ميشيل أوباما تدعو في {مؤتمر وايز} إلى وضع حد للقوانين التي تمنع ملايين الفتيات من التعليم

قالت: {شهادتي فتحت لي أبوابا لم أكن أحلم بها كفتاة سوداء} والشيخة موزة سلمت {جائزة العام} للأفغانية سكينة يعقوبي

الشيخة موزا وميشيل أوباما مع الدكتورة يعقوبي الفائزة بجائزة العام (أ.ف.ب)
الشيخة موزا وميشيل أوباما مع الدكتورة يعقوبي الفائزة بجائزة العام (أ.ف.ب)
TT

ميشيل أوباما تدعو في {مؤتمر وايز} إلى وضع حد للقوانين التي تمنع ملايين الفتيات من التعليم

الشيخة موزا وميشيل أوباما مع الدكتورة يعقوبي الفائزة بجائزة العام (أ.ف.ب)
الشيخة موزا وميشيل أوباما مع الدكتورة يعقوبي الفائزة بجائزة العام (أ.ف.ب)

في كلمة مؤثرة لها خلال «مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم» «وايز2015» الذي افتتحته يوم أمس الشيخة موزة بنت ناصر، والدة امير دولة قطر، في العاصمة (الدوحة)، دعت السيدة الاميركية الاولى ميشل اوباما الى وضع حد «للقوانين والتقاليد البالية» التي تمنع ملايين الفتيات في العالم من اكمال تعليمهن. وقالت «ترعرعت في عائلة فقيرة ورغم ذلك عقدت العزم على التعلم واكمال دراستي الجامعية، وشهادتي هي التي فتحت أمامي أبوابا لم أكن أحلم بها كفتاة سوداء في الولايات المتحدة الأميركية». وأكملت أوباما بالقول: «عملت في مجال المحاماة وفي كبار المؤسسات الى أن وصلت الى البيت الأبيض حيث أنا الآن والدة لفتاتين».
وفيما أكدت اوباما على ضرورة اجراء «نقاش صادق» في العالم حيال كيفية معاملة النساء وكيف يؤدي هذا الأمر الى حرمان ملايين الفتيات من انهاء دراستهن، أوضحت «اذا كنا نريد حقا فتيات في صفوف المدرسة، نحن في حاجة الى اجراء نقاش صادق حول النظرة الى المرأة ومعاملتها في مجتمعاتنا. ويجب اجراء هذا الحوار في كل بلد على هذا الكوكب، بما في ذلك بلدي».
واضافت «عندما تكون الفتيات صغيرات، غالبا ما ينظر اليهن على انهن مجرد اطفال، ولكن بمجرد ان يصلن الى مرحلة المراهقة ويبدأن بالتحول الى نساء يصبحن فجأة عرضة للتمييز الجنسي داخل مجتمعهن. وهنا بالضبط يبدأن بالتخلف عن الدراسة».
واعتبرت اوباما ان الموضوع يتعلق كذلك «بالذهنية والمعتقدات. الأمر يتوقف على ما اذا كان الأهل يعتقدون بان ابنتهم تستحق ان تتعلم مثل ابنهم. ويتوقف الامر على ما اذا كانت مجتمعاتنا متشبثة بقوانين وتقاليد بالية تضطهد وتحرم النساء».
وتحدثت السيدة الاميركية الاولى لحوالى 25 دقيقة في مركز قطر الوطني للمؤتمرات امام حشد ضم قادة سياسين وتربويين من جميع انحاء العالم، بالاضافة الى كبار الشخصيات وحشد يُقدّر بـ 2000 عضو من أفراد مجتمع وايز الذين ينتمون لعدة مجالات في أكثر من 150 دولة حول العالم.
وفي الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «وايز» في نسخته السابعة أمس، قدّمت الشيخة موزة بنت ناصر «جائزة التعليم لعام 2015»، للدكتورة سكينة يعقوبي، المديرة التنفيذية ومؤسسة المعهد الأفغاني للتعليم، واشارت الى تضرر 30 بلدا على الاقل من جراء استهداف المدارس بين عامي 2009 و 2012، على راسها سوريا والعراق.
وقالت «يجسّد الحائزون على الجائزة « روح وايز»؛ فهم يناصرون ويدافعون عن قضيتهم التي يؤمنون بها، وهي الحق في التعليم. واضافت: «تتميز الفائزة بجائزة وايز لهذا العام، بإصرارها الدؤوب وعزمها على توفير فرص التعليم للمواطنين في بلادها الذين يقبعون تحت وطأة أقسى ظروف الحرب والاحتلال. وبالرغم من أن عملها كان ينطوي على خطورة شخصيّة كبيرة في غالب الأحيان، إلا أنها تمكنت من خلال إنشاء مخيمات لللاجئين ومدارس سريّة ليليّة، من تكوين شبكة من المنظمات التي توفر التعليم العام وأيضًا التثقيف بقضاياالصحة العامّة. وفي حين يركز عملها على الفتيات والنساء، إلا أنه يفيد شريحة الفتيان والرجال كذلك. وقد أثمر طموحها وتفاؤلها نفعًا أثرى حياة الملايين من الأفراد.»
وقد بدأت الدكتورة يعقوبي (65عاما) والتي يطلق عليها لقب «أم التعليم في أفغانستان»، رحلتها في مطلع التسعينيات، حين بدأت تعمل في مخيم لللاجئين الأفغان في باكستان. وفتحت مدارس للأطفال، ومراكز لتعليم النساء.. وفي عام1995، أطلقت يعقوبي المعهد الأفغاني للتعليم والذي يهدف إلى تحسين تدريب المعلمين من خلال الابتكار.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».