العلم العراقي يتسبب في أزمة بين أربيل وبغداد بعد تحرير سنجار

الجبوري يحذر من التغيير الديموغرافي

مقاتل كردي يثبت علم اقليم كردستان على مبنى في المدينة المحررة سنجار (أ. ف. ب)
مقاتل كردي يثبت علم اقليم كردستان على مبنى في المدينة المحررة سنجار (أ. ف. ب)
TT

العلم العراقي يتسبب في أزمة بين أربيل وبغداد بعد تحرير سنجار

مقاتل كردي يثبت علم اقليم كردستان على مبنى في المدينة المحررة سنجار (أ. ف. ب)
مقاتل كردي يثبت علم اقليم كردستان على مبنى في المدينة المحررة سنجار (أ. ف. ب)

لم تمر سوى أيام قلائل على تحرير قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى من قبل قوات البيشمركة الكردي، وبإسناد أميركي غير مسبوق عبر الطيران حتى تحول إلى أزمة بين بغداد وأربيل بسبب عدم رفع العلم العراقي على مبنى قائمقاميته وتصريح لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بأن سنجار أصبح جزءا من إقليم كردستان.
وفيما هددت عصائب أهل الحق وهي أحد الفصائل الشيعية المسلحة، قادة الإقليم بأنها لن تسكت عما أسمته احتلال البيشمركة لقضاء سنجار، فإن رئيس البرلمان سليم الجبوري حذر مما أسماه من التغيير الديموغرافي في المناطق المختلطة وهي المناطق المختلف على عائديتها بين أربيل وبغداد والمشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي.
وقال الجبوري في كلمة له خلال احتفالية الأمم المتحدة بيوم التسامح العالمي التي أقيمت في فندق بابل وسط بغداد، إن «العراق فقد الكثير من المناطق المختلطة وهذا خطر كبير لا يمكن الاستسلام له ولا يمكن أن نستجيب للتغير الديموغرافي». وأضاف الجبوري أن «هجرة السنة والشيعة لمناطقهم أدى إلى خلو المناطق المختلطة من سكانهم الأصليين»، مشيرًا إلى أن «الولاء للوطن لا يتعارض مع الولاء للانتماءات الثانوية، لكن لا بد أن تكون الأولوية للوطن».
وتابع الجبوري أن «التعايش يتطلب القبول بالتعددية والاحترام للمكون الثقافي ويفترض معرفة الآخر والانفتاح عليه والاتصال به والتعايش معه»، لافتًا إلى أن «أهم الفرص التي تضمن دوام التعايش هي الجامعات التي تحتضن شريحة من الشباب المثقف يسهم في تدعيم الثقافة».
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي دعا رئاسة إقليم كردستان إلى رفع العلم العراقي على قضاء سنجار، معدا أن عملية تحريره تمت بمشاركة من القوات الاتحادية من خلال طيران الجيش والفرق الهندسية وهو ما فند تصريحات رئيس الإقليم مسعود بارزاني التي أكد فيها أن عملية تحرير القضاء تمت من خلال البيشمركة والطيران الأميركي، معلنا أن القضاء جزء من إقليم كردستان. وفيما اكتفت الحكومة الاتحادية بتوضيحات العبادي بشأن سنجار، فإن عصائب أهل الحق عدت أن فرض واقع أو «تمدد من قبل الكرد» على حساب بقية المكونات أمر مرفوض من جميع العراقيين.
وقال المتحدث باسم العصائب نعيم العبودي في تصريح تلفازي أمس الاثنين، إن «قضاء سنجار ومحافظة كركوك وبقية المناطق المختلف عليها ستبقى عراقية، بعد أن صرح رئيس الإقليم مسعود بارزاني بعد تحرير سنجار، أنه لا يُرفع علم فوق مباني القضاء سوى العلم الكردي». وأضاف العبودي، أن «واحدا من الأشياء المهمة التي يجب على بارزاني أن يفهمها، أن هناك أراضي لا يمكن ضمها أو رسم خرائط معينة أو حدود محافظات بالدم، وإنما يجب أن يكون هناك حوار واتفاق بين جميع الأطراف»، معتبرا أن «رفع العلم الكردي فوق سنجار يمثل ابتزازا للآخرين، وأن كردستان تابع للعراق ويجب أن يخضع للحكومة المركزية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.