وزير المياه اليمني لـ {الشرق الأوسط}: تحرير إقليمي الجند وتهامة سيعجل بسقوط صنعاء

الميليشيات الحوثية تشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف الناشطين بالحديدة

د. العزي هبة الله شريم
د. العزي هبة الله شريم
TT

وزير المياه اليمني لـ {الشرق الأوسط}: تحرير إقليمي الجند وتهامة سيعجل بسقوط صنعاء

د. العزي هبة الله شريم
د. العزي هبة الله شريم

قال الدكتور العزي هبة الله شريم، وزير المياه والبيئة، إن الحوثيين في اليمن، يلفظون أنفاسهم الأخيرة، وإنه ليس أمامهم خيار سوى القبول بالقرار الأممي 2216 وتنفيذه.
وأكد شريم لـ«الشرق الأوسط» أن إقليم تهامة سوف يتم تحريره قريبا من قبضة الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، وفي المقدمة محافظة الحديدة، واعتبر أنها «عملية قريبة جدا»، وذلك في إشارة إلى أن هناك ترتيبات تجري لتحرير محافظات الإقليم، الذي يضم محافظات: الحديدة، ريمة، المحويت وحجة، عقب تحرير محافظة تعز، كما اعتبر أن هناك «ترابطا عضويا وحيويا هاما، بين جبهتي إقليم تهامة وإقليم الجند»، والأخير يضم تعز وإب، وذلك من أجل «خوض هذه المعركة المصيرية المحددة لملامح اليمن الجديد»، وأضاف: «لا ريب أن ذلك سيسهم إيجابا بالانتقال بعد تحرير تعز، إلى تحرير عاصمة إقليم تهامة (الحديدة) بل وكافة مناطق الإقليم».
وأكد الوزير اليمني لـ«الشرق الأوسط» أن «تحرير إقليمي الجند وتهامة، في غاية الأهمية لتحرير العاصمة صنعاء من قبضة ميليشيات الحوثيين وعفاش (صالح) من كافة الجوانب، حيث سيخفف الخسائر البشرية والمادية بشكل كبير، حسب تقديري وربما سيقلص الوقت أيضا».
وأشار الوزير شريم، الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة، إلى وجود مقاومة فاعلة في الإقليم «لكنها بالتأكيد لا تمتلك نفس القدرات والمعدات والسلاح الذي تم نهبه من الشعب أو ما تم تسليمه من المخلوع عفاش للميليشيات، ناهيكم عن ملشنته لأعداد بمختلف الرتب العسكرية ممن كانوا ضمن قوام الجيش الرسمي»، وردا على سؤال حول الأنباء عن تدريب مقاتلين من إقليم تهامة في دول الجوار، قال الوزير شريم إنه لا يمتلك معلومات دقيقة بهذا الخصوص، وأردف «أننا نسعى جاهدين مع كل أبناء تهامة الخيرين إلى أن تنال تهامة حقها كغيرها من المناطق اليمنية ليس في التجنيد حسب بل التمثيل الحقيقي والعادل بكافة مستويات وأجهزة الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية»، وحذر الدكتور شريم من «الاستمرار في سياسة التهميش والإقصاء لتهامة، التي كان يمارسها المخلوع»، وقال: إن «وجود ممثلين لإقليم تهامة في أي حوارات أو مشاورات أو محافل، أمر في غاية الأهمية وما لم يحدث فحسب تقديري قد يكون لذلك التغييب نتائج سلبية وربما خطرة مستقبلا»، ودان الوزير الدكتور العزي هبة الله شريم، عمليات الاعتقالات التي تنفذها الميليشيات الحوثية في تهامة، والحديدة، على وجه التحديد، منذ بضعة أيام، مؤكدا أن هذه الاعتقالات «ليست سوى إثبات لعجزهم عن إيجاد حاضنة اجتماعية لهم في هذه المناطق».
وتشهد مناطق محافظة الحديدة وإقليم تهامة حملة اعتقالات متواصلة من قبل الميليشيات الحوثية بحق الناشطين السياسيين والمناهضين للانقلاب الذي قاده الحوثيون وحليفهم المخلوع صالح، وقد طالت تلك الاعتقالات ضباطا وموظفين بارزين في عدد من المؤسسات الخدمية، إضافة إلى شخصيات تربوية ودعوية.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بحث مع قائد المقاومة الشعبية في إقليم تهامة الشيخ يحيى محمد يحيى منصر، قبل أيام، عملية تحرير الإقليم من سيطرة الحوثيين والترتيبات المتعلقة بدعم المقاومة التهامية لمواجهة الميليشيات، ومنذ أشهر تنفذ المقاومة التهامية في مدينة الحديدة، سلسلة من العمليات شبه اليومية التي تستهدف الميليشيات الحوثية، عبر هجمات وكمائن بالقنابل اليدوية والأسلحة الرشاشة والمسدسات، وأسفرت تلك العمليات عن سقوط العشرات من مسلحي الحوثي قتلى وجرحى، خلال الأشهر الماضية، ويمثل إقليم تهامة، أهمية استراتيجية للحوثيين وللعاصمة صنعاء، حيث يوجد فيه ميناء الحديدة الهام الذي يعد ثاني أكبر موانئ اليمن والأول على مستوى المناطق الشمالية، ويعتقد مراقبون أن تحرير محافظة الحديدة من قبضة الحوثيين، يعني السقوط الفعلي لصنعاء بيد الشرعية.
وكانت بوادر ظهور مقاومة في محافظة حجة، شمال غربي البلاد، التابعة لإقليم تهامة، ظهرت مؤخرا، وذلك عبر سلسلة عمليات بدأت في استهداف الميليشيات الحوثية، ويعتقد الحوثيون أن مناطق كحجة والمحويت من أبرز المناطق الموالية لهم، حيث يسيطرون على كامل تلك المناطق بحكم انتشار الأمية والفقر المدقع، وقد تعرضت الكثير من مناطق تلك المحافظات لدمار كبير بسبب تصرفات الحوثيين، طوال الفترة الماضية.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.