«زقاق».. تطبيق يتيح لك التجول في مدينة القدس «زقة زقة»

يمنح المحرومين من زيارتها والسياح فرصة التعرف على المدينة ومعالمها

«زقاق».. تطبيق يتيح لك التجول في مدينة القدس «زقة زقة»
TT

«زقاق».. تطبيق يتيح لك التجول في مدينة القدس «زقة زقة»

«زقاق».. تطبيق يتيح لك التجول في مدينة القدس «زقة زقة»

لا يستطيع كثير من أبناء الجيل الفلسطيني الجديد، زيارة مدينة «القدس» المعزولة عن محيطها العربي منذ سنوات طويلة، لكنهم اليوم يستطيعون أن يقوموا بجولة افتراضية ويتعرفوا عن قرب على أزقة المدينة العتيقة عبر تطبيق «زقاق» الذي أطلقته مؤسسة الرؤيا الفلسطينية في القدس بعد جهد استمر عدة شهور.
ويساعد التطبيق الجديد الذي أطلقه فريق مؤلف من 7 شبان، مستخدميه على التجول في أنحاء مدينة القدس المحتلة القديمة ومعرفة الكثير عن تاريخها وأماكنها السياحية.
وأطلقت «رؤيا» التطبيق على متجري غوغل وآبل مجانا لكل من نظامي آندرويد وiOS باللغتين العربية والإنجليزية وشعاره «امشي في القدس زُقّة زُقّة».
وقالت: «رؤيا» أن «زقاق» هو تطبيق يتيح توفير مصدر موثوق من المعلومات حول البلدة القديمة في القدس، ويستهدف جذب فئة الشباب من خلال عرض معلومات بطريقة حديثة وتفاعلية.
وقال مدير مؤسسة الرؤيا، رامي ناصر الدين، إن عدد مستخدمي التطبيق بلغ بالفعل 2000 شخص بعد عشرة أيام فقط من نشره. وأضاف ناصر الدين: «التطبيق على الهواتف الذكية والآندرويد والآي باد وأجهزة الكومبيوتر العادية. وهو يسلط الضوء على البلدة القديمة في مدينة القدس من ناحية تاريخية، وحتى سياسية».
وأوضح ناصر الدين، سبب تسمية التطبيق باسم زقاق قائلا: «سميناه زُقة زُقة لأن القدس القديمة تمتاز بالأزقة والحارات الموجودة فيها».
وتطرق مدير مؤسسة الرؤيا الفلسطينية، إلى بعض الخدمات التي يتيحها استخدام التطبيق، وتميزه عن غيره من التطبيقات، موضحا «ما يميز التطبيق سهولة الاستخدام. المعلومات الموجودة بسيطة، حيث يركز بالحديث عن أشياء لا نتحدث عنها كثيرا دخل القدس القديمة؛ مثل: عدد الكاميرات. عدد المستوطنين. عدد المحلات.. الأسواق».
وعمل طاقم «رؤيا» الذي تتراوح أعمار أعضائه بين 18 و35 عاما لأشهر طويلة في جلب المعلومات وتوثيقها والبحث عن نواقص لأضافتها.
ويتضمن التطبيق 3 أبواب رئيسية هي: «أين أنا»، و«معالم تاريخية» و«اختر حي».
ويساعد باب «أين أنا» مستخدم التطبيق على تحديد موقعه في البلدة القديمة أثناء التجول الافتراضي، ويمكن للمستخدم عند ضغط على باب «اختر حي» التجول داخل أي حي يختاره مثل الحي الإسلامي أو الحي المسيحي، فضلا عن بيانات بشأن الحي مثل عدد السكان والأندية والمعالم التاريخية والعيادات الطبية وغيرها.
كما يستطيع المستخدم الاطلاع على المعالم التاريخية الموجودة في المدينة، وتشمل المساجد والكنائس والأبواب والمدارس التاريخية والعقبات والزوايا. وأوضحت منسقة مشروع التطبيق مع مؤسسة رؤيا الفلسطينية، آلاء صفوري، فوائد التطبيق، قائلة: «الجميل في زقاق وجود خريطة تفاعلية تمكن المستخدم من التجول في معالم البلدة القديمة بطريقة تفاعلية وضمن إطار تاريخي فلسطيني عربي».
وأضافت صفوري: «المعلومات في زقاق تصنف لأكثر من محور مثل؛ الأسواق.. العيادات.. المدارس بالإضافة للمعالم التاريخية ذي المساجد والكنائس والأبواب».
ويقدر عدد الفلسطينيين الذين يقطنون القدس بأكثر من 300 ألف من بين سكان المدينة وعددهم 800 ألف. وينزل كثير من هؤلاء الفلسطينيين البلدة القديمة أسبوعيا.
وكل الأزقة المتعرجة والشوارع في البلدة القديمة بالقدس تؤدي في النهاية إلى بوابات الحرم القدسي.
ويمثل مستقبل القدس القديمة، حساسية بالغة، في صراع الشرق الأوسط؛ وهي جزء من مدينة القدس التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 وضمتها في خطوة لم يعترف بها العالم.
ولم تترك المؤسسة استخدام التطبيق على الهواتف الذكية فقط، بل نقلت التجربة إلى موقعها الإلكتروني لإتاحة المجال أمام جميع مستخدمي الإنترنت للتجول بالقدس افتراضيا لمساعدة أولئك الذين لم يستطيعوا زيارتها أبدا أو الذين اشتاقوا لها أو السياح الذين ينوون زيارتها ولا يعرفون شيئا عن تفاصيلها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».