في تجربة فنية مغايرة في عالمنا العربي، يشهد غاليري بيكاسو بالزمالك معرض «نساء في عالمي» الذي يضم 35 لوحة، آثرت الفنانة النرويجية المقيمة بمصر بريت بطرس غالي، زوجة شقيق الدكتور بطرس غالي، أمين عام الأمم المتحدة الأسبق، أن تكشف فيها عن جوهر الأنوثة بعيدا عن المنظور النسوي Feminism، حيث تظهر النساء ببهاء ودفء وقوة كبرياء نابعين من يقين الفنانة المعاصرة بأن المرأة هي «كل شيء في هذا العالم.. هي سر قوته» لكنها لم تجسد ضعفها وانكساراتها، كما اعتاد عدد كبير من الفنانين سواء من رواد الفن التشكيلي أو المعاصرين.
يستمر المعرض حتى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وتتميز لوحات البورتريه فيه بجمعها بين عدة مدارس فنية، فهي تجمع بين توجهات فناني الكلاسيكية التعبيرية بالتركيز على ملامح الوجه عبر الألوان والظلال التي تعكس تفاصيل شخصية نسائها، لكن يبدو تأثرها بأعمال الروسي ألكسي فون غافلينسكي (1864 - 1941) في تحديدها لزوايا الضوء وإعطاء الأبعاد المناسبة على اللوحة، فنجحت بالخطوط ومساحات الألوان في توضيح سمات الوجه الأفريقي والآسيوي والمصري بل والنوبي أيضا. وبنظرة مدققة للوحات ستجد أيضا تأثرها بالفنان الفرنسي الشهير الفرنسي هنري ماتيس (1869 - 1954)، حيث نجد استخداما واضحا للألوان في تعابير الوجه، ولكنها خالفته في اهتمامها أيضا بالتركيز على تفاصيل خلجات الوجوه، كما يتضح أيضا تأثرها بالمدرسة التجريدية التشخيصية. فمن الملفت حقا كيف جسدت «بريت» المرأة، إنها تعمدت إضفاء انسيابية على أجسادهن فلم تبد فرشاتها بالاً لتعاريج جسد نسائها، أو إبراز مفاتنهن، بل برعت في إبراز تفاصيل وجوههن وملامحهن ومنحتهن نظرات معبرة تشي بالأمل والتفاؤل والبهجة، وتعكس سلاما داخليا ودفئا يصل للمتلقي.
«نساء بريت» يتحدثن لغة عالمية، فهن من المصريات والآسيويات والأفارقة، سواء كن أرستقراطيات أو بسيطات، تتجسد عبر ملامحهن خلفياتهن الثقافية وموروثاتهن، فهن نساء استدعهن ذاكرتها ومخيلتها من الماضي لا تعلم هي شخصيا أين ومتى انطبعت ملامحهن في ذاكرتها في حالة أشبه بمخاض الكتابة الأدبية حينما تطل الشخوص عبر كلمات يخطها الأديب تراوده وتراوغه، فتكشف عن أسرارها وخفاياها. ويستشعر المتلقي بروح الفنانة تطل من بين ملامح شخوصها سواء عبر العيون أو تقوسات الحاجبين أو الشفاه المكتنزة، حيث إنها تشع بالطاقة والحيوية، وتؤكد على أهمية وزخم التنوع البشري. وتعكس اللوحات اهتمام المرأة الفنانة التي ترسم النساء بأدق التفاصيل الجمالية، سواء في ملامح شخوصهن أو أزيائهن وتصميماتها، وحرصت على إضافة أشكال زخرفية كي تملأ المسطح اللوني للوحة، حيث تبدو ضربات فرشاتها متأنية وهادئة. ويمتاز أسلوب بريت غالي الفني ببراعتها في توظيف فراغ اللوحة لتعادل بساطة ملامح الوجه، حيث يبرز اهتمامها بقطع الحلي وانحناءات خصلات شعرها، فتقدم وجبة بصرية دسمة متكاملة العناصر.
تقيم الفنانة بريت غالي، نرويجية الأصل، في مصر منذ قرابة ثلاثين عامًا، وقد درست النحت والرسم على يد الفنانين ألين كرستنس وفرناند لند في أوسلو بالنرويج في الفترة ما بين عامي (1959 - 1962). وأقامت أول معارضها عام 1965 في باريس، وفي عام 1996 حصلت على أرفع وسام في النرويج «سان أولاف» لإسهاماتها المتميزة في الفن المعاصر.
كما عرضت أعمالها في عدة دول أوروبية منها النرويج، وإنجلترا، وإسبانيا، وألمانيا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهي تحرص على تقديم إبداعاتها بشكل منتظم في غاليري بيكاسو، وكان من أبرز محطاتها معرض «نساء في الثورة» الذي عبرت فيه عن تأثير النساء المصريات في ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، ودورهن الإيجابي في تلك اللحظات الحرجة التي مرت بها مصر.
الفنانة النرويجية بريت بطرس غالي تكشف جوهر الأنوثة عبر فن البورتريه
«نساء في عالمي» معرض فني بالقاهرة يجسد المرأة بعيونها في غاليري بيكاسو
الفنانة النرويجية بريت بطرس غالي تكشف جوهر الأنوثة عبر فن البورتريه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة