رئيس وزراء كندا يضع على رأس أولوياته تحسين صورة بلاده في الخارج

بعد أن فقدت أهميتها وصوتها البناء في العالم خلال السنوات العشر الماضية

رئيس الوزراء الكندي الذي يتولى الحكم اليوم وعد الناخبين  بجعل تحسين صورة بلاده في الخارج في صدر أولوياته (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي الذي يتولى الحكم اليوم وعد الناخبين بجعل تحسين صورة بلاده في الخارج في صدر أولوياته (أ.ب)
TT

رئيس وزراء كندا يضع على رأس أولوياته تحسين صورة بلاده في الخارج

رئيس الوزراء الكندي الذي يتولى الحكم اليوم وعد الناخبين  بجعل تحسين صورة بلاده في الخارج في صدر أولوياته (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي الذي يتولى الحكم اليوم وعد الناخبين بجعل تحسين صورة بلاده في الخارج في صدر أولوياته (أ.ب)

وضع جاستين ترودو، الذي يتولى الحكم اليوم في كندا، مسألة تحسين صورة بلاده في الخارج في صدر أولوياته، مؤكدا أنه سيسعى بالخصوص إلى القيام بهذه المهمة خلال أسبوعين في إطار حضوره أربع فعاليات دولية، وعلى رأسها مؤتمر المناخ الذي ستحتضنه العاصمة الفرنسية باريس.
وقال جاستين ترودو في خطاب توجه به إلى دول العالم غداة انتخابه قبل أسبوعين: «لقد عدنا»، ولطمأنة شركاء بلاده «القلقين من فقدان كندا اهتمامها وصوتها البناء في العالم خلال السنوات العشر الماضية»، قرر رئيس الوزراء القيام بزيارات عدة بين منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي وبداية ديسمبر (كانون الأول) المقبل، سيلتقي خلالها العشرات من رؤساء الدول والحكومات، بمناسبة قمة مجموعة العشرين في تركيا، وقمة «دول آسيا والمحيط الهادي» (آبيك) في الفيليبين، ومؤتمر الكومنولث في مالطا، وأخيرا مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ في باريس. وبهذا الخصوص أوضحت كاريسيما ميثن، أستاذة القانون في جامعة أوتاوا، أن «عددا كبيرا من التحديات ينتظر رئيس الحكومة الجديد».
لكن شاءت الظروف أن يبدأ ترودو من الخارج للتعريف بمنهجه وخططه، وطمأنة شركائه إلى اعتماد تغيير في الدبلوماسية الكندية، التي لطالما تعرضت للانتقاد بعد عشر سنوات من حكم المحافظين، ولذلك يعتقد عدد من المراقبين أن جاستين ترودو سيجد في باريس البيئة الأمثل لتأكيد عودة الدبلوماسية الكندية على الساحة الخارجية، وتحسين صورة البلاد، خصوصا بعد أن خرجت من بروتوكول كيوتو حول المناخ في 2011، وتجاهلت نداءات المدافعين عن البيئة لصالح استخراج النفط الصخري من ألبرتا غرب البلاد.
وطيلة حملته الانتخابية حرص ترودو على التشديد على ضرورة المواءمة بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، من دون أن يعلن مع ذلك عن أهداف محددة بشأن خفض الغازات المسببة للاحترار المناخي. وسيرافقه إلى باريس تقريبا كل رؤساء الحكومات المحلية، حيث يشكل التغير المناخي قضية عامة مشتركة، وسيتعين على كل من المقاطعات الكندية العشر تحديد أهدافها في إطار خطة فيدرالية.
وحول هذا التحدي المطروح أمام ترودو يقول ديفيد روناليس، خبير المناخ في جامعة أوتاوا: «إنه ملف صعب في بلد مثل كندا لأنه في الوقت نفسه مستهلك ومصدر للطاقة».
وكانت المقاطعات الرئيسية الثلاث، وهي أونتاريو وكيبيك وكولومبيا البريطانية، قد اتخذت تدابير للحد من انبعاثات الغازات السامة، إذ انضمت أونتاريو وكيبيك إلى سوق مبادلة الكربون مع كاليفورنيا، وفرضت الثالثة ضريبة على الكربون. لكن لدى عودته سيتعين على ترودو أن يعمل على الوفاء بالوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية ضمن برنامجه الانتخابي، الذي مكنه من الحصول على الأغلبية المطلقة من مقاعد مجلس العموم. ويتضمن برنامج الوعود عددا كبيرا من المسائل الاجتماعية، مثل مسألة الموت الرحيم، وحقوق السكان الأصليين، أو تشريع القنب الهندي (حشيشة الكيف).
وقد أمهلت المحكمة العليا الحكومة الفيدرالية حتى فبراير (شباط) المقبل لتبني قانون يتوافق مع شرعة الحريات، ويتيح الموت الرحيم للبالغين المصابين بأمراض مستعصية، والذين يوافقون عن وعي على ذلك.
وعلى المستوى الأمني سيتعين على رئيس الوزراء أن يعمل على تعديل قانون مكافحة الإرهاب، الذي أقره المحافظون في الربيع الماضي بعد هجمات شهدتها كندا قبل سنة، ونفذها شبان تبنوا الفكر المتطرف. فالقانون أعطى صلاحيات واسعة لجهاز الاستخبارات تتداخل غالبا مع حماية الحياة الخاصة.
كما سيتعين على ترودو أن يعمل بسرعة على تنفيذ وعوده بتخفيف العبء الضريبي على الطبقات المتوسطة، التي تشكل نواة الناخبين الليبراليين، وزيادة الضرائب على الأكثر ثراء، على أن تعرض هذه المشاريع على البرلمان مع استئناف جلساته في ديسمبر المقبل.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.