حليف «داعش» في مصر يبرز كمشتبه به رئيسي في تحطم الطائرة الروسية

استراتيجية التنظيم الإرهابي أعطت نتائج عكسية بسبب تنفير ملايين المصريين منها لا سيما العاملين في قطاع السياحة

ضابطان مصريان أمام أجهزة فحص الحقائب في مطار شرم الشيخ (أ.ب)
ضابطان مصريان أمام أجهزة فحص الحقائب في مطار شرم الشيخ (أ.ب)
TT

حليف «داعش» في مصر يبرز كمشتبه به رئيسي في تحطم الطائرة الروسية

ضابطان مصريان أمام أجهزة فحص الحقائب في مطار شرم الشيخ (أ.ب)
ضابطان مصريان أمام أجهزة فحص الحقائب في مطار شرم الشيخ (أ.ب)

في غضون أشهر من تولي الجيش للسلطة في مصر قبل عامين، تمكنت جماعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم «أنصار بيت المقدس» من اختراق نقاط التفتيش والإجراءات الأمنية المكثفة لتنفيذ سلسلة من الهجمات المروعة، واغتالت مسؤولا كبيرا في الشرطة داخل منزله، وفجرت مديريتي أمن القاهرة والمنصورة.
ويتورط في تلك الجرائم أشخاص جديرين بالثقة. فقد خَلُصت السلطات المصرية إلى أن الجماعة تلقت معلومات حاسمة من شرطيين، هما: الملازم محمد عويس، والعقيد سامح العزيزي، اللذين كانا ضمن عددا من ضباط الجيش والشرطة جندتهم الجماعة في نهاية المطاف، بحسب «نيويورك تايمز».
والآن، تعد نفس الجماعة التي تعمل حاليا كفرع «ولاية سيناء» التابع لتنظيم داعش المشتبه به الرئيسي في جريمة أخرى: إذ يرجح المسؤولون البريطانيون والأميركيون إمكانية زرع الجماعة قنبلة على متن الطائرة الروسية التي انفجرت الأسبوع الماضي وهي في الجو فوق شبه جزيرة سيناء المصرية، ما أسفر عن مصرع 224 شخصا كانوا على متنها.
ولم تؤكد أي حكومة على أن تنظيم داعش المصري هو المسؤول عن الحادث. لكنه أعلن بحماسة مسؤوليته عن إسقاط الطائرة، فيما احتفل الآخرون المنتمون لـ«داعش» بالحادث – وهي مواقف تعكس التغيرات الجذرية لدى كل من «داعش» و«ولاية سيناء» منذ تعهد الفرع المصري بالولاء للتنظيم قبل عام. فقد تطورت الهجمات التي يشنها «ولاية سيناء» – الذي كان جماعة بدوية في الغالب تركز في الأساس على مقاتلة قوات الأمن المصرية – سريعا في التكتيكات وإراقة الدماء. وإذا تأكد دوره في إسقاط الطائرة، فإن ذلك يمثل دهشة لـ«ولاية سيناء» نفسه لتنفيذه هجوم يفوق قدراته، لكنه يحفز رد فعل عنيف ضد تنظيم داعش، وفقا لبعض المحللين.
وإذا كان متشددو سيناء قد عثروا فعلا على رجل يحظى بالثقة ليساعدهم في إسقاط طائرة متجهة إلى روسيا.. «هل قال أعضاء (داعش) في سوريا: بالطبع، لم لا؟ فكلما زاد أعداؤنا، زاد المرح؟ أم أنهم يحتفلون فقط بسقوطها، لأنهم لا يتمكنون من شن مثل هذا الهجوم الكبير؟»، هكذا تساءل ويليام ماكانتس، الباحث بمعهد بروكينغز، ومؤلف «داعش نهاية العالم».
وقد يكون التنظيم الرئيس في الرقة بسوريا لديه الكثير ليخسره، من خلال قبول أو حتى تبني ذلك التفجير، بحسب ماكانتس. وعلى الرغم من أن مؤيدي «داعش» يصفون تحطم الطائرة بأنه انتقام من روسيا لتدخلها في سوريا من أجل مساعدة الرئيس بشار الأسد، يشير السيد ماكانتس إلى أن الروس استهدفوا الجماعات المتمردة المدعومة من الغرب - التي تعد أعداء «داعش» - في أغلب هجماتهم.
وذكر ماكانتس: «تضرب روسيا أعداء (داعش). لا يمكنني أن أصدق أن المتشددين في الرقة يريدون تحوُّل روسيا ضدهم».
وحتى الآن، يركز تنظيم داعش في الأساس على المعارك الطائفية المحلية. فقد شن حروبا ضد دولتين - سوريا والعراق، وربط نفسه بجماعات محلية متطرفة في ليبيا وأفغانستان ونيجيريا وغيرها، كما شجع أتباعه على شن هجمات «الذئاب المنفردة» على الغربيين ومصالحهم.
لكن أولويات التنظيم بالسيطرة على الأراضي تُميِّز «داعش» عن الجماعات القديمة مثل تنظيم القاعدة، الذي تركزت استراتيجيته الأساسية على إلحاق أضرار هائلة بالمدنيين في دولة أجنبية بعيدة. ولم يقصف أي فرع لـ«داعش» طائرة مدنية من قبل.
وقال مختار عوض، الباحث بمركز التقدم الأميركي، والمتخصص في شؤون المتشددين المصريين: «هذا يجلب إلى الواقع أسوأ مخاوفنا من أن داعش – الذي يستحوذ على أكبر مساحة من الأراضي، ولديه أكبر كمية من الموارد، ويتمتع بأشد قوة، في تاريخ المتطرفين أصبح الآن بمثابة منصة انطلاق الهجمات الإرهابية».
وأضاف: «هذه طريقتهم في الانتقام. يُستخدم الإرهاب كأداة حرب – لمحاولة ردع هجمات القوى الأجنبية».
ومنذ ظهوره، ركز تنظيم ولاية سيناء في الأساس على الأهداف المحلية، وبالأخص أفراد الجيش والشرطة. ويعود تاريخه إلى وقت مبكر من العقد الماضي، عندما تخرج حفنة من البدو من جامعات مصرية وعادوا إلى سيناء لتشكيل جماعة أصولية إسلامية متشددة. وعبر الاستفادة من حالة الاستياء من الحكومة المصرية، انتشر المتشددون بين القبائل السيناوية، وأطلقوا على أنفسهم اسم «حركة التوحيد والجهاد».
وشكلت الجماعة في نهاية المطاف تمردا أوسع، فلجأت إلى ذبح السياح، وهو تكتيك واضح للمتشددين الذي يسعون لشل الاقتصاد المصري. ونفذ المتشددون عملية قتل جماعي في الأقصر عام 1997 أسفرت عن مقتل 64 شخصا، وبعدها نفذوا سلسلة تفجيرات في منتجعات البحر الأحمر، من بينها شرم الشيخ، ما أسفر عن مقتل أكثر من 145 شخصا بين عامي 2004 و2006.
وأعطت تلك الاستراتيجية نتائج عكسية بسبب تنفير ملايين المصريين منها، لا سيما هؤلاء العاملين في قطاع السياحة. ولوقوف الشعب في صفها، سحقت قوات الأمن المصرية في النهاية المتشددين، وبالأخص هؤلاء الذين يتمركزون في شبه جزيرة سيناء.
وعقب الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في عام 2011، أُطلق سراح العشرات من السجناء السياسيين والمتطرفين المخضرمين، وكذلك بعض متشددي سيناء الذين شكلوا بعد ذلك جماعة أنصار بيت المقدس. كما أفادت التقارير بانضمام بعض المتطرفين الفلسطينيين، الذين اختلفوا مع حركة حماس في قطاع غزة، بجانب أتباع محمد الظواهري، شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
وركز المتشددون هدفهم تلك المرة على إسرائيل، حيث دمروا خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز الطبيعي المصري عبر الحدود إلى إسرائيل. وعندما قاد الرئيس عبد الفتاح السيسي الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في عام 2013، حولت الجماعة تركيزها للهجوم على قوات الأمن المصرية.
وأظهرت جماعة أنصار بيت المقدس بسرعة كفاءة في صنع القنابل، وفجرت مديرية أمن المنصورة الواقعة في دلتا النيل في ديسمبر (كانون الأول) 2013. وأودت الهجمات بأرواح المئات من جنود وضباط الشرطة. وتفاقم عدد المتشددين إلى بضعة آلاف، مع وجود خلايا تعمل في وادي النيل والصحراء الغربية بالإضافة إلى سيناء، وفقا لدبلوماسيين غربيين مطلعين على تقارير استخباراتية.
وإدراكا منها بتجربة المتشددين في السابق، يبدو أن الجماعة حاولت جاهدة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين. وحرصت على تفجير القنابل في منتصف الليل أو في الأيام التي تكون المباني فيها فارغة.
لكن الأمر بدأ في التغير خلال الخريف الماضي، عندما تعهد فصيل المتشددين في سيناء بالولاء لتنظيم داعش.
وفي النهاية، بعد تحطيم الطائرة الروسية، بدا تنظيم داعش متحمسا لإعلان مسؤوليته عن الحادث حتى الآن. فقد أعلن متطرف وهو يقف على الأنقاض في مدينة حلب بسوريا، في فيديو نشره التنظيم في المدينة خلال نهاية الأسبوع الماضي: «نشكر أبطالنا وأُسُودنا في شمال سيناء». وقال آخر: «نأمل في إسقاطهم المزيد من الطائرات». وحذر ثالث الروس قائلا: «كما تقتلون، ستُقتَلون».
* خدمة «نيويورك تايمز»



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.