إسرائيل تستدعي الاحتياط بعد تبخر رهانها على تراجع الهبة الفلسطينية

تجند 4 كتائب بدل النظامية المرسلة إلى الضفة الغربية

إسرائيل تستدعي الاحتياط بعد تبخر رهانها على تراجع الهبة الفلسطينية
TT

إسرائيل تستدعي الاحتياط بعد تبخر رهانها على تراجع الهبة الفلسطينية

إسرائيل تستدعي الاحتياط بعد تبخر رهانها على تراجع الهبة الفلسطينية

مع وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن وإطلاعه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على خطة يدعي أنه ينوي تنفيذها للتخفيف من ضائقة الفلسطينيين في الضفة الغربية، كشف النقاب في تل أبيب، عن ممارسات مناقضة على الأرض. فقد نشرت قوات الجيش الإسرائيلي حواجز عسكرية جديدة بين المدن الفلسطينية في الضفة الغربية. كما كشفت وزارة الداخلية، عن مخطط استيطاني كبير شرق رام الله. وقررت قيادة الجيش استدعاء قوات من الاحتياط، لتحل محل قوات الجيش النظامي، لتيقنها من أن الهبة الفلسطينية لن تهدأ في وقت قريب.
وأكدت مصادر عسكرية، أن الجيش وقوات حرس الحدود وغيرهما من قوة الأمن الإسرائيلية، أعادت نصب الحواجز العسكرية التي كانت قد أزالتها قبل بضع سنوات، في أماكن عدة في الضفة الغربية، ومنها على مدخل مدينة الخليل، حيث تم قطع الطريق الواصل بينها وبين حلحول، وكذلك نصبتها على طول الطريق بين رام الله ونابلس، وعند مخارج بلدة سلفيت جنوبي نابلس، وعلى مدخل مخيّم الفوار، بالإضافة إلى حواجز مؤقتة على طول طريق رام الله الخليل. وشرعت قوات الاحتلال على الحواجز تلك في تفتيش السيارات والتدقيق في هويات ركابها بشكل متعمد لا يخلو من الاستفزاز، مما تسبب في أزمات مرورية خانقة، ودفع السائقين إلى التوجّه إلى طرقات التفافية. وواصلت قوات الاحتلال اقتحامها اليومي لمدينة الخليل، حيث اجتاح جنودها مبنى الجمعية الخيرية الإسلامية في بلدة الشيوخ شمال شرقي المدينة، التي تقع جنوب الضفة الغربية، واستولوا على ملفات الأيتام والأجهزة الكهربائية والحواسيب. ومارسوا تخريبًا وكسروا الأبواب وحطموا المحتويات، واستولوا على حواسيب، وطابعات، وملفات، وأغراض تعود للأيتام.
من جهة ثانية، صادق مجلس التخطيط الأعلى في الإدارة المدنية الإسرائيلية، على دفع خارطة هيكلية لمنطقة الاستيطان الاستعماري، «معاليه مخماش»، إلى الشرق من رام الله، سيتم في إطارها تشريع بؤرتين وإضافة آلاف الوحدات الإسكانية للمستوطنات في المنطقة. وتشمل الخارطة مستوطنات «معاليه مخماش»، و«ريمونيم»، و«كوخاب هشاحر»، و«تل صهيون»، والمنطقة الواقعة جنوب مستوطنة «عوفرا». وجرى تقديم هذه الخارطة في 2014، وصادق وزير الأمن الشهر الماضي على مناقشتها. جرى النقاش في 21 أكتوبر (تشرين الأول)، وصدر القرار في الثالث من الشهر الحالي، وتم نشره يوم الخميس الماضي. وكما يبدو فقد صدر القرار تمهيدا للنقاش الذي ستجريه المحكمة العليا يوم الأربعاء المقبل، للنظر في الالتماسات التي قدمتها جمعية «يش دين» وعدد من السكان الفلسطينيين في المنطقة، ممن يطالبون بإخلاء بؤرة «متسفي داني» وهي إحدى بؤرتين تسعى الخارطة الجديدة إلى تشريعهما. وبشكل استثنائي شارك في جلسة لجنة التخطيط العليا، مستشار وزير الأمن لشؤون الاستيطان كوبي اليراز.
من جهة أخرى، بدا واضحا أن قيادة الجيش الإسرائيلي، خرجت بتقديرات مفادها أن الهبة الفلسطينية لن تهدأ في وقت قريب. لذلك قررت إعادة ترتيب قواتها على الأرض. وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فقد أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر بتجنيد أربع كتائب في الجيش الاحتياطي يفترض أن تستبدل الكتائب النظامية التي أرسلت إلى الضفة الغربية. وعلى الرغم من أن أوساط الجيش كانت تأمل، على الرغم من ضآلة الفرص، في تراجع الهبة الفلسطينية، فإن العمليات المنفردة تواصلت وتحولت إلى واقع صدام يومي، ولا يبدو أن ثمة حلا في الأفق حتى الآن. ونتيجة لذلك تلقى قادة كتائب الاحتياط أوامر بالاستعداد للتجنيد، بما في ذلك الاستعداد الخاص للتهديدات الجدية، ومن بينها عمليات الطعن والدهس.



غموض يكتنف خطة إعمار غزة مع عودة الضربات الإسرائيلية

أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
TT

غموض يكتنف خطة إعمار غزة مع عودة الضربات الإسرائيلية

أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)

أثار استئناف إسرائيل للضربات العسكرية على قطاع غزة، الثلاثاء، تساؤلات بشأن مصير المشاورات الرامية لحشد الدعم الدولي المالي والسياسي للخطة العربية - الإسلامية لإعادة إعمار غزة.

وبينما أكد مراقبون وخبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أن تنفيذ خطة إعادة الإعمار مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوصول إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، معولين على جهود الوسطاء في مصر وقطر للدفع نحو وقف الحرب، أشاروا إلى أن «محاولات الترويج للخطة ستستمر رغم الضربات الإسرائيلية، ورغم عدم وجود إشارات واضحة من تل أبيب وواشنطن لدعم إعادة الإعمار».

وشنّت إسرائيل ضربات جوية جديدة في أنحاء قطاع غزة، متعهدة بـ«تصعيد القوة العسكرية» بعد تعثر المحادثات مع حركة «حماس» بشأن الإفراج عن مزيد من الرهائن.

قوة عسكرية إسرائيلية عند حدود قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

وأدانت مصر بـ«أشد العبارات» الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت قطاع غزة، رافضة في إفادة رسمية لوزارة الخارجية الثلاثاء، «العمل على إفشال الجهود الهادفة للتهدئة واستعادة الاستقرار». ودعت الأطراف إلى «ضبط النفس وإتاحة الفرصة للوسطاء لاستكمال جهودها للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار».

وفي اتصال هاتفي، الثلاثاء، شدّد الرئيس المصري وأمير الكويت على «ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته للدفع تجاه الوقف الفوري لإطلاق النار، وتنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يعد الضمان الوحيد للتوصل للسلام الدائم بالشرق الأوسط».

ويرى عضو مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن الاتصالات بشأن الترويج للخطة العربية لإعادة الإعمار مستمرة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ بدء الحرب كانت هناك تناقضات مستمرة تؤدي للعنف، لكن ذلك لم يمنع من اعتماد مسارات المفاوضات والوساطة للتهدئة».

وأضاف: «خطة إعادة الإعمار هي مشروع حي لإنقاذ غزة وتحقيق السلام، كونها تتضمن رؤية أعم وأوسع للسلام بشكل عام»، مشيراً إلى الاتصالات التي أجرتها وزارة الخارجية المصرية أخيراً في هذا الصدد.

فلسطينيون ينزحون من منازلهم بعدما أمرت إسرائيل بإخلاء عدد من الضواحي في قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

ويتفق معه عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد حجازي، مؤكداً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتصالات مستمرة لحشد الدعم لإعادة الإعمار»، موضحاً أن «خطة إعادة الإعمار كانت متسقة مع اتفاق وقف إطلاق النار الذي تنصلت منه إسرائيل، لكن هذا لن يحول دون استمرار الجهود المصرية والعربية لوقف الحرب وبدء إعادة الإعمار»، معولاً على الضغوط الدولية لإنقاذ المنطقة من مزيد من التصعيد.

وقبيل استئناف الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة، كثّفت مصر من تحركاتها، بهدف حشد وتعبئة الدعم السياسي والمادي للخطة العربية - الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة.

وفي هذا السياق، أجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، سلسلة اتصالات هاتفية مع نظرائه بالدول الأعضاء باللجنة الوزارية العربية الإسلامية، شملت السعودية والإمارات والأردن وقطر وفلسطين وتركيا ونيجيريا وإندونيسيا، بشأن تنفيذ مخرجات قمة القاهرة الطارئة وخطة إعادة إعمار غزة. كما استضافت الخارجية المصرية، الاثنين، اجتماعاً مع أكثر من 100 سفير أجنبي وممثلي سفارات ومنظمات دولية، حول إعادة تأهيل القطاع الصحي بقطاع غزة، حيث تم تقديم عرض مرئي حول خطة إعادة إعمار قطاع غزة.

وخلال الاجتماع، أشار عبد العاطي إلى وجود متطلبات أساسية لنجاح الخطة، من بينها تثبيت وقف إطلاق النار في غزة. وشدّد وزير الخارجية على أن خطة إعادة إعمار غزة حصلت على تأييد إقليمي ودولي واسع، وأن مصر تعمل حالياً على ترتيب استضافة مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة لتأمين التمويل اللازم لتنفيذ الخطة.

أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)

وعدّ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، إسرائيل «أحد المعوقات الرئيسية لتنفيذ خطة إعادة الإعمار»، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة القادرة على إقناع إسرائيل بوقف إطلاق النار، لكنها على النقيض منحت تل أبيب ضوءاً أخضر لاستئناف الحرب».

وقال الرقب: «حتى الآن لا توجد إجراءات أو خطوات من جانب واشنطن تشير إلى رغبتها في إنجاح خطة إعادة إعمار غزة»، مشيراً إلى أن «إعادة الإعمار تتطلب الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، وهي ما لم يتحقق حتى الآن». وأضاف: «من غير الواضح ما إذا كان الوسطاء سيتمكنون من إقناع إسرائيل وواشنطن بالانتقال إلى المرحلة الثانية».

بدوره، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أنه منذ اليوم الأول لاعتماد الدول العربية وبعدها الإسلامية خطة إعادة الإعمار، «بدا أن إسرائيل مصرة على عدم تنفيذها، وظهر ذلك من خلال عرقلة المفاوضات حول المرحلة الثانية، والتمسك بمقترح أميركي لتمديد المرحلة الأولى».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن تنفيذ إعادة الإعمار دون وقف كامل لإطلاق النار»، معولاً على إمكانات الوسطاء لبذل مزيد من الجهد للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بمساعدة أميركية، مشيراً إلى أن استئناف الضربات على قطاع غزة من شأنه تنفيذ خطة التهجير التي رفضتها مصر والدول العربية.

وكانت الإدارة الأميركية أرسلت إشارات متضاربة بشأن موقفها من خطة إعادة الإعمار، فبينما قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، في وقت سابق هذا الشهر، إن الاتفاق المقترح «لا يلبي الشروط ولا طبيعة ما يطالب به ترمب»، مضيفة أنها «ليست على قدر التوقعات». أشاد مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بجهود مصر. من دون أن يؤيد تفاصيل الخطة، وقال: «نحتاج إلى مزيد من النقاش بشأنها، لكنها تشكل خطوة أولى لحسن النية من جانب المصريين».

يذكر أن خطة إعادة الإعمار تتضمن تشكيل لجنة لتتولى إدارة شؤون قطاع غزة في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، على أن تكون مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية «تكنوقراط» تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية. ووفق الخطة، سيتم توفير سكن مؤقت للنازحين في غزة خلال عملية إعادة الإعمار، ومناطق داخل القطاع في 7 مواقع تستوعب أكثر من 1.5 مليون فرد. وقدّرت الخطة إعادة إعمار غزة بـ53 مليار دولار، وستستغرق 5 سنوات.