للمرة الأولى منذ 16 عاما.. المعارضة قد تهيمن على البرلمان في فنزويلا

شعبية الرئيس مادورو ما زالت تتدهور قبل الانتخابات المرتقبة في 6 ديسمبر

شعبية الرئيس مادورو تشهد مزيدا من التراجع بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة (أ.ب)
شعبية الرئيس مادورو تشهد مزيدا من التراجع بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة (أ.ب)
TT

للمرة الأولى منذ 16 عاما.. المعارضة قد تهيمن على البرلمان في فنزويلا

شعبية الرئيس مادورو تشهد مزيدا من التراجع بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة (أ.ب)
شعبية الرئيس مادورو تشهد مزيدا من التراجع بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة (أ.ب)

تهدد المعارضة في فنزويلا للمرة الأولى منذ 16 سنة بانتزاع الغالبية من تيار تشافيز، بزعامة الرئيس نيكولاس مادورو، الذي ما زالت شعبيته تتدهور بسبب الأزمة الاقتصادية الخطيرة قبل الانتخابات التشريعية المرتقبة في السادس من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وسيكون حصول تغيير في البرلمان حدثا تاريخيا مهما، لا سيما وأن الحزب الاشتراكي الموحد في فنزويلا تعود على الإمساك بكل الصلاحيات منذ انتخاب الرئيس هوغو تشافيز، الذي يمثل رمزا وتوفي عام 2013.
ورغم أن مهرجانات وتجمعات الحملة لم تبدأ بعد، فإن الحديث عن الانتخابات، التي سيختار فيها الناخبون الفنزويليون المقدر عددهم بـ19 مليونا، نوابهم الـ167 في البرلمان، المؤلف من مجلس واحد، يتردد على كل شفة ولسان في المنازل والمكاتب، وحتى طوابير الانتظار في المتاجر.
وقبل شهر من الاستحقاق الانتخابي، تشير معظم استطلاعات الرأي إلى تقدم ائتلاف المعارضة «الطاولة من أجل الوحدة الديمقراطية» بـ14 إلى 31 نقطة، حتى وإن كانت الحكومة تشير إلى تحقيقات أخرى تعطي الحزب الاشتراكي الموحد 40 في المائة من الأصوات.
ويتكون الائتلاف من تجمع كبير، لكن لا تزال وحدته هشة، رغم أنه يضم أكثر من 30 حزبا من اليسار المعتدل، إلى اليمين المتشدد، لكن يربطها رفضها لتيار تشافيز، وتراهن حملة هذا الائتلاف على «التغيير».
وفي مؤشر على قلق الحزب الحاكم، فقد تعرضت المعارضة لهجمات شديدة في الأشهر الأخيرة. وكمثال على ذلك فقد حكم على المعارض الراديكالي ليوبولدو لوبيز بالسجن لنحو 14 سنة بتهمة التحريض على العنف، كما سجن رئيس بلدية منطقة كراكاس الكبرى أنطونيو ليديزما، بعد اتهامه بالتآمر، بينما جمد القضاء ترشيح النائبة السابقة ماريا كورينا ماشادو. إلا أن هذه العقبات لم تنل من رغبة الشعب في طي الصفحة، وبحسب معهدي داتانالايزس وفينيبارومترو فإن مادورو لن يحصل سوى على 25 في المائة من الآراء المؤيدة. بينما لفت المحلل السياسي جون ماغدالينو إلى إمكانية حصول المعارضة على الغالبية البرلمانية حتى مع أسوأ توزيع للأصوات في هذا النظام الانتخابي المعقد، حيث لا يعني الحصول على أكبر عدد من الأصوات المزيد من المقاعد النيابية.
ويبدو أن الفنزويليين سئموا من الانتظار لساعات في طوابير طويلة للحصول على منتجات أساسية، تتناقص بقوة مع تضخم تتوقع الحكومة أن يبلغ 85 في المائة هذه السنة، بينما يتوقع المحللون أن يبلغ 200 في المائة. والأمر المستغرب له، حسب بعض المراقبين، هو أن السخط الشعبي أدى في 2014 إلى تظاهرات عنيفة خلفت 43 قتيلا بحسب الحصيلة الرسمية، بينما بقيت الأجواء هادئة في الأشهر الأخيرة. لكن الخلافات تتفاقم مع دنو موعد الاقتراع.
وبهذا الخصوص يقول جيفرسون ماركيز (21 عاما)، وهو تقني كهربائي عاطل عن العمل، إن هذه الحكومة لم تعد صالحة لشيء. انظروا إلى الكارثة، فهناك طوابير انتظار لشراء حاجيات أساسية، وكل شيء باهظ الثمن، وهناك أيضا انعدام فظيع للأمن. لكن حتى وإن لم أكن أرفض مرشحي المعارضة، إلا أنه يجب إعطاؤهم فرصتهم لرؤية ما سيحصل.
ولاحتواء النقمة الشعبية دعا مادورو أنصاره إلى القيام بحملة «من منزل إلى منزل» من أجل إقناع المستاءين والمترددين. كما زاد الحد الأدنى للأجور بنسبة 30 في المائة، ومنح معاشات تقاعد لـ110 آلاف شخص، واعدا حتى بحلق شاربيه إن لم يتم تسليم جميع المساكن الاجتماعية الموعود بها في الوقت المحدد.
من جهته، أكد هنريكي كابريلس، حاكم ولاية ميرندا المرشح الذي لم يحالفه الحظ في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2013 أنهم يائسون. ولذلك لن يكون هناك فقط تصويت عقابي، بل تصويت أمل. لقد ضاق الشعب ذرعا بالوضع.
ويعد مادورو باحترام النتائج «أيا يكن الفائز»، ويدعو إلى «الحوار»، لكنه يستطرد محذرا في الوقت نفسه من «أننا لن نتخلى مطلقا عن الثورة». بينما يعتبر لويس فيسنتي ليون، رئيس معهد داتاانلايزس أنه من البديهي أن الفوز سيعطي المعارضة نفحة أكسجين، ومزيدا من القدرة لتطالب الحكومة باتخاذ القرارات التي تتجنبها اليوم. كما يحذر أيضا من أن ذلك لن يكون حلا سحريا في هذا البلد الغارق في الأزمة مع تدهور أسعار النفط، الذي يعد المصدر الأساسي لعائداته.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.