كيري ضد قبول الأسد كجزء من المرحلة الانتقالية في سوريا

قبل وصوله إلى فيينا

كيري ضد قبول الأسد كجزء من المرحلة الانتقالية في سوريا
TT

كيري ضد قبول الأسد كجزء من المرحلة الانتقالية في سوريا

كيري ضد قبول الأسد كجزء من المرحلة الانتقالية في سوريا

رفض وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأفكار التي تنادي ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد كجزء من عملية الانتقال السياسي في سوريا، مشددا على عدم إمكانية العودة إلى أوضاع ما قبل اندلاع الأزمة بعد كل ما أريق من دماء على مدى أكثر من أربع سنوات على يد نظام الأسد.
جاء كلام كيري، في ندوة بمعهد الولايات المتحدة للسلام في العاصمة واشنطن مساء الخميس، قبل ساعات من توجهه إلى العاصمة النمساوية فيينا للمشاركة في «لقاء فيينا 2» لتسوية الأزمة السورية. وفي رسالة إلى الدول المشاركة في لقاء فيينا قال: «رسالتي لكل الدول أن علينا مسؤولية لأخذ خطوة لوقف سفك الدماء، وبدء البناء. ولا نعرف كيف يمكن إنجاز عملية سياسية ولا كم تستغرق، لكننا نعرف أن علينا مسؤولية لاستغلال الإمكانات لدينا وألا نقبل بكلمة لا كإجابة وعلينا واجب لتحقيق السلام».
ومما قاله: «لا يمكننا أن نطلب من قادة المعارضة السورية قبول الأسد في المرحلة الانتقالية. فحتى لو أردنا ذلك وعقدنا صفقة سيئة مع الشيطان، فإن ذلك لن يوقف الحرب ولن يؤدي إلى تغيير انتقالي فعال لأن القتال سيستمر»، وأضاف: «قادة المعارضة لا يسعون للانتقام، لكن لا يمكن العودة إلى وضع ما قبل الأزمة بعد إراقة الدماء». وأوضح كيري أن استراتيجية الإدارة الأميركية في التعامل مع الأزمة في سوريا تركز على الجهد الدبلوماسي لوضع سوريا على مسار السلام. وأشار إلى أن الرئيس باراك أوباما وضع ثلاثة أهداف في الاستراتيجية هي إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، وتعزيز الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، ومساعدة الدول الحلفاء في الإقليم على ضمان ألا تمتد تبعات الأزمة السورية إلى باقي الإقليم.
من جهة أخرى، أشاد وزير الخارجية الأميركي بما خرج من «لقاء فيينا 1» الشهر الماضي فقال: «الاجتماعات لأول مرة جمعت كل الأطراف على مائدة واحدة، ورغم كل الاختلافات بين الدول المشاركة، فإننا جميعا اتفقنا على ضرورة إلحاق الهزيمة بداعش، وعلى أهمية التوصل لحل سياسي لسوريا، ووقف القتال والبدء في عملية انتقال سياسي يكون السوريون في مقدمة جهود تشكيل هذا الانتقال. واتفقنا على مساندة استقرار سوريا والحفاظ على مؤسساتها وحماية كل السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم وزيادة المساعدات للاجئين وجلب عناصر الحكومة السورية والمعارضة المعتدلة للتشاور حول وضع دستور جديد وإجراء انتخابات نزيهة وشفافة تحت رعاية الأمم المتحدة».
واعترف كيري بالخلافات بين الولايات المتحدة وكل من روسيا وإيران حول مصير الأسد وتعذّر التوصل لحل في هذا الشأن خلال الاجتماعات الماضية، لكنه بدا متفائلاً بالاجتماع الذي سيعقد في فيينا اليوم السبت وما يمكن أن ينجم عنه. وقال: «رغم الاختلافات فإننا نؤمن أننا يمكننا أن نجد طريقًا لحل سياسي للسوريين وعلينا ألا ندع مواقع الخلافات تمنع البناء على مواقع الاتفاق وعلينا بذل الجهد لتذليل حالة عدم الثقة وإيجاد بديل لإنهاء الحرب». وتحدث كيري مطولاً عن «داعش» وتعاونه التجاري مع نظام الأسد في بيع وشراء النفط، مؤكدًا أن نظام الأسد هو الذي خلق التنظيم الإرهابي وأن التخلص من كل من «داعش» والأسد هو التحدي الذي يواجه العالم، وأشار إلى تقدم قوات التحالف في كل من العراق وسوريا والضغط عسكريًا وماليًا وفكريًا على التنظيم وأيديولوجيته.
من جانبها قالت مستشارة الأمن القومي الأميركي بأن الرئيس باراك أوباما من المرجح أن يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة دول العشرين التي تقام في تركيا غدا الأحد وبعد غد الاثنين، وفي حين قالت رايس خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض بأنه «لا يوجد اجتماع رسمي مبرمج بين الزعيمين لكننا نتوقع أنه سيكون هناك فرصة للتحدث إلى بعضهما البعض ومناقشة بعض القضايا بشكل مباشر». كذلك أشارت مستشارة الأمن القومي إلى أن أوباما سيجتمع مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي تعد بلاده شريكًا مهما في التحالف الدولي لمكافحة «داعش».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».