{النينيو} ترسل ضيوفًا غرباء إلى سواحل كاليفورنيا

ظاهرة مناخية تتسم بدفء سطح المياه في المحيط الهادي

طوائف مختلفة من الأسماك من شتى الأشكال والألوان اتجهت من المكسيك إلى مياه المحيط
طوائف مختلفة من الأسماك من شتى الأشكال والألوان اتجهت من المكسيك إلى مياه المحيط
TT

{النينيو} ترسل ضيوفًا غرباء إلى سواحل كاليفورنيا

طوائف مختلفة من الأسماك من شتى الأشكال والألوان اتجهت من المكسيك إلى مياه المحيط
طوائف مختلفة من الأسماك من شتى الأشكال والألوان اتجهت من المكسيك إلى مياه المحيط

شوهدت للمرة الأولى قبالة سواحل كاليفورنيا أسماك البليني كبيرة الفم قرب سان دييجو التي كانت تشاهد في السابق إلى الجنوب من كاليفورنيا قبالة باجا كاليفورنيا بالمكسيك. كما رصدت أيضا سمكة الدم الصغيرة الزاهية اللون هذا العام قبالة سان دييجو، وشوهدت سمكة البور الرقطاء ذات الأشواك قبالة سواحل لوس أنجليس، وجميع هذه الأنواع قلما تشاهد في مياه كاليفورنيا.
وقال ميلتون لاف الباحث في علوم البحار بجامعة سانتا باربرا بكاليفورنيا: «يبدو أن كل سمكة مدارية حجزت تذكرتها إلى جنوب كاليفورنيا». وقال الباحثون إن بعض الأسماك قطعت هذه الرحلة شمالا في صورة يرقات تجرفها تيارات المحيط قبل أن تصبح أسماكا يافعة.
جلبت هذه الأسماك التيارات البحرية الدافئة الناشئة عن ظاهرة النينيو طوائف مختلفة من الأسماك من شتى الأشكال والألوان من المكسيك إلى مياه المحيط قبالة سواحل كاليفورنيا، مما أذهل العلماء الذين فوجئوا بأنواع مدارية زاهية من الحياة البرية، وأتاحت الفرصة للصيادين للحصول على محصول وافر نادر.
خلال الأسابيع القليلة الماضية غامرت هذه الأسماك بحياتها لتسبح شمالا إلى السواحل الوسطى لكاليفورنيا التي تزخر بصنوف شتى من الحياة البحرية، بدءا بأسماك القرش الحوتي التي صنفت على أنها أضخم أسماك العالم، والتي شوهدت على السواحل الجنوبية لكاليفورنيا، وانتهاء بأسماك الفهقة المنتفخة ذات الجسم المحبب والعيون الواسعة. يقول العلماء إن ظاهرة النينيو جاءت بتيارات دافئة إلى سواحل كاليفورنيا، مما جعل مياهها أكثر ملاءمة للأسماك من المناطق المدارية. والنينيو ظاهرة مناخية تتسم بدفء سطح المياه في المحيط الهادي، وتحدث كل ما يتراوح بين أربعة و12 عاما ما قد يتمخض عن موجات جفاف وحر لافح في آسيا وشرق أفريقيا، وهطول أمطار غزيرة وفيضانات في أميركا الجنوبية.
من المتوقع أن تجيء ظاهرة النينيو بقدر من التقاط الأنفاس للولاية من موجة الجفاف المدمرة التي تجتاح المنطقة على مدى السنوات الأربع الماضية، فيما ستهطل أمطار غزيرة على سواحلها.
لكن حتى الآن بدا سقوط الأمطار شحيحا فيما يقول الباحثون إن هجرة الأسماك شمالا في مياه المحيط الهادي واحدة من أندر الأحداث ديناميكية على الرغم من كونها ظاهرة مؤقتة ناجمة عن ظاهرة النينيو المناخية. وفيما كان علماء الأحياء يقطعون الساحل جيئة وذهابا يهنئون بعضهم بعضا في بهجة بسبب هذه المشاهد النادرة، بعث وصول أعداد ضخمة من الأسماك الكبيرة مثل الواهو وشقائق النعمان الصفراء الذيل فورة من النشاط في صناعة ورياضة الصيد في المياه المالحة بكاليفورنيا التي تدر دخلا يصل إلى 1.8 مليار دولار سنويا. يقول الباحثون إن بعض الأسماك المدارية الصغيرة قد تظل في مياه المنطقة خلال الأشهر القليلة القادمة، فيما من المتوقع أن تستمر ظاهرة النينيو حتى مطلع العام المقبل.
وقال لاف: «بمجرد انخفاض درجة حرارة المياه أو بمجرد وقوعها فريسة لكائنات أخرى فلن تشاهد هنا بعد اليوم».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».