رحالة بريطاني يقود فريقًا لعبور الربع الخالي مستعينًا بالجمال والإنترنت

بهدف تذكير الشباب العماني بتاريخ صحرائهم وبالتواصل بين دول الخليج العربي

TT

رحالة بريطاني يقود فريقًا لعبور الربع الخالي مستعينًا بالجمال والإنترنت

في عام 1930 قام موظف دولة بريطاني بعبور صحراء الربع الخالي مسجلا بذلك اسمه كأول شخص غربي يعبر ذلك الجزء الغامض من الجزيرة العربية. بيرترام توماس، الذي عين وزيرا للاقتصاد في البلاط العماني في الفترة ما بين 1925 إلى 1932، قام بعدة رحلات في الصحراء قبل أن يقدم على عبور الربع الخالي، وسجل مشاهداته حول سكان وثقافة الصحراء في كتابه الشهير «آرابيا فيليكس» (1932) الذي كتب له المقدمة تي إي لورنس (لورنس العرب).
وعلى خطى توماس، يأمل الرحالة البريطاني مارك إيفانز، المقيم في عمان، أن يعيد تلك الرحلة للربع الخالي ليسجل اسمه كثاني رحالة غربي يقطعها بعد توماس. إيفانز قضى 20 عاما في منطقة الخليج العربي، وقام برحلات عديدة خلال إقامته في السعودية لاستكشاف معالمها، وقام برحلة بحرية بمفرده لاستكشاف سواحل البحرين، إلى جانب رحلة إلى القطب الشمالي.
ولا يبدو أن حب المغامرة والاستكشاف قد هجر إيفانز، فهو الآن يستعد للقيام برحلة لمدة 60 يوما عبر الربع الخالي، يبدأها من صلالة عابرا السعودية لينتهي في الدوحة. ورغم أن الرحلة ستختلف جذريا عن الرحلة التي قام بها توماس في القرن الماضي، فإن صحراء الربع الخالي تظل غامضة وقاسية وغير متوقعه، فالليالي في الصحراء قارسة البرد وشمس النهار لا تقل قسوة.
في لندن، قدم إيفانز مشروع الرحلة التي يهدف من ورائها لتذكير الشباب العماني بتاريخ صحرائهم، وبأهمية التواصل بين دول الخليج العربي وبين العالم ككل.
خلال حديث شيق مع إيفانز، يشرح لـ«الشرق الأوسط» الاختلاف بين الرحلة التي قام بها توماس في عام 1930 وبين رحلته القادمة التي تنطلق في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ويعلق حول أهمية التكنولوجيا بالنسبة للرحالة المعاصر، وإن كان أيضا يرى أن عبور الصحراء العربية يحتاج أيضا لخبرات بدو الصحراء.
أبدأ الحديث مع إيفانز وأتساءل عن السبب وراء قراره بإعادة رحلة توماس لعبور الربع الخالي، يجيبني: «عشت في المنطقة لمدة 20 عاما، منها أربعة أعوام قضيتها في السعودية. كانت لدي سيارة (لاندروفر) عتيقة استخدمتها للتجول في أرجاء السعودية من أقضى الشمال لأقصى الجنوب، ووقعت في حبها وتطور لدي افتتان بكل الرحالة الذين قاموا بعبور الصحراء والربع الخالي في وقت كانت فيه تعد رحلة غير مسبوقة، وكان عليهم التعامل مع صحراء قاحلة وعطش شديد. بالنسبة لي هذه الرحلة تعد استمرارا لعمل أحببته وما زلت أستمتع به دائما».
كم استغرق الإعداد للرحلة؟ تساؤل نطرحه على إيفانز، فيقول: «الفكرة كانت تختمر في ذهني لفترة طويلة لكنها دخلت مرحلة الجد منذ عامين، خاصة أن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) بالنسبة لعمان يحمل أهمية خاصة، إذ إن البلاد ستحتفل بالعيد الـ45 لجلوس السلطان قابوس على العرش، وأردنا أن تكون الرحلة احتفالا بالمناسبة، وأن نجعل منها مثالا للشباب العماني. لا يمكنك أن تحصل على شيء أو تحقق عملا رائعا من دون بذل المجهود والعمل المتواصل. هي رسائل نود أن نرسلها من خلال الرحلة».
أشير إلى أنه، بخلاف بيرترام توماس، يعرف إيفانز الكثير عن الربع الخالي، وسيستفيد من كم المعلومات الهائل والتسهيلات الموجودة. يوافق إيفانز ويتابع: «بالتأكيد، يمكنك الآن استخدام كل الوسائل التكنولوجية والتسهيلات المتاحة، مثل (غوغل إيرث)، فنحن نعرف إلى أين نحن ذاهبون، ونعرف ما الذي ننتظره، وإن كان ما زال علينا أن نبذل الجهد الجسدي وأن نواجه المتغيرات التي قد تكون مفاجئة، وما زال علينا أن نحاول اختيار أفضل الطرق.. فالعالم الآن مختلف تماما عن العالم في الثلاثينات من القرن الماضي حين تنافس فيه عبد الله فيلبي وبيرترام توماس على من يكون له السبق في عبور الربع الخالي».
وبما أن إيفانز تحدث حول التسهيلات والتكنولوجيا، فإنني أتساءل عن المعدات التي سيستخدمها. يفاجئني في بداية إجابته بقوله إنه سيستخدم الجمال: «لدينا ستة جمال قوية سنعتمد عليها. سنقوم بالرحلة على الأقدام وعلى ظهور الجمال، وسنقطع مسافة 1300 كيلومتر، من صلالة وحتى الدوحة، عبر المنطقة الشرقية في السعودية».
وفي حين سيلجأ إيفانز للجمل، سفينة الصحراء، لعبور الصحراء، فإنه لن يستطيع استكمال الشكل التقليدي لعبور الصحراء، فالجمال تحتاج للماء ولن تجد آبارا صالحة للشرب منها. يشرح لنا أن رحلة توماس وغيره في القرن الماضي اعتمدت على وجود آبار صالحة، لكن الوضع الآن قد اختلف، فمعظم تلك الآبار قد انطمرت بسبب عدم الاستخدام. البدو الآن يستطيعون الحصول على الماء عبر سيارات نقل المياه». وهو ما سيتبعه إيفانز ورفقاؤه: «ستتبعنا سيارتان محملتان بالمياه لسقيا الجمال إذا لم تكن هناك آبار للشرب. وحتى إذا وجدت الآبار فمن غير المتوقع أن تكون محفورة، فالبدو الآن لا يعتمدون كثيرا عليها».
أذكر له جملة قالها من قبل وأثارت استغرابي، إذ إنه وصف الجمال بأنها أصبحت «حيوانات رقيقة»، وأتساءل إن كان ذلك هو رأيه فكيف سيعتمد على الجمل في الرحلة؟ يجيب: «نعم، خلال عملي بعمان، حيث أسست مؤسسة تعليمية خيرية تقوم برحلات في الجبال والصحراء كثيرا، ولاحظت أنه كلما اضطررنا للاعتماد على الجمال فإنها كانت تتعب سريعا ونضطر لجرها في بعض الأحيان، فالجمال لم تعد تحمل القدرة نفسها على العمل الشاق كما كان الحال في الرحلات القديمة في الصحراء منذ 85 عاما، حيث كانت الجمال تقطع مسافات طويلة حاملة أثقالا، على سبيل المثال خلال رحلات الحج حيث كانت تقطع مئات الكيلومترات بسهولة، فالآن الجمال تجد الغذاء والماء بشكل دائم ولا تحتاج لحمل أثقال»، لكنه مع ذلك سيحاول العثور على جمال قوية تستطيع تحمل مشقة الرحلة.
وإذا كانت الجمال ستستعيد دورها التقليدي في عبور الصحراء، فمن الطبيعي أن يكون هناك دليل من البدو ليرشد فريق الرحلة ويختار لهم أفضل الطرق. يقول: «لدينا مرافق من البدو في عمان وهو عامر الوهيبي، الذي ولد ويعيش في الصحراء، ولديه الجمال الخاصة به، وهو شخص رائع. زميلنا الآخر في الرحلة محمد الزجالي يعيش في المدينة، ولم يضطر للتعامل مع الجمال في حياته هناك أيضا، وهو يدرس في الجمعية التي أديرها. نحاول أن نعاون عامر في العناية بالجمال، ونتعلم كثيرا من ذلك، فكل واحد في الفريق يحمل مهارات خاصة، وكلنا نعتمد على عامر ومعرفته بالصحراء». ويشير إلى أهم عامل اختلاف بين رحلة توماس في ثلاثينات القرن الماضي وبين الرحلة القادمة: «هناك فرق كبير بين سهولة التواصل ونقل المعلومات بين هذا العصر وبين الثلاثينات، فخلال الرحلة الأولى مضت 60 يوما لم يعرف أحد أين توماس وفريقه، ولم تكن هناك طريقة للتواصل معهم، الفارق مدهش بالفعل، ويوضح الأشياء المذهلة التي قاموا بها.. ونقارن هذا مع الإمكانيات المتاحة لنا، فلدينا هواتف ثريا وسنحصل على خدمة إنترنت، فيمكننا أن نعمل على الكمبيوترات اللوحية من الخيمة كل ليلة، ويمكننا تحميل صورة يومية على المدونة الخاصة بنا».
بعد عامين من التخطيط سينطلق إيفانز وفريقه لعبور الربع الخالي في توقيت مهم، يقول: «نأمل أن نستطيع بدء الرحلة في 10 ديسمبر، وهو التاريخ نفسه الذي بدأت فيه رحلة توماس».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.