تسارع نمو «اقتصاد الإنترنت».. والصين تحتكر أكثر من نصفه

أميركا تجني 350 مليار دولار منه في 2015.. وبكين تطمح إلى تجاوز «التريليون» في 2016

تسارع نمو «اقتصاد الإنترنت».. والصين تحتكر أكثر من نصفه
TT

تسارع نمو «اقتصاد الإنترنت».. والصين تحتكر أكثر من نصفه

تسارع نمو «اقتصاد الإنترنت».. والصين تحتكر أكثر من نصفه

تتذبذب اقتصادات العالم جيئة وذهابا بسبب التباطؤ الذي طالها منذ سنوات، إلا أن «عالم الإنترنت» بأسواقه الافتراضية وحده كان كافيا لمعادلة الكفة نسبيا ومقاومة تراجع معدلات النمو الاقتصادي. فقد أصبح الإنترنت عنصرا حاسما في التقدم الاقتصادي لكثير من البلدان، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، في ما اعتبره محللون بمثابة «تنافس الند للند» خلال السنوات الخمس الماضية.
«عبر سور الصين العظيم نحو العالم أجمع»؛ كانت هذه أول رسالة بريد إلكتروني ترسل من الصين في عام 1987.. وبعد 25 عاما أصبحت هذه الرسالة حقيقة واقعة، حيث حققت صناعة الإنترنت في الصين تقدما ملحوظا على مدى السنوات الماضية، وسجلت الصين أكبر قاعدة مستخدمين للإنترنت حول العالم بما يبلغ 538 مليون مستخدم في عام 2012، ولا يوجد حد واضح لتوقعات هذا النمو المتزايد في استخدام الإنترنت داخل الصين. وكنتيجة لنمو هذه الصناعة اشتقت لفظة لغوية جديدة في أغلب اللغات لوصف شريحة جديدة من المتسوقين الذين لا يستطيعون مقاومة الفضاء الإلكتروني للإنترنت، وهي «مدمنو التسوق الإلكتروني».
ومع توسع استخدام الهواتف الذكية واستمرار تزايد استخدام الإنترنت، تكونت شريحة جديدة أيضا من الشركات التي تلبي حاجة السوق، فانتهزت الفرص لاتباع استراتيجيات نسخ وتقليد نماذج أعمال الشركات القائمة بالفعل. وبالتزامن حققت الشركات الصينية المسجلة حديثا معدلات نمو قوية بسبب تراجع الشركات الأجنبية التي كانت تواجه مشكلات مع الخصائص المحددة للغة الصينية في بادئ الأمر، ولأن الحكومة الصينية اتخذت تدابير منع الشركات الأجنبية خوفا من فقد السيطرة على الشبكة العنكبوتية والانتشار العشوائي للمعلومات، فقد أدت هذه الظروف مقترنة إلى اقتراب هذه التركيبة من الكمال لتطوير عمالقة الإنترنت في الصين.
ووفقا لتقرير مركز «آي بي آي إس» الدولي فإن الشركات الصينية اعتمدت في نجاحها على تكاليف رأس مال منخفضة وصغيرة الحجم، على عكس الشركات الدولية الكبيرة التي تحتاج مجموعات واسعة من الخدمات وتطوير للمنتجات، فأصبح الابتكار والاكتفاء بأقل قيم مالية من أهم أبعاد المنافسة.
وعلى الرغم من الأزمات المالية العالمية، نمت سوق الإنترنت بقوة.. وما زالت معظم المنتجات تباع على الإنترنت بأسعار أقل من سعرها المعروض في المحال، وهو ما يعود بحسب خبراء الاقتصاد إلى توفير عدد كبير من العوامل على فضاء الإنترنت؛ مثل أجور العمالة وإيجارات المحلات وخلافهما، ونتيجة لذلك تحولت الشركات إلى ضخ مزيد من السلع بأسعار معقولة على الإنترنت لتلبية العديد من مطالب المستخدمين.
وقد تمكنت الصين بنهاية العام الماضي من تصدر لائحة أكبر المسوقين على الإنترنت عبر الحدود، فيما جاءت الولايات المتحدة الأميركية («البلد المستورد من الصين» كما يطلق عليها بعض المحللين) في المركز الثاني، تليها المملكة المتحدة، ثم اليابان التي تتبادل المراكز مع هونغ كونغ في بعض الأحيان. ويرى مركز بوسطن للاستشارات أن التسوق الإلكتروني سيسهم بأكثر من 4.2 تريليون دولار في الناتج المحلي لدول مجموعة العشرين بحلول عام 2016.
وبين عشية وضحاها أصبحت الصين في المرتبة الأولى من حيث التسوق أيضا، حيث ارتفع عدد المتسوقين الصينيين عبر الإنترنت إلى 361 مليون متسوق في الربع الأول من العام الحالي، وهو ما يمثل 55.7 في المائة من إجمالي نسبة المتسوقين حول العالم، وقدر إجمالي إيرادات التجارة الإلكترونية الصينية في الفترة نفسها بنحو 439 مليون دولار، وفقا لتقرير الشبكة الحكومية لمعلومات الصين الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأوضح التقرير أن الصين تجاوزت الولايات المتحدة لتصبح أكبر سوق تجزئة في العالم على الإنترنت، كواحد من الإنجازات الاقتصادية الأساسية للتنمية في الصين خلال الخطة الخماسية رقم 12 (والخاصة بالأعوام 2011 - 2015).. و«تفوقت الصين في مبيعات الإنترنت على الولايات المتحدة في عام 2014.. أما في 2015، فقد تفوقت بضعفي مبيعات الإنترنت مقارنة بالعام الماضي»، وذلك وفقا لتقرير مكتب الإحصاء الوطني الصيني الصادر في أكتوبر الماضي.
ويأتي ذلك في وقت قدر فيه إجمالي مبيعات الولايات المتحدة من الإنترنت عبر الحدود بنحو 300 مليار دولار بنهاية 2014، بحسب مجلة «ستايستا» الأميركية.
وتعليقا على تقدم الصين، قال خبير الأمن السيبراني (شبكات الإنترنت) في معهد الصين الاستراتيجي للتنمية والابتكار، تشين آن، في تصريحات صحافية سابقة: «إن اتجاه الصين لتصبح رائدة العالم في التجارة الإلكترونية يأتي بفضل سياستها المواكبة للابتكار والتطوير والمؤسسات القادرة على المنافسة».
وبحسب المعلومات المتاحة، تمتلك الصين أكثر من 5 آلاف منصة للتجارة الإلكترونية عبر الحدود، وأكثر من 200 ألف شركة. وتعد التجارة الإلكترونية القوة الأكثر نشاطا من تجارة الواردات والصادرات الصينية، فقد بلغ إجمالي تجارة الاستيراد والتصدير الصينية 26.43 تريليون يوان (نحو 1.6 تريليون دولار) في 2014، فيما بلغ إجمالي مبيعات التجارة الإلكترونية في الفترة نفسها 3.75 تريليون يوان (590 مليار دولار)، دولار بما يشكل 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وفقا لتقرير وزارة التجارة الصينية الصادر في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وبحسب وسيم أرساني، الرئيس التنفيذي لشركة «لينك»، لـ«الشرق الأوسط»، فإن الصين نقلت التجارة الإلكترونية لمرحلة جديدة لكي تصبح صناعة متكاملة من خلال رحلتها التي استغرقت ما لا يقل عن 15 عاما.
وتمتلك الصين ما يقرب من 328 شركة كبيرة تمتلك منصات إلكترونية عالمية، برأسمال سوقي بلغ 785 تريليون يوان، وهو ما يمثل 25.6 في المائة من إجمالي القيمة السوقية للجمهورية الصينية.
وتصدرت أربع من تلك الشركات قائمة أكبر شركات للتسوق الإلكتروني عالميا، فيما توقع تقرير الاستهلاك عبر الحدود السنوي الصادر العام الماضي عن وكالة أنباء «شينخوا» أن «التجارة الصينية عبر الحدود ستتضاعف في السنوات الثلاث المقبلة».
ويرى مراقبون أن زيادة عدد منصات التسوق الإلكتروني على الإنترنت في الصين قد أعطت دفعة قوية للاقتصاد الصيني، فقد نما الاقتصاد الصيني بنسبة 6.9 في المائة في النصف الأول من العام الحالي، مخالفا بذلك توقعات آخرين باستمرار تباطؤ الاقتصاد الصيني.
ويؤكد أحمد قابيل، رئيس مجلس إدارة شركة «أو إم إس للاستشارات ونظم المعلومات»، لـ«الشرق الأوسط»، أن «التسوق الإلكتروني أعطى دفعة قوية للاقتصاد الصيني خاصة مع تزايد الإقبال على طرق الدفع الإلكتروني، وزيادة الثقة في أنظمة الحماية الإلكترونية».
بينما يرى غو هيو، كبير محللي الاستثمار بشركة «تريدي أميرتريد»، في تصريحات صحافية سابقة، أن تباطؤ النمو في قطاع التجزئة حول العالم يعكس تزايد الإقبال بوتيرة سريعة على قطاع التجزئة على الإنترنت، مضيفا أن «هذا يعكس نضج سوق الإنترنت مقارنة بغيرها من الصناعات داخل الصين».
وعلى الرغم من تراجع معدلات نمو الواردات والصادرات؛ فإن الحكومة الصينية أخذت في تدبير سياسات تعزيز الأعمال التجارية عبر الإنترنت، بنشر معدلات الأرباح التجارية للشركات التي تحقق ما يقرب من 80 في المائة من إجمالي تداولات البيع خلال الإنترنت عبر الحدود.
«وبعد عدة سنوات من الصعود والهبوط؛ تعبر الصين الحدود بسلسلة من منصات التجارة الإلكترونية الآخذة في التحسن، وهيكل تجاري مستقر يأتي إلى حيز التطور السريع، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 120 في المائة من حجم التسوق الإلكتروني عبر الحدود»، كما أوضح تقرير وكالة الأنباء الصينية «شينخوا».
ويفترض مركز بوسطن للاستشارات مقاربة اقتصاد الإنترنت عبر الحدود بمثابة اقتصاد دولة، مستنتجا أن ذلك سيشير إلى أنه الدولة الخامسة عالميا خلف اقتصادات الولايات المتحدة والصين والهند واليابان؛ ليضع اقتصاد دولة صناعية كبرى بحجم ألمانيا خلفه في الترتيب.
وتقدم شركات تجارة التجزئة الإلكترونية «المترامية الأطراف» داخل الجمهورية الصينية منصات التجارة كواجهات المحلات على مواقع منتشرة عالميا لتقديم خدماتها ومنتجاتها للمستهلكين، فيما شبه بموقع «إي باي» أو «أمازون». ومن أشهر المنصات الصينية موقعا «تاوباو» و«تمال»، ويعد الموقعان السابق ذكرهما من أكبر المجموعات الإلكترونية ذات الشبكات المنتشرة لتشمل العالم أجمع، إضافة إلى خدمات الدعم اللوجيستية، وخدمة العملاء، ودعم تكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى بعض المواقع التي تقدم خدمات التجزئة «المقلدة» بتكلفة أقل من تكلفتها الحقيقية.
وعلى النقيض من ذلك، يعتمد النموذج السائد في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان على تقديم خدمات التسوق الإلكتروني لنفس الماركات التجارية المعروضة للمستهلكين وربما «بنفس التكلفة»، أو منصات التجارة الإلكترونية الكبيرة مثل «أمازون».
ويوضح أرساني، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك أسواقا للمنتجات الأصلية والمنتجات البديلة، ولا يجب التقليل من شأن تلك الأسواق، فهي تخدم قطاعا كبيرا من العملاء.
أما في خدمات الألعاب الإلكترونية فقد اتخذت الصين الاتجاه لاستخدام الألعاب المجانية لاستقطاب المستخدمين، في حين تستخدم الولايات المتحدة سياسة «اللعب الصرف» Pure Play (الألعاب المدفوعة الأجر). وتعد الصين أكبر مسوق للألعاب عبر الإنترنت بقاعدة تعدت 368 مليون مستخدم، بقطاع بلغت أرباحه 13.5 مليار دولار العام الماضي، وقد بلغت نسبة اللاعبين الذكور 73 في المائة أما الإناث فكانت 27 في المائة. وبتحليل أنماط التشغيل في ما يقرب من 266 شركة من منصات التجارة الإلكترونية، فقد وجد أن الشركات تحقق 40 في المائة كدخل صاف، والنسبة المتبقية المقدرة بـ60 في المائة تُطبق عليها سياسات الضرائب والإهلاك.
ووفقا لتقرير «KPMG» الصادر منذ أيام قليلة، فإن متوسط الإنفاق لاستهلاك السلع المكملة في الصين بلغ نحو 2300 يوان خلال النصف الأول من العام الحالي، بزيادة قدرها 28 في المائة مقارنة بالفترة نفسها عام 2014، وأرجع التقرير العوامل الرئيسية لتسوق المستهلكين على الإنترنت إلى الأسعار والخصومات.
وباع تجار التجزئة سلعا على الإنترنت في الصين وحدها بلغت قيمتها ما يقرب من 1645.9 مليار يوان (265.33 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الحالي، بزيادة قدرها 39.1 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وقد شمل هذا التقرير البضائع المادية، والسلع الافتراضية والبرمجيات والكتب.
بينما زادت مبيعات السلع المادية بنسبة 38.6 في المائة لتصل إلى 1375.9 مليار يوان (221.82 مليار دولار)، كما نمت مبيعات المنتجات الافتراضية بنسبة 41.9 في المائة لتصل إلى 270 مليار يوان (43.53 مليار دولار). كما ارتفعت مبيعات المواد الغذائية والملابس والمنتجات المنزلية، بنسب 45.9 في المائة، و30.1 في المائة، و41.8 في المائة على التوالي، في الفترة نفسها سابقة الذكر.
كما ارتفعت مبيعات التجزئة للمنتجات المادية بنسبة 10.6 في المائة، لتصل إلى 141.57 مليار يوان (2282.51 مليار دولار) في الفترة نفسها، وارتفعت مبيعات التجزئة على الإنترنت في الصين بنسبة 50 في المائة، لتصل إلى ما يقرب من 450 مليار دولار في عام 2014. وإذا تم الحفاظ على نسبة النمو نفسها، والتي بلغت 39 في المائة، خلال السنة الحالية، فسيصل الإجمالي إلى 625 مليار دولار. على النقيض، بلغت تجارة التجزئة على الإنترنت في الولايات المتحدة 304.9 مليار دولار في عام 2014، وارتفعت بنسبة 14.5 في الربع الأول خلال العام الحالي. وتوقعت الولايات المتحدة زيادة في مبيعات التجزئة خلال 2015 بنسبة 15 في المائة لتبلغ بنهاية العام 350 مليار دولار.
من ناحية أخرى، بلغ نمو المبيعات الإلكترونية بالتجزئة في النصف الأول من العام الحالي عالميا 39 في المائة، وهو أعلى من معدل النمو في الولايات المتحدة أو أي اقتصاد كبير آخر، وقد تراجع من نسبة 50 في المائة مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي. وتتوقع وزارة التجارة الصينية أن يصل حجم التجارة الإلكترونية الصينية عبر الحدود إلى نحو 6.5 تريليون يوان (1.02 تريليون دولار) في عام 2016، بزيادة قدرها 30 في المائة مقارنة بالعام الحالي، وزيادة 20 في المائة في نسبة إجمالي تجارة الاستيراد والتصدير الصينية.
وقد أصدرت وزارة التجارة الصينية تقريرا بأسماء أفضل 10 شركات للتجارة الإلكترونية في الربع الأول من 2015. وقالت وكالة الأنباء الصينية «شينخوا» في تقريرها الصادر منذ أيام، إن 40 في المائة من المنتجات المبيعة على الإنترنت «مزيفة»، بينما يتوقع الرئيس التنفيذي لشركة «لينك»، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن المنصات التي تقوم ببيع تلك المنتجات «لن تستمر طويلا»، نظرا لتقييم العملاء ودرجة رضائهم عن المنتج.
* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».