حجاب مزين بزهرة الخشخاش.. رمز ذكرى الحرب العالمية الأولى

رابطة المحاربين البريطانيين تحث المسلمات على ارتدائه.. احتفاء بالذكرى وتأكيدا للانتماء

حجاب مزين بزهرة الخشخاش.. رمز ذكرى الحرب العالمية الأولى
TT

حجاب مزين بزهرة الخشخاش.. رمز ذكرى الحرب العالمية الأولى

حجاب مزين بزهرة الخشخاش.. رمز ذكرى الحرب العالمية الأولى

من يشاهد البرامج التلفزيونية البريطانية يلاحظ أن جميع من يظهرون على شاشات هيئة البث البريطاني (بي بي سي)، في شتى أنواعها، يرتدون زهرة الخشخاش، التي أصبحت رمزا لذكرى الحرب العالمية الأولى وضحاياها من الجنود. إذ يقوم في هذه الفترة من كل عام أعضاء رابطة المحاربين البريطانيين ببيع الزهرة الحمراء في الشوارع والطلب من الناس التبرع للرابطة وارتداء هذا الرمز الذي أصبح يعبر عن تقدير الناس للمحاربين ضحايا الحروب. مع أن البعض يعتقد أنها أصبحت تمثل المؤسسة العسكرية البريطانية وليس الضحايا من عامة الناس، الذين قتلوا بسبب هذه الحرب التي لم يكن لها فائدة.
في السنين السابقة وجهت بعض الانتقادات للناس من الذين يرفضون الاشتراك في هذه المناسبة، خصوصا من المهاجرين والمسلمين، الذي يرون أن هذه الحروب لا تخصهم وأنهم أيضا ضحاياها. وقام بعض المسلمين أيضا بحرق هذا الرمز.
لكن الرابطة قررت هذا العام تشجيع المسلمين على ارتداء الزهرة وإظهار انتمائهم لبريطانيا من خلال مشاركتهم في الذكرى. وقررت الرابطة هذا العام ولأول مرة تصميم حجاب للنساء المسلمات مزين بالزهرة الحمراء، يعكس في ارتدائه تعاطفهن مع ضحايا الحرب في هذه الذكرى السنوية. ويباع الحجاب على موقع الرابطة بعشرين جنيها إسترلينيا. وقالت الرابطة إنها تحاول «تسهيل المهمة على المسلمات للاشتراك في الذكرى». وكانت الفكرة قد بدأت قبل سنتين من قبل منظمة مغمورة بإمكانات ضئيلة. وبعد ازدياد الطلب على الحجاب المزين بزهرة الخشخاش، حولت المهمة لرابطة المحاربين.
الحجاب المعني هنا تم تصميمه من قبل مصممة أزياء مسلمة قالت إنها قررت القيام بهذا العمل بعد أن «رفض بعض المسلمين بازدراء فكرة ذكرى الحرب ويوم الهدنة»، كما جاء على موقع الرابطة، الذي يمكن من خلاله شراء الحجاب.
في عام 2014 وخلال «الحملة السنوية لزهرة الخشخاش» قامت الجمعية الإسلامية في بريطانيا بالتعاون مع منظمة «مستقبل بريطانيا» بالترويج للحجاب وبيعه، إلى أن نفد جميع ما تم إنتاجه من أحجبة مرتين وخلال أسبوع. ولهذا فقد قررت هذا العام إعطاء المهمة لرابطة المحاربين، كونها تتمتع بقدرات إدارية ومالية أعلى. وقال متحدث باسم «منظمة مستقبل بريطانيا» إن التجاوب كان إيجابيا. ولهذا قررنا أن نشرك الرابطة، صاحبة «نداء زهرة الخشخاش، بسبب إمكاناتها المادة والإدارية وشبكتها الكبيرة من النشطاء». وكان الحجاب يباع بـ22 جنيها إسترلينيا، وقد تم تخفيضه إلى 20 جنيها إسترلينيا من أجل زيادة الطلب والمبيعات.
المصممة تابيندا كوثر اشهاق، 25 عاما، درست في كلية لندن لتصميم الأزياء وصممت الحجاب خلال دراستها. وقالت تابيندا «عندما صممت الحجاب قبل عام فكرت في الموضوع ورأيت أنها فكرة بسيطة أن ترتدي المسلمة الحجاب مع هذه الزهور لتقول أنا مسلمة وفخورة بانتمائي لبريطانيا».
مؤسسة «مستقبل بريطانيا» تقدر أن عدد المسلمات ممن ارتدين الحجاب عام 2013 في المناسبة فاق المليون. وتقدر أيضا أن عدد المسلمين الجنود الهنود الذين انخرطوا في الجيش البريطاني وحاربوا إلى جانب الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى يزيد على 400 ألف جندي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».