مقيدًا بمدة زمنية محددة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.