متحف موريتسهاوس.. «علبة جواهر» هولندا يفتح أبوابه بعد التجديدات في يونيو

بإضافة مبنى جديد وإعادة ترميم الأصلي

«الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» أهم معروضات موريتسهاوس (يمين) و «إمرأة عجوز وصبي» للفنان روبنز
«الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» أهم معروضات موريتسهاوس (يمين) و «إمرأة عجوز وصبي» للفنان روبنز
TT

متحف موريتسهاوس.. «علبة جواهر» هولندا يفتح أبوابه بعد التجديدات في يونيو

«الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» أهم معروضات موريتسهاوس (يمين) و «إمرأة عجوز وصبي» للفنان روبنز
«الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» أهم معروضات موريتسهاوس (يمين) و «إمرأة عجوز وصبي» للفنان روبنز

بعد أن أغلق أبوابه للتجديد وعمل بعض الترميمات فيه يفتح متحف موريتسهاوس رويال بيكتشر غاليري في مدينة لاهاي الهولندية أبوابه للجمهور مرة أخرى في 27 يونيو (حزيران) المقبل، وبهذه المناسبة أقام السفير الهولندي في لندن لقاء للصحافيين لاطلاعهم على عملية التجديدات التي تجري حاليا.
المتحف يحتضن مجموعة من أشهر الأعمال الهولندية تميز العصر الذهبي للفن الهولندي في القرن الـ17، منها لوحة «درس الأحياء» لرمبرانت، و«الفتاة ذات القرط اللؤلؤي»، و«منظر من دلفت» للفنان يوهان فيرمير. تولت د. غيميلي غوردنكر مديرة المتحف إطلاع الصحافيين على الخطة الجديدة للمتحف وخطة توسيعه بضم المبنى المجاور له. تصف غوردنكر المتحف بأنه «علبة جواهر» جميلة، فهو من أجمل المتاحف العالمية سواء في مبناه الصغير المطل على بحيرة في قلب المدينة أو في الروائع الفنية التي تقبع داخله.
وقد أُخذ في الاعتبار خلال عملية الترميم الحفاظ على الطابع الأصلي للمبنى الأثري مثل التفاصيل الجمالية في المعمار والألوان التي جددت بطريقة حساسة جدا مع العمل على تجديد النوافذ على سبيل المثال، ووضع زجاج خاص للتحكم في درجة حرارة صالات العرض أيضا. ولضمان عدم المساس بمعمار المبنى القديم لجأ القائمون على عملية التجديدات إلى ضم المبنى المجاور لمتحف موريتسهاوس وتحويله إلى جناح منفصل، وبذلك تضاعفت مساحة المتحف الكلية، وربط المبنيان عن طريق نفق تحت الأرض مضاء بالكامل.
وردا على سؤال من «الشرق الأوسط» حول أماكن عرض المجموعة الأصلية من الأعمال وإذا ما كان بعضها سينتقل إلى المبنى الجديد قالت غوردنكر: «المجموعة الأصلية من مقتنيات المتحف ستبقى كلها في المبنى الأصلي في أماكنها، أما الجناح الجديد فسيوفر مساحة لاستضافة المعارض الجديدة وإقامة محل للهدايا والكتب ومقهى إلى جانب مركز تعليمي».
ومن الأقسام المهمة في المتحف التي حصلت على حصتها من التجديدات هي وحدة الترميم التي تقبع في «علية» المتحف، حيث يعكف الخبراء على ترميم وتجديد اللوحات في المجموعة. المركز يحظى بشهرة عالمية للمستوى الرفيع والتقنيات التي يقدمها. من المعلومات المثيرة حول عمل الخبراء في المركز نعرف أنه في بعض الأحيان تستغرق عملية ترميم لوحات الفنانين الرواد وقتا أطول من الوقت الذي قضاه الفنان في رسمها. وإلى جانب الترميم والتجديد يقوم خبراء المركز بإجراء البحوث حول المواد والتقنيات المستخدمة في عملهم.
يضم موريتسهاوس 800 عمل فني يعرض منها 250 بشكل دائم وتتوزع بقية الأعمال على عدد من المؤسسات، منها 150 عملا تعرض في غاليري برينس ويليام الخامس و150 لوحة وعشرة تماثيل معارة لمتاحف ومؤسسات فنيه عالمية. نعرف أيضا أن الأعمال المعارة تستفيد أكثر من عرضها في أماكن أخرى نظرا لحجمها الضخم. والمعروف أن معظم اللوحات الموجودة في المتحف من ممتلكات الدولة وجاءت بقية الأعمال عبر تبرعات من الأفراد مثل لوحة «الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» التي منحها أحد جامعي اللوحات الفنية للمتحف في عام 1902.
ومن المتوقع أن يستمر المتحف بعد إعادة افتتاحه في يونيو المقبل في تنظيم معارض الفن الهولندي في القرن الـ17.

* معلومات وأرقام

* يحرص السياسيون والقادة الذين يزورون هولندا على زيارة موريتسهاوس، خصوصا أنه يقع في القلب السياسي للمدينة، الذي يضم البرلمان ومقر الحكومة.
* بدأ المتحف الاستعانة بدعم الشركات الكبرى لمعارضه منذ عام 1975، وأثار ذلك استجوابات في البرلمان حينها.
* خلال فترة الترميم نقل جزء كبير من الأعمال الفنية في المتحف إلى غيمنتي ميوزيم في لاهاي، بينما نظم معرض متجول لباقي الأعمال الأخرى وعلى رأسها لوحة فيرمير «الفتاة ذات القرط» في اليابان والولايات المتحدة وإيطاليا.
* حصل المعرض المتجول على نجاح ساحق في اليابان وبلغ عدد زواره 1.2 مليون شخص.
* 40 في المائة من زوار المتحف من الهولنديين والباقي (بالترتيب حسب عدد الزوار) من اليابان والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».