تسع اتفاقيات جديدة لتوطين الصناعات التحويلية في منتدى ينبع

الأمير فيصل بن سلمان: نأمل أن يسهم المؤتمر فيما نصبو إليه من تنمية المنطقة ورفاهية مواطنيها

الأمير فيصل بن سلمان خلال تكريمه المشاركين في المنتدى أمس ويظهر في الصورة (على يساره)  المهندس محمد الماضي رئيس شركة سابك والمهندس علي النعيمي وزير البترول السعودي (واس)
الأمير فيصل بن سلمان خلال تكريمه المشاركين في المنتدى أمس ويظهر في الصورة (على يساره) المهندس محمد الماضي رئيس شركة سابك والمهندس علي النعيمي وزير البترول السعودي (واس)
TT

تسع اتفاقيات جديدة لتوطين الصناعات التحويلية في منتدى ينبع

الأمير فيصل بن سلمان خلال تكريمه المشاركين في المنتدى أمس ويظهر في الصورة (على يساره)  المهندس محمد الماضي رئيس شركة سابك والمهندس علي النعيمي وزير البترول السعودي (واس)
الأمير فيصل بن سلمان خلال تكريمه المشاركين في المنتدى أمس ويظهر في الصورة (على يساره) المهندس محمد الماضي رئيس شركة سابك والمهندس علي النعيمي وزير البترول السعودي (واس)

انطلقت يوم أمس أعمال المنتدى السعودي الثالث للصناعات التحويلية (2014) والمعرض المصاحب له، في مركز الملك فهد الحضاري بمدينة ينبع الصناعية، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، وبحضور الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، والأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع.
وقال الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز في كلمته: «إنه لمن دواعي السرور أن نلتقي في هذا المؤتمر، الذي يحظى بالرعاية الكريمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله ورعاه، مؤملين أن يحقق المؤتمر ما نصبو إليه جميعا نحو الإسهام في تنمية المنطقة وتحقيق رفاه مواطنيها، لا سيما ونحن في رحاب مؤتمر يبحث في الصناعات التحويلية التي تمثل ركنا أساسيا في القطاع الصناعي في كل دول العالم، من حيث الاستفادة من منتجات الصناعات الأساسية بما يخلق فرص عمل جديدة ومجالات استثمار واعدة.
ولا يخفى على أحد من المتابعين والمهتمين الدور الذي تقوم به الهيئة الملكية للجبيل وينبع من حيث تهيئة البيئة المساعدة والمحفزة للصناعة السعودية، ودورها في إتاحة فرص العمل بأجور مناسبة لأبناء وبنات هذا الوطن.
غير أن ما أود الحديث عنه وما أؤمله هو بحث إمكانية تضافر الجهود بين مختلف القطاعات الحكومية في منطقة المدينة المنورة والهيئة الملكية للجبيل وينبع في تهيئة بيئة عمل توفر وظائف محلية في ينبع البحر وينبع النخل. فمن يزور ينبع الصناعية يجد أن المسافة شاسعة بين مستوى الحياة والخدمات بينها وبين كل من ينبع البحر وينبع النخل.
لذلك أتمنى على الهيئة الملكية وعلى الشركات الكبرى العاملة في ينبع القيام بإنشاء إدارة متخصصة للتنمية المحلية، وأقصد بالمحلية ما يخص محافظة ينبع، بحرها ونخلها، خارج مدينة ينبع الصناعية.
ولعله بالإمكان في هذا المجال محاكاة ما فعلته شركة أرامكو في المنطقة الشرقية قبل عدة عقود، حينما رأت أن من المفيد لها ولأبناء محيطها المحلي إيجاد قسم متخصص في التنمية المحلية. وقد بدأ القسم حينذاك متواضعا بمساعدة المهنيين من خلال بيع ما ينتجون على أرامكو بأسعار مجزية إذا التزموا بالشروط والمواصفات التي لا تقدمها أرامكو لهم فحسب، بل تقدم لهم المساعدة بأفضل ما يمكن أن يفعلوه للالتزام بالمواصفات. ويمكن أيضا إعطاء الأفضلية لمحدودي الدخل من أهل المنطقة لتقديم ما يمكنهم تقديمه. وإذا وجدت إدارة خاصة لهذا الغرض فإن من واجبات هذه الإدارة تمكين سكان المنطقة بالطرق المثلى للوفاء والالتزام بمتطلبات الهيئة الملكية. بل إن ما فعلته أرامكو تجاوز هذه الأبجديات إلى مساعدة من كان عندهم الاستعداد حتى مع غياب التأهيل الفني، ليكونوا رجال أعمال، واليوم هم أو أبناؤهم من كبار رجال الأعمال السعوديين.
إن من أولويات هذه التنمية المستهدفة العمل على تدريب أبناء المحافظة وتأهيلهم بشكل يجعلهم قادرين على المشاركة بقوة في القطاعين العام والخاص مع ضرورة وضع أسس متينة هدفها تبني المبادرات التي يقدمها أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة والعمل بكل الإمكانيات المتاحة على دعمهم وتسهيل أمورهم، متمنيا أن نطلع جميعا على أول الإنجازات المتحققة في القريب العاجل.
وفي الختام فإن العمل الجاد والسريع نحو تحقيق هذه الأهداف سينتج عنه تنمية للإنسان والمكان، وغايتنا من هذا كله المواطن الذي نعمل لأجله وراحته ورفاهيته».
من جهته، قال الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان، رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع: «انعقاد المنتدى يأتي قبل أربعة أشهر على اكتمال العقد الرابع من عمر الهيئة الملكية للجبيل وينبع الذي يصادف السادس عشر من شهر رمضان المبارك لهذا العام». وأردف قائلا: «بهذه المناسبة ونحن على أبواب الخطة الخمسية العاشرة، لا بد من الإشارة إلى الدور الكبير الذي قامت به الخطط الخمسية للتنمية، والتي واكبت مسيرة الهيئة الملكية منذ الخطة الأولى حتى الخطة التاسعة، لا سيما فيما يتعلق ببناء التجهيزات الأساسية والصناعات التحويلية ودورها في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تنويع مصادر الدخل ودعم نمو المناطق وإيجاد فرص العمل وتقليل الاعتماد على النفط الخام في الناتج المحلي الإجمالي».
وأكد أن الجهود التي بذلتها القيادة في وضع خطط التنمية أثمرت اقتصادا قويا ومتماسكا يرتكز على مقومات قل نظيرها في الدول الأخرى، مبينا أن من ضمن تلك المقومات وفرة الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة على اختلاف أنواعها، والموقع الجغرافي الاستراتيجي المتميز بين الشرق والغرب، والاستقرار السياسي والأمني والاستثمارات الضخمة في البنى التحتية وفي قطاع التعليم، والاستمرار في النمو الاقتصادي في ظل الأزمات المالية.
وحول نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي للمملكة، قال رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع: «بقدر ما نفخر بما تحقق من إنجازات، فإننا نعتقد أنها ما زالت دون مستوى الطموحات، وأن أمامنا تحديات كبيرة لبلوغ ما نصبو إليه في قطاع الصناعة عموما وفي مجال الصناعات التحويلية بشكل خاص، لذا فإن علينا تكثيف الجهود للمحافظة على ما تحقق من منجزات وللاستفادة مما لدينا من مقومات اقتصادية، لا سيما أن اقتصاد العولمة الذي نحن جزء منه يفرض علينا تحقيق مزيد من الميزات التنافسية للوصول إلى تنمية صناعية وطنية مستدامة».
وتحدث عن الصناعات التحويلية وأهمية الإبداع والابتكار في هذا القطاع قائلا: «إذا كان قطاع الصناعة التحويلية يشكل واحدة من أهم دعائم الاقتصاد، فإن الإبداع والتفوق والابتكار في هذه الصناعة يعد من أبرز أدوات التنافس مستقبلا، ما يستوجب العمل ليس فقط في التوسع الكمي، بل في التوسع النوعي؛ من خلال تكامل هذه الصناعات وزيادة قيمة المنتجات في الصناعات القائمة، ومن خلال الاستفادة من الميزات التي يتمتع بها اقتصادنا الوطني والنظر إلى الصناعات والمرافق الإنتاجية والبنى الأساسية القائمة كأصول قيمة يمكن البناء عليها وتوظيفها في أسواقنا المحلية والإقليمية، وهذه الأسواق قادرة على خلق كثير من الفرص الصناعية وفرص العمل وتوطين المعرفة بما يضمن الاستدامة لمنتجاتنا الصناعية والتطوير المناطقي والمساهمة في الناتج الإجمالي بأضعاف ما هو عليه الآن».
وأضاف الأمير سعود: «إننا نؤمن بأن هنالك فرصة عظيمة لتطوير قطاع صناعي متكامل يتناسب مع الإمكانيات التنافسية والمقومات الاقتصادية للمملكة، وكما نجحنا سابقا في بناء هذا الصرح من البنى التحتية والتجهيزات الأساسية، فإننا نؤمن أيضا بأننا قادرون مع شركائنا على تحويل هذه الفرصة إلى حقيقة خلال فترة وجيزة»، متمنيا أن يكون المنتدى مناسبة لتضافر الجهود من جميع الشركاء في التنمية الصناعية للوصول إلى توصيات تلامس قضايا التكامل الصناعي بين المدن الصناعية في المملكة وقضايا التجمعات الصناعية، علاوة على دراسة الفرص المتاحة والشراكات الممكنة على صعيد الاستثمار في الصناعات التحويلية.
من جهته، قال الدكتور علاء نصيف، الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بينبع: «المنتدى يمثل أحد الجهود المستمرة التي تهتم بدعم التنمية الصناعية في المملكة، وجمع المستثمرين المحليين والعالميين في مكان واحد لدعم وتحقيق التطور في مجال الصناعة في مختلف مجالاتها الحيوية».
وأوضح، خلال الافتتاح أمس، أن المنتدى يسعى إلى الوصول إلى جملة من الأهداف، من بينها: دعم الشركات من أجل المساهمة في دعم الناتج الإجمالي للمملكة في مجال التنمية، ومشاركتها في تعزيز إنشاء السوق الصناعية في المملكة، ودعم الصناعات التحويلية لرفع مستوى الإنتاج الصناعي ليكون ذا قيمة مضافة، إضافة إلى العمل على إيجاد مزيد من فرص العمل للشباب السعوديين.
وأضاف الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بينبع: «يتضمن المنتدى إقامة ورش عمل ومناقشات تبحث في عدة محاور لتخدم مستقبل الصناعات التحويلية في المملكة لتكون منافسة عالميا، وتوفير أفضل النماذج في الصناعات الأساسية والتحويلية التي يسهل تطبيقها في المدن الصناعية مع الشركاء، إضافة إلى مناقشة المبادرات الجديدة الواعدة لإيجاد فرص استثمارية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما سيكون المنتدى فرصة لطرح استثمارات واعدة كثيرة بين مختلف المشاركين محليا ودوليا».
من جانبه، كشف المهندس علي النعيمي، وزير البترول والثروة المعدنية، عن دراسة تجرى لإنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج المواد البتروكيماوية من النفط الخام في مدينة ينبع الصناعية، وقال في هذا السياق: «تقوم وزارة البترول والثروة المعدنية بالتعاون مع شركة سابك بدراسة تكنولوجيا مبتكرة لإنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج المواد البتروكيماوية من النفط الخام دون الحاجة إلى بناء مصفاة تقليدية لتكرير البترول، وسيعمل هذا المشروع على زيادة التكامل الصناعي بين وحدات المجمع وغيرها من المصانع ومعامل الطاقة في مدينة ينبع الصناعية، وسيوفر هذا المشروع أيضا منتجات جديدة وفرصا مناسبة للصناعات اللاحقة والتحويلية، كما سيعمل على توفير كثير من الوظائف للمواطنين في مدينة ينبع الصناعية».
بعد ذلك تحدث عبد اللطيف العثمان، محافظ الهيئة العامة للاستثمار، الذي أكد أن دعم الدولة للقطاع الصناعي بالمملكة يشمل التطوير المستمر للبيئة التنظيمية والتشريعية للقطاع، وتقديم حزمة كبيرة من التسهيلات والحوافز للمستثمرين، والتحسين التدريجي المتواصل لبيئة الاستثمار في المملكة بشكل عام ورفع تنافسيتها دوليا، وتبني مجموعة من المبادرات الاقتصادية العملاقة، لافتا إلى أن تلك الجهود انعكست بشكل إيجابي على تطور أداء القطاع الخاص بعد أن سجل حضورا قويا وبلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي أكثر من تريليون ريال في عام 2013، وذلك يمثل نحو 37 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمملكة، بمعدل نمو بلغ 9.4 في المائة عن عام 2012.
وقد رعى الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، توقيع تسع مذكرات تفاهم بين الهيئة الملكية للجبيل وينبع وجهات حكومية وشركات وطنية كبرى أخرى لتوطين الصناعات التحويلية المرتبطة بصناعة قطع الغيار الخاصة بقطاعي التحلية والصناعات الرئيسية، بحضور الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان، رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وذلك في مركز الملك فهد الحضاري، على هامش انطلاق فعاليات المنتدى السعودي للصناعات التحويلية الثالث بمدينة ينبع الصناعية.
ووقع مذكرات التفاهم عن الهيئة الملكية للجبيل وينبع الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بينبع الدكتور علاء بن عبد الله نصيف، وشملت المذكرات اتفاقيات مع الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) ومثلها الرئيس التنفيذي للشركة المهندس محمد بن حمد الماضي، واتفاقية مع شركة مرافق الكهرباء والمياه بالجبيل وينبع (مرافق) ومثلها الرئيس التنفيذي للشركة المهندس عبد الله بن خليفة البوعينين، ومع شركة التعدين العربية السعودية (معادن) ومثلها الرئيس التنفيذي للشركة المهندس خالد بن صالح المديفر.
كما وقعت الهيئة اتفاقية مع الشركة السعودية للكهرباء ومثلها المهندس عبد الكريم بن عبد الله الزكري رئيس أول إعداد العقود بالشركة، وكذلك اتفاقية مع المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة ومثلها المهندس محمد بن أحمد الغامدي نائب المحافظ لشؤون التشغيل والصيانة بالمؤسسة، ومع البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية ومثله المهندس خالد السالم نائب رئيس البرنامج لقطاع البلاستيك والتعبئة.
فيما وقعت الهيئة الملكية بينبع اتفاقية مع البنك السعودي للتسليف والادخار ومثله المهندس غازي بن ظافر الشهراني الذي وقع بالنيابة عن المدير العام للبنك، وأخرى مع الشركة الوطنية لثاني أكسيد التيتانيوم ومثلها الدكتور طلال بن علي الشاعر رئيس مجلس إدارة الشركة، واتفاقية مع شركة عبد الهادي القحطاني وأولاده ومثلها طارق بن عبد الهادي القحطاني رئيس مجلس إدارة الشركة.
ومن المنتظر أن يجري جلب كثير من الاستثمارات المحلية والأجنبية لمدينة ينبع الصناعية عن طريق تخصيص مواقع استثمارية مكتملة البنية التحتية والبنية الأساسية بنظام (Play & plug) بتمويل من البنك السعودي للتسليف والادخار، فيما يتوقع أن يستفيد الشباب السعودي من تلك الفرص الاستثمارية، إذ سيجري ضمان طلبات شراء سنوية من الجهات المستفيدة..



مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
TT

مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)

في وقت تتدفق فيه مئات المليارات نحو صناعة الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، يجد المستثمرون أنفسهم أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام ثورة رقمية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، أم على أعتاب فقاعة مالية جديدة تشبه الدوت كوم؟

فالسباق العالمي لبناء مراكز البيانات، وتطوير الرقائق، وتوسيع البنية التحتية، تجاوز بالفعل حجم استثمارات تاريخية مثل «مشروع مانهاتن» و«برنامج أبولو»، فيما تتنافس شركات التكنولوجيا العملاقة على اقتناص موقع قيادي في «سباق السلاح الرقمي» الجديد. لكن هذا الزخم الهائل ترافقه مؤشرات مقلقة: أسعار أسهم صعدت بوتيرة فلكية، وتقييمات شركات ناشئة لا تعكس حجم إيراداتها الفعلي، وشهية استثمارية تغذِّيها توقعات النمو أكثر مما تغذيها النتائج الواقعية.

وبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة اقتصادية تمتد لعقود، يُحذر آخرون من أن الحماس المفرط قد يُخفي وراءه هشاشة يمكن أن تؤدي إلى تصحيح قاسٍ في الأسواق.

لا يعتقد مورتن ويرود، الرئيس التنفيذي لشركة «إيه بي بي»، أن هناك فقاعة، لكن «نرى بعض القيود فيما يتعلق بسعة البناء التي لا تواكب جميع الاستثمارات الجديدة»، وفقاً لـ«رويترز».

وأضاف: «نتحدث عن تريليونات من الاستثمارات، وستستغرق عدة سنوات لتنفيذها، لأن الموارد والبشر غير كافيين لبناء كل هذا».

أما دينيس ماشويل، الرئيس التنفيذي لشركة «أديكو»، فيرى أن «هناك بالفعل فجوة حالية بين هذا العرض الهائل من الذكاء الاصطناعي والطريقة التي تقوم بها الشركات بتضمينه فعلياً في عملياتها الأساسية»، كما قال في نوفمبر (تشرين الثاني). وأضاف أن المشروع المشترك لمجموعته مع «سيلس فورس» قد يقلل من مخاطر فقاعة الذكاء الاصطناعي من خلال دفع الشركات لاستخدامات أكثر واقعية للتقنية.

يد آلية أمام رسالة مكتوب عليها «الذكاء الاصطناعي» ولوحة مفاتيح (رويترز)

ويقول سندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة «ألفابت»: «لا أعتقد أن أي شركة ستكون بمنأى عن التأثر، بما في ذلك نحن»، وذلك في مقابلة مع «بي بي سي» نُشرت في 18 نوفمبر، عند سؤاله عن كيفية تعامل «غوغل» مع احتمال انفجار فقاعة. وأضاف أن موجة الاستثمار الحالية في الذكاء الاصطناعي «لحظة استثنائية»، لكنه أقر بوجود «عناصر من السلوك غير العقلاني» في السوق، مشيراً إلى تحذيرات مماثلة خلال فترة فقاعة «الدوت كوم».

أما جيف بيزوس، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «أمازون»، فيقول: «عندما يتحمس الناس بشدة للذكاء الاصطناعي كما يحدث اليوم، يتم تمويل كل تجربة... ويصعب على المستثمرين التمييز بين الأفكار الجيدة والسيئة وسط هذا الحماس».

وأضاف: «الفقاعات الصناعية ليست بالخطورة نفسها كالفقاعات المصرفية، وقد تكون مفيدة لأن الفائزين النهائيين سيعودون بالنفع على المجتمع من خلال تلك الابتكارات».

وحذر بنك إنجلترا (البنك المركزي) من أن الأسواق العالمية قد تتراجع إذا تغير مزاج المستثمرين تجاه آفاق الذكاء الاصطناعي. وقالت لجنة السياسة المالية في البنك في 8 أكتوبر (تشرين الأول): «ارتفعت مخاطر حدوث تصحيح حاد في السوق»، مضيفةً أن احتمال تأثير ذلك على النظام المالي البريطاني «مهم».

وخلال حلقة نقاشية في قمة خاصة بالتكنولوجيا في آسيا في 3 أكتوبر الماضي، قال برايان يو، المدير الاستثماري في «جي آي سي»، إن «هناك بعض الضجة المبالغ فيها في مجال الشركات الناشئة»، وأضاف: «أي شركة ناشئة تحمل شعار (إيه آي) ستُقوَّم بمضاعفات ضخمة مهما كان حجم الإيرادات الصغيرة... قد يكون ذلك عادلاً لبعض الشركات وليس كذلك لأخرى».

فيما أكد جوزيف بريغز، الاقتصادي في «غولدمان ساكس» للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن فيض الاستثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة مستدام، ورفض المخاوف المتزايدة من أن القطاع قد يكون في مرحلة فقاعة. لكنه حذر من أن «الفائزين النهائيين في الذكاء الاصطناعي لا يزالون غير واضحين»، مع تغير التكنولوجيا بسرعة، وانخفاض تكلفة الانتقال، مما قد يحد من مزايا المبادر الأول.

وأشار بيير-أوليفييه غورينتشاس، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إلى أنه قد تتبع موجة استثمارات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة انهياراً شبيهاً بفترة «الدوت كوم»، لكنها أقل احتمالاً أن تكون حدثاً نظامياً يضر بالاقتصاد الأميركي أو العالمي. وأضاف: «هذا لا يتم تمويله بالديون، مما يعني أنه إذا حدث تصحيح في السوق، قد يخسر بعض المساهمين وبعض حاملي الأسهم».

جن سين هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، يقول: «تحدث الكثير عن فقاعة الذكاء الاصطناعي، لكن من وجهة نظرنا نرى شيئاً مختلفاً جداً»، مشيراً إلى الطلب الكبير من شركات الحوسبة السحابية على رقائق شركته.

وفي أغسطس (آب) الماضي، تساءل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»: «هل نحن في مرحلة يكون فيها المستثمرون بأكملهم مفرطين في الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي؟ جوابي: نعم». وأضاف: «سوف يخسر البعض مبالغ هائلة، وسيجني البعض الآخر مبالغ هائلة أيضاً».

وفي أول منشور له على «إكس» منذ أكثر من عامين، حذر مايكل بوري، مستثمر ومؤسس «سايون» لإدارة أصول، من فقاعة في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ووضع رهانات هبوطية على «إنفيديا» و«بالانتير» الشهر الماضي، وهذا زاد من مخاوف المستثمرين بشأن الإنفاق المبالغ فيه في صناعة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

لكن تشي تاي-وون، رئيس «إس كيه هاينكس» الكورية الجنوبية، لا يرى «أي فقاعة في صناعة الذكاء الاصطناعي». وأضاف: «لكن عند النظر إلى أسواق الأسهم، نجدها صعدت بسرعة كبيرة جداً، وأعتقد أنه من الطبيعي أن يكون هناك بعض التصحيحات»، مشيراً إلى أن أسهم الذكاء الاصطناعي تجاوزت قيمتها الأساسية.

ويرى محللو الأسهم في بنك «يو بي إس»، أن عدد المستثمرين الذين يعتقدون أننا في فقاعة الذكاء الاصطناعي يقارب عدد أولئك الذين ما زالوا محتفظين باستثماراتهم في القطاع. وأضافوا في مذكرة منتصف أكتوبر الماضي: «معظمهم شعر بأننا في فقاعة، لكن بعيداً عن الذروة فإن نحو 90 في المائة من الذين قالوا إننا في فقاعة ما زالوا مستثمرين في العديد من مجالات الذكاء الاصطناعي».


أوروبا لتبسيط إجراءات الاستيراد

اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
TT

أوروبا لتبسيط إجراءات الاستيراد

اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)

يدخل أكثر من 12 مليون طرد الاتحاد الأوروبي يومياً، مما يجعل مهمة فحصها بحثاً عن البضائع غير القانونية، أو التي لم تُعلن، أو تقدير الرسوم المستحقة عليها، مهمة شاقة على رجال الجمارك.

والكثير من هذه الطرود صغير الحجم وقليل القيمة، ففي عام 2024 دخل إلى التكتل 4.6 مليار طرد بقيمة معلنة فردية أقل من 22 يورو (25.6 دولار).

وذكرت المفوضية الأوروبية في أغسطس (آب) الماضي أن نسبة ما فحصته سلطات الجمارك من إجمالي المنتجات المستوردة بلغت فقط 0.0082 في المائة.

ووفقاً لديوان المحاسبة الأوروبي (محكمة المدققين الأوروبيين)، تفتقر عمليات الفحص الجمركي في بعض الدول الأعضاء إلى الصرامة الكافية. كما أن عدم توحيد تطبيق القواعد في جميع دول الاتحاد يجعل الاحتيال أمراً سهلاً.

إصلاح الجمارك: ما الخطة؟

وفي عام 2023، قدمت المفوضية الأوروبية مقترحات تهدف إلى إجراء إصلاح شامل للحد من البيروقراطية والتعامل مع تحديات مثل الارتفاع الحاد في حجم التجارة الإلكترونية.

وتُعدّ كيفية إدارة التدفق الهائل للطرود والشحنات الواردة من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي -خصوصاً الصين- نقطة محورية في خطة الإصلاح.

وقررت دول الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي إلغاء الحد الحالي للإعفاء الجمركي، البالغ 150 يورو، على الطرود، وذلك بمجرد استكمال الإجراءات اللازمة -وهو أمر متوقع بحلول عام 2028- مع الالتزام بفرض رسوم جمركية مؤقتة على الطرود الصغيرة خلال الفترة الانتقالية. كما اقترحت المفوضية الأوروبية فرض رسوم عامة على المناولة، وهو إجراء لا يزال قيد النقاش.

وعلى نحو مختصر، يهدف الإصلاح إلى تحديث إجراءات الجمارك، وتعزيز التعاون بين سلطات الجمارك في الدول الأعضاء، وتحسين الرقابة على الواردات والصادرات. كما يعد بتحسين تحصيل الرسوم والضرائب، وتوفير حماية أفضل للسوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي.

ومن أجل تحقيق ذلك، سيجري إنشاء «منصة بيانات الجمارك الأوروبية»، التي ستخضع لإشراف هيئة الجمارك الأوروبية، التي لم تُنشأ بعد.

ومن المقرر أن تعمل هيئة الجمارك الأوروبية بوصفها مركزاً رئيسياً لدعم هيئات الجمارك في الدول الأعضاء. وبمجرد تشغيلها، سوف تسعى إلى تبسيط الإجراءات، وتحسين سلامة المشتريات الإلكترونية، وتزويد السلطات الوطنية بأدوات أكثر بساطة وتوحيداً.

ومن المتوقع أن يحقق الإصلاح عدة مزايا، من بينها تبسيط متطلبات الإبلاغ عبر جهة موحدة، وذلك توافقاً مع وعود رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بتقليص الروتين.

ويتوقع الاتحاد الأوروبي تحقيق توفير بقيمة مليارَي يورو سنوياً، عبر إحلال المنصة محل بنية تكنولوجيا المعلومات في الدول الأعضاء.

مقر هيئة الجمارك الأوروبية

من المقرر إنشاء هيئة الجمارك الأوروبية بداية من عام 2026، وسوف تتولي المفوضية الأوروبية مسؤولية إطلاقها. ومن المتوقع أن تحصل الشركات على أول فرصة وصول إلى منصة البيانات بحلول 2028، مع بدء الاستخدام الطوعي في 2032، ثم الإلزامي في 2038.

أما القرار الأول الحاسم فسوف يكون تحديد مقر الهيئة، وقد تقدمت تسع دول أعضاء الأسبوع الماضي، بملفات لاستضافة المقر: بلجيكا (لييغ)، وكرواتيا (زغرب)، وفرنسا (ليل)، وإيطاليا (روما)، وهولندا (لاهاي)، وبولندا (وارسو)، والبرتغال (بورتو)، ورومانيا (بوخارست)، وإسبانيا (مالقا).

وستقوم المفوضية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- الآن بدراسة الطلبات التسعة، على أن تضمن أن الموقع الذي يقع عليه الاختيار سوف يمكن الهيئة من أداء مهامها، واستقطاب كوادر مؤهلة ومتخصصة، وتوفير فرص تدريب.

ومن المتوقع صدور قرار في هذا الشأن خلال شهر فبراير (شباط)، تقريباً، بالتعاون بين الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي.

وسيتعيّن على الدولة المضيفة توفير مبانٍ جاهزة على الفور، وبنية تحتية متقدمة لتكنولوجيا المعلومات والأمن، ومساحة لما لا يقل عن 250 من الموظفين، إلى جانب غرف اجتماعات ذات تقنية عالية، و«منطقة آمنة» لإدارة المعلومات السرية، إلى جانب العديد من الشروط الأخرى.

حماية الأسواق الأوروبية

وقال وزير المالية البولندي، أندجي دومانسكي: «تجارة أكثر أماناً تعني أوروبا أكثر أماناً». وأوضح أن اتحاداً جمركياً «قوياً ومرناً» يضمن حماية السوق الداخلية وسلامة المستهلك والتنمية الاقتصادية المستقرة.

ولكن، ما تزال كيفية إدارة سياسات التجارة والجمارك المشتركة محل خلاف. ويأتي الإصلاح في الوقت المناسب، في الوقت الذي تسعى فيه العواصم الأوروبية إلى حماية القطاعات الاستراتيجية الرئيسية لديها في ظل تصاعد حدة التوتر في التجارة الدولية.

وتتعالى الدعوات في بعض الأوساط لإطلاق برنامج «صنع في أوروبا»، الذي يعطي أفضلية للمنتجات المحلية، وهو موقف تتبناه فرنسا، على نحو خاص.

وكانت المفوضية الأوروبية تعتزم نشر مبادرة أوروبية مرتبطة بهذا الأمر هذا الشهر، لكنها واجهت معارضة من جمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وآيرلندا، والسويد ولاتفيا، وغيرها. وحسب ما ذكرته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أُجّل المقترح حتى مطلع العام المقبل.


الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)

ذكر تلفزيون الصين المركزي (سي سي تي في) نقلاً عن مسؤول اقتصادي كبير، السبت، أن الصين تخطط لتعزيز الصادرات والواردات العام المقبل ضمن الجهود الرامية إلى تعزيز التجارة «المستدامة».

ويثير الفائض التجاري البالغ تريليون دولار الذي سجله ثاني أكبر اقتصاد في العالم توتراً مع شركاء بكين التجاريين، ويؤدي إلى انتقادات من صندوق النقد الدولي، ومراقبين آخرين يقولون إن نموذج النمو الاقتصادي الذي يركز على الإنتاج غير مستدام.

وقال هان ون شيو، نائب مدير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية المركزية، في مؤتمر اقتصادي: «يجب أن نلتزم بالانفتاح، ونعزز التعاون المربح للجانبين في قطاعات متعددة، ونوسع الصادرات مع زيادة الواردات في الوقت نفسه، لدفع التنمية المستدامة للتجارة الخارجية».

وأضاف أن الصين ستشجع صادرات الخدمات في عام 2026، متعهداً باتخاذ تدابير لتعزيز دخل الأسر، ورفع المعاشات الأساسية، وإزالة القيود «غير المعقولة» في قطاع الاستهلاك.

وحث صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع بكين على اتخاذ «الخيار الشجاع» بالحد من الصادرات، وتعزيز الطلب الاستهلاكي.

ووعد القادة الصينيون يوم الخميس بالإبقاء على سياسة مالية «نشطة» في العام المقبل لتحفيز الاستهلاك، والاستثمار، إذ يتوقع المحللون أن تستهدف بكين تحقيق نمو بنحو 5 في المائة.