منتدى الإعلام الإماراتي يبرز دور الصحافة والقنوات المحلية

الشيخ محمد بن راشد يطلق صحيفة «بوابة العين الإخبارية» في المناسبة

الشيخ سيف بن زايد خلال إلقاء كلمته في منتدى الإعلام الإماراتي أمس في دبي (وام)
الشيخ سيف بن زايد خلال إلقاء كلمته في منتدى الإعلام الإماراتي أمس في دبي (وام)
TT

منتدى الإعلام الإماراتي يبرز دور الصحافة والقنوات المحلية

الشيخ سيف بن زايد خلال إلقاء كلمته في منتدى الإعلام الإماراتي أمس في دبي (وام)
الشيخ سيف بن زايد خلال إلقاء كلمته في منتدى الإعلام الإماراتي أمس في دبي (وام)

شدد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على أهمية الإعلام في صنع حاضر ومستقبل المنطقة، وشحذ الهمم والطاقات والشد على أيدي البناة والمبدعين وصناع الأمل، مشيرًا إلى مسؤولية الإعلام في التصدي للتحديات التي تواجهها المنطقة في الفترة الراهنة وشدد على وقوف دولة الإمارات إلى جانب الشرعية في اليمن وأنها ستظل مساندة للمظلومين وتقدم المساعدة للمحتاجين في بقاع الأرض كافة.
وقال الشيخ محمد بن راشد، أمس، في حديثه لوسائل الإعلام المحلية: «تحلوا كما عهدناكم بالمهنية والصدق لأنهما أساس العمل الإعلامي الذي نريده في مجتمعنا، ولكم منا كل الدعم، فأبوابنا دائما مفتوحة ووسائل التواصل معكم وبمختلف شرائح المجتمع متاحة للجميع. وأتباع بنفسي ما تبثه وسائل الإعلام عن القضايا التي تمس حياة الناس».
وأضاف: «لا شيء أصدق من إبراز الحقائق للتصدي للأكاذيب، والإمارات بقيادتها وأبطالها الشجعان ستظل مساندة للشرعية، ومدافعة عن المظلومين تحت راية الحق والعدل وشبابنا بخير، ولا يتردد في الذود عن مكتسبات دولتنا وما حققته من إنجازات».
وجاء حديث الشيخ محمد بن راشد، أمس، لنحو 22 مؤسسة إعلامية محلية، ضمن فعاليات منتدى الإعلام الإماراتي في دورته الثالثة المقامة، بمشاركة عدد من القيادات الإعلامية، وخلال الافتتاح أطلق الشيخ محمد بن راشد «بوابة العين الإخبارية» وهي صحيفة عربية شاملة تغطي أخبار العالم العربي والعالم وتعد منصة إعلامية شاملة، تنطلق من أبوظبي.
وأكد الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، خلال الكلمة الرئيسية للمنتدى أن المواطنة الإيجابية تستدعي إعلامًا إيجابيًا يقف إلى جانب الوطن في جميع أحواله، متسلحًا بالمصداقية والشفافية العالية المسؤولة، مطالبًا كل فرد من أبناء الإمارات بأن يتحمل أمانته تجاه وطنه ومجتمعه بما يبثه أو ينقله من مشاركات وأفكار عبر وسائل الإعلام والتواصل المختلفة.
وكرم الشيخ حمدان بن محمد بن راشد ولي عهد دبي اليوم مجموعة من الطلبة والطالبات الإماراتيين فازوا بالمراكز الثلاثة الأولى ضمن مسابقة «الفيلم الوثائقي»، حيث شمل التكريم فرق عمل الأفلام الوثائقية الثلاثة: «روح الشهيد» من «كليات التقنية العليا - كلية رأس الخيمة للطلاب» الفائز بالمركز الأول، وفيلم «بواسل الإمارات» من «كليات التقنية العليا - كلية أبوظبي للطالبات» الفائز بالمركز الثاني، وفيلم «روحه تنادي» من «جامعة الإمارات» الذي حصل على المركز الثالث في المسابقة من بين جميع الأعمال الوثائقية، التي تقدم بها المتنافسون من مختلف أنحاء الدولة وألقت جميعها الضوء على حالة التلاحم الوطني التي عاشتها فئات المجتمع الإماراتي.
وأكدت منى المري المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي رئيس نادي دبي للصحافة، أن الحالة الوطنية التي تشهدها الإمارات جعلت هذه الدورة من منتدى الإعلام الإماراتي، دورة متفردة بامتياز كونها تعقد في ظل ظروف وتحديات لم نشهدها من قبل فرضتها تغيرات سريعة ومتلاحقة تركت تأثيرات عميقة على المنطقة العربية.
وأضافت: «إن المواقف الثابتة والشجاعة والمشرفة لدولتنا هي مصدر إلهام لكل المبدعين من أبناء الوطن لذا رأينا في المنتدى هذا العام فرصة للمزاوجة بين أهدافه العامة الرامية لاكتشاف المواهب والكوادر الإعلامية الإماراتية الواعدة، وبين ما تركز عليه هذه الدورة من إبراز للروح الوطنية الإيجابية التي هيمنت على كل بيت من بيوت الإمارات بما فيها بيوت أسر شهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم الطاهرة وهم يلبون نداء الواجب في ساحة العزة والشرف».
وكانت المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي رئيسة نادي دبي للصحافة، قالت في كلمتها في بداية المنتدى إن مضمون المنتدى هذا العام جاء مستلهمًا للحالة الوطنية التي تعيشها الإمارات في ظل الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها المنطقة، وما أفرزته من تحديات كبيرة جعلت هذه المرحلة الأدق في تاريخها، في الوقت الذي أعلنت فيه الإمارات التزامها بالوقوف إلى جانب الحق والدفاع عن المظلوم حتى يماط عنه الظلم، وذلك من خلال موقفها التاريخي المشرف المنحاز إلى شعب اليمن في دفاعه عن مقدراته، وما تطلبه هذا الموقف من تضحيات لم يبخل بها أبناء الإمارات الأبطال الذين جادوا بأرواحهم في سبيل نصرة الحق وإعلاء كلمته.
ونوهت منى المري في كلمتها بمجموعة من الركائز الأساسية التي وضعها المنتدى في بؤرة اهتمامه هذا العام، والتي بدأتها بأهمية توحيد الخطاب الإعلامي لمواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع المحيطة.
وأضافت: هناك أهمية واضحة لتنسيق الخطاب الإعلامي الرسمي الموحّد، وهذا ما لمسناه من خلال استراتيجية المجلس الوطني للإعلام وتعاونه مع مؤسسات الإعلام المحلي كافة.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)