اتفاقية بين متحف باردو التونسي ومتحف اللوفر الفرنسي

قاعة قرطاج تعيد إليه الزوار بعد الترميم

ستصبح  قاعة قرطاج من بين أهم القاعات الأثرية التي تضم أكثر من ثلاثين منحوتة من الرخام إضافة إلى مجموعة من اللوحات الفسيفسائية الرومانية
ستصبح قاعة قرطاج من بين أهم القاعات الأثرية التي تضم أكثر من ثلاثين منحوتة من الرخام إضافة إلى مجموعة من اللوحات الفسيفسائية الرومانية
TT

اتفاقية بين متحف باردو التونسي ومتحف اللوفر الفرنسي

ستصبح  قاعة قرطاج من بين أهم القاعات الأثرية التي تضم أكثر من ثلاثين منحوتة من الرخام إضافة إلى مجموعة من اللوحات الفسيفسائية الرومانية
ستصبح قاعة قرطاج من بين أهم القاعات الأثرية التي تضم أكثر من ثلاثين منحوتة من الرخام إضافة إلى مجموعة من اللوحات الفسيفسائية الرومانية

عادت قاعة قرطاج الأثرية بمتحف باردو أكبر المتاحف الأثرية في تونس إلى سالف نشاطها بعد انتهاء عمليات ترميم التماثيل المعروضة في هذه القاعة وإعادة تهيئتها بالتعاون بين متحف باردو ومتحف اللوفر الفرنسي.
وستصبح قاعة قرطاج من بين أهم القاعات الأثرية التي تضم أكثر من ثلاثين منحوتة من الرخام إضافة إلى مجموعة من اللوحات الفسيفسائية الرومانية التي يمتد تاريخها من القرن الثاني قبل الميلاد إلى ما بعد القرن السادس ميلادي.
وعرضت قاعة قرطاج الأثرية كنوزها ومنحوتاتها القديمة والفسيفساء الشاهدة على عراقة الحضارات التي تعاقبت على أرض تونس ومن بينها الحضارة الرومانية.
واطلع زوار هذه القاعة التي عادت إلى النشاط مساء الأربعاء الماضي على 35 منحوتة أثرية مجسمة لشخصيات أسطورية لها أثرها في الحضارة الرومانية على وجه الخصوص، وأعيد بالمناسبة اكتشاف الإله جوبيتار والآلهة فينوس وهرقل وإيزيس إله القمر وإيروس إله الحب.
وحضر افتتاح القاعة الأثرية خبراء ومختصون في النحت والترميم من فرنسا وتونس وذلك في نطاق اتفاقية شراكة بين متحف باردو ومتحف اللوفر الفرنسي موقعة منذ سنة 2009.
ووفق ما صرح به نبيل قلالة مدير المعهد التونسي للتراث، من المنتظر أن تشمل الاتفاقية بين البلدين عمليات ترميم أثرية في عدة مواقع أثرية تونسية أخرى على غرار موقع بلاريجيا (شمال غربي تونس) والموقع الأثري بمنطقة المهدية (وسط شرقي تونس) وموقع تبربو ماجوس. وتنص الاتفاقية بين البلدين على بعث ورشة للنحت في متحف باردو وتنظيم معارض مشتركة تجمع قطعا أثرية من كل من تونس وفرنسا.
وقد استفاد المتحف خلال السنوات الأخيرة من عملية إعادة التهيئة انطلاقا من تكوين خبراء تونسيين على أيدي مختصين من فرنسا وهذا من خلال ورشة تعنى بإعادة تشخيص حالة المجموعات الأثرية والمنحوتات الرومانية الموجودة بمتحف باردو ومساعدة الشبان التونسيين على ترميمها والمحافظة على ما يتضمنه المتحف من قطع نادرة إلى جانب تشجيعهم ودعمهم لإصدار نشرة علمية تحتوي على فهرس مفصل لجميع المنحوتات التي يعود تاريخها إلى نحو ألفي سنة. غير أن الهجوم الإرهابي الذي استهدف سياحا أجانب معظمهم من البريطانيين في متحف باردو يوم 18 مارس (آذار) الماضي، أثر كثيرا على حركة التدفق السياحي واكتشاف أهمية الحضارات التي تعاقبت على أرض تونس.
وأشار المنصف بن موسى مدير متحف باردو إلى عودة النشاط التدريجي بفضل اكتساب المتحف شهرة عالمية بفضل مجموعة الفسيفساء التي يمتلكها والتي تعد الأثرى والأكثر تنوعا وتفننا في العالم. ويحتوي هذا المتحف على آلاف الكنوز الأثرية المتأتية من حفريات أجريت في البلاد خلال القرنين التاسع عشر والقرن العشرين، وهي مجمعة ضمن أقسام وموزعة على نحو خمسين قاعة ورواقا لتعطي صورة عن مختلف المراحل التي قطعتها تونس، من عصر ما قبل التاريخ إلى أواسط القرن الماضي: ما قبل التاريخ، العهد البوني - اللوبي، العهود الرومانية والمسيحية القديمة مع الفترتين الوندالية والبيزنطية، وأخيرا العهد الإسلامي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».