وزيرة حقوق المرأة في فرنسا تدافع عن زميلتها نجاة بلقاسم وزيرة التعليم

نجاة بلقاسم تتحدث في البرلمان الجمعة الماضية
نجاة بلقاسم تتحدث في البرلمان الجمعة الماضية
TT

وزيرة حقوق المرأة في فرنسا تدافع عن زميلتها نجاة بلقاسم وزيرة التعليم

نجاة بلقاسم تتحدث في البرلمان الجمعة الماضية
نجاة بلقاسم تتحدث في البرلمان الجمعة الماضية

«إن الشتائم ذات الباعث الجنسي الموجهة لنجاة هي إهانة لكل النساء». هذا ما علقت به وزيرة حقوق المرأة في فرنسا باسكال بواتار، أمس، على مقال مسيء نشرته مجلة «لوبوان» حول وزيرة التعليم نجاة فالو بلقاسم. وأضافت أن الهجوم التمييزي بين الجنسين الذي تتعرض له الوزيرة بات منفرًا بالفعل.
وكان تقرير لمحرر المجلة التي تعتبر من الأسبوعيات السياسية البارزة، قد انتقد الآراء التي طرحتها وزيرة التعليم أثناء حضورها جلسة للبرلمان، الجمعة الماضية، للرد على أسئلة تتعلق بتدريس اللغة الألمانية في المدارس. وركز المقال على مظهر الوزيرة الخارجي، متهمًا إياها بأنها تعمدت إبراز معالم قميصها الداخلي، واستخدمت أحمر الشفاه، وارتدت قرطين بهدف «ذر الرماد في العيون»، واصفًا هذا الأسلوب بأنه «قديم قِدم العالم لكنه غير مسبوق أمام ممثلي الأُمة». وزاد من وقع المقال أن كاتبه هو جان بول بريغيلي، الباحث الذي يمارس مهنة التعليم. وهو قد سخر من وزيرته مقارنًا إياها بآني هول، بطلة فيلم «وودي ألن» التي كان «خط لباسها يبدو واضحًا تحت ثيابها على طريقة نساء كاليفورنيا».
نجاة بلقاسم، أول فرنسية من أصل عربي تتولى وزارة أساسية مثل وزارة التعليم الوطني، اشتهرت ببساطة مظهرها وقتامة ثيابها وتسريحتها القصيرة وخلو وجهها من المساحيق. وهي المرة الأولى التي تظهر فيها في مناسبة عامة وهي تتزين بقرط صغير مؤلف من خرزتين. لكن الملاحظات ذات الطابع الجنسي ليست جديدة على نائبات البرلمان ولا وزيرات الحكومة. وسبق لكثيرات أن شكون منها؛ إذ إن إديت كريسون، أول سيدة تتولى رئاسة الوزارة في فرنسا، في عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا ميتران، نشرت بعد مغادرتها الحكومة كتابًا تروي فيه تفاصيل الهجوم المستمر الذي تعرضت له لمجرد أنها امرأة.
وفي السياق نفسه، كانت نائبتان فرنسيتان قد وجهتا الدعوة لزميلاتهما، في وقت سابق، إلى تخصيص «يوم للتنورة» تحت قبة البرلمان. وجاءت الدعوة تيمنًا بفيلم قامت ببطولته النجمة إيزابيل أدجاني التي أدت دور معلمة في ثانوية مختلطة شجعت تلميذاتها على ارتداء التنورة بدل السروال للحفاظ على أنوثتهن في مواجهة مضايقات زملائهن الذكور. وتزايدت شكوى النائبات من التعليقات التمييزية التي تتعرض لها عضوات البرلمان في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي؛ إذ إن برنار أكواييه، رئيس الجمعية الوطنية آنذاك، وجد نفسه مضطرًا للدفاع عن برلمانه ضد تهمة «الذكورية» وسوء تعامل النواب مع زميلاتهم. وقال إن التمييز تحت القبة ليس بأكثر مما هو موجود في المجتمع، رافضا ما تردد حول الصعوبات التي تواجهها النائبات حين ترتدين التنورة، بدل السروال الرجالي. وجاء دفاع أكواييه ردا على تصريح لوزيرة قالت فيه إنها تتفادى حضور جلسات البرلمان مرتدية تنورة لأن ذلك يعرضها لتعليقات غير لائقة. وأكدت وزيرة أخرى تشغل مقعدا برلمانيا كلام زميلتها وصرحت للصحافة بأن الأنظار في الوسط السياسي تتركز على جسد المرأة، لذلك فإن الحل الأسهل يكون بارتداء «البنطلون».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».