«وايز» تجيب غدًا عن السؤال الصعب: هل ما زال العالم راضيًا عن التعليم؟

مؤتمر القمة يسلم جوائز العام في حفل دولي بحضور لافت

إحدى جلسات مؤتمر القمة العالمية للابتكار في التعليم (وايز) في العام الماضي
إحدى جلسات مؤتمر القمة العالمية للابتكار في التعليم (وايز) في العام الماضي
TT

«وايز» تجيب غدًا عن السؤال الصعب: هل ما زال العالم راضيًا عن التعليم؟

إحدى جلسات مؤتمر القمة العالمية للابتكار في التعليم (وايز) في العام الماضي
إحدى جلسات مؤتمر القمة العالمية للابتكار في التعليم (وايز) في العام الماضي

بينما يواجه العالم الكثير من التحديات على مختلف الأصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، تتعالى يوما بعد يوم نبرة السؤال الصعب الحائر في عقول الكثير من الآباء والطلاب والخبراء حول العالم: «هل مستوى التعليم جيد بالفعل؟». ولأن السؤال لم يعد مقصورا على الدول التي تعاني من أنظمة تعليمية توصف بأنها «أقل جودة» أو «متأخرة» على المقاييس الدولية؛ وإنما تعدت ذلك إلى الدول التي توصف بأنها «دول القمم التعليمية»، اضطلع مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم «وايز» بإجراء بحث موسع بين خبراء منتشرين في كافة أرجاء العالم، بالتعاون مع مؤسسة غالوب العالمية المرموقة لاستطلاعات الرأي، من أجل وضع ردود حاسمة على هذا السؤال؛ وما يتبعه من أسئلة حول تحسين جودة التعليم دوليا وإقليميا.
وتنطلق غدا في العاصمة القطرية الدوحة أعمال مؤتمر وايز لعام 2015، في الفترة ما بين 3 إلى 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تحت عنوان «الاستثمار من أجل التطوير». وخلالها سيتم تكريم الفائزين بجوائز «وايز» هذا العام في مجال المشروعات التعليمية المتميزة حول العالم، إلى جانب الإعلان عن «جائزة وايز للتعليم»، وهي جائزة سنوية رفيعة تمنح لفرد واحد أو لفريق تقديرا لمساهمة بارزة في مجال التعليم.
وسيكون مؤتمر «وايز» هذا العام هو أول فعالية عالمية مخصصة للتعليم تتشكل عقب التصديق على أهداف التنمية المستدامة من قبل الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، ممّا يجعل القمّة السنويّة هذا العام فرصة مثالية للالتقاء بمجتمع التعليم العالمي من أجل تحديد السبل الواقعيّة والعملية لتحقيق أولويات أهداف التنمية المستدامة الجديدة المتعلقة بالتعليم.
وبحسب مسؤولين من «وايز»، سيتناول خبراء التعليم خلال جلسات المؤتمر عددا من أهم قضايا التعليم، ومن أبرزها ثلاث ركائز هي «أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة»، و«التعليم والاقتصاد»، و«تعزيز الابتكار في نظم التعليم». متطرقين خلال ذلك إلى نقاط كثيرة، من بينها على سبيل المثال: الروابط بين التعليم والتوظيف وريادة الأعمال، وإصلاح التعليم والابتكار في منطقة الشرق الأوسط وقطر، والنماذج الناشئة لتمويل التعليم، وجذب ومكافأة والحفاظ على المعلمين المميّزين، وأهمية الاستثمار في التعليم المخصص للطفولة المبكرة.
ومن خلال العلاقات المتميزة التي تربط «الشرق الأوسط» مع «وايز»، علمت «الشرق الأوسط» أن إحدى أبرز نقاط المؤتمر هذا العام ستكون إطلاق نتائج التقرير الاستقصائي الذي قامت به «وايز» و«غالوب» على مستوى العالم حول التعليم وسوق العمل، من خلال استطلاع آراء أكثر من 1550 من أعضاء مجتمع وايز العالمي، الذي يضمّ المعلمين والطلاب والخريجين الجُدد، وصنّاع السياسات التعليمية وممثلي القطاع الخاص، الذين ظلّوا على تواصل مستمر مع وايز على مدار السنوات الماضية بشأن قضايا إصلاح التعليم. وقد عكست النتائج وجهات نظر هذا المجتمع العالمي الفريد من خبراء التعليم الذين عبّروا عن التزام واضح بالعمل على تحسين التعليم عبر الشراكة مع وايز.
وبالاطلاع على التقرير، الذي يحظر نشر تفاصيله الكاملة حتى الغد، يتضح أن نسبة كبيرة للغاية من خبراء التعليم حول العالم يؤكدون عدم رضاهم عن الأنظمة التعليمية في بلدانهم، مقابل نسبة تناهز ثلث الخبراء فقط ترى أن هناك تحسنا ما طرأ على الأنظمة التعليمية لديهم.. وكانت النسب غير الراضية غالبة بشكل واضح على مستوى كافة الأقاليم الدولية، بما فيها أوروبا وأميركا وشرق آسيا، وهو ما يفرض تحديدات جديدة على العالم؛ خاصة على مستوى الشباب وطموحاتهم، أي الفئات التي تمثل مستقبل العالم.
وأظهرت النتائج أيضا أن قليلا من دول العالم هي من نجحت في تطبيق معايير مبتكرة للتعليم، حسب رأي الخبراء، وهو مؤشر خطر، لأنه في ظل ما يشهده العالم وسوق العمل من تغيرات مستمرة، فإن الأنظمة «المتصلبة» التي تفتقر إلى الابتكار مرشحة بقوة للتراجع والتخلف بدلا من التقدم.
وبحسب التقرير فإن ذلك «التناقض الصارخ» بين التقدم السريع للكثير من المجالات على خلفية «الثورة الرقمية» التي غيرت وجه العالم خلال العقود الأخيرة، وبين وضع التعليم «المتراجع» أو «الجامد» على أفضل الفروض، زاد عمقا بسبب حالات الركود الاقتصادي التي شهدتها الكثير من البلدان، والتي أسفرت عن ارتفاع معدلات البطالة بشكل مباشر، إلى جانب الكثير من التحديات الأخرى، ما قد يؤثر على استقرار الأمم.
ويرى الخبراء أن «عمومية» المشهد والتحديات على مستوى أغلب أقاليم العالم، ربما يجعل من التحرك في مواجهته «جماعيا» أمرا أكثر حسما. واضعين نقاطا رئيسية وحرجة لعلاج تلك الأوضاع، تتلخص في تشجيع المزيد من التعاون بين المدارس وأصحاب العمل، وتعزيز مهنة التعليم سواء من الداخل أو الخارج، إلى جانب التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة من أجل تدعيم وتعزيز قدرات المعلمين الأكفاء وليس الحلول محلّهم.
ويشدد الخبراء على أهمية إعادة تركيز التعليم على رفع مستوى الجاهزية للعمل، معلقين آمالا كبرى على بلوغ التعليم المكانة التي يجب أن يكون عليها. ويرى غالبيتهم أن مسؤولية نجاح الخريجين الجدد في أول تجربة عمل يتحصلون عليها تقع بنسبة كبيرة على عاتق الجامعات وليس أصحاب العمل.. مؤكدين أن المزيد من التعاون بين المدارس وأصحاب العمل من شأنه ضمان نجاح الطلاب في مهنهم، وأن فوائد ذلك لن تقتصر على الطلاب ومؤسسات التعليم فقط، بل ستنعكس أيضا إيجابيا على أصحاب العمل العام والخاص الذين يحتاجون إلى عمالة مدربة ومؤهلة جيدا.
ويرى الخبراء أن أبرز ما يفتقر إليه الخريجون الجدد هو التدريب والتوجيه والمناهج التي تتيح ممارسة المعارف المكتسبة، معتبرين في غالبيتهم أن هذه النقاط هي أكثر ما يجب التركيز عليه خلال مراحل التعليم العالي.
وعن مراحل التعليم ما قبل الجامعي، فإن أبرز التحديات التي تواجه تلك المرحلة برأي الخبراء تكمن في نسبة كفاءة المعلمين وتوفير التعليم القائم على المشاريع، وذلك بأكثر من تحديات أخرى مثل عدم القدرة على الوصول للتكنولوجيا الحديثة، أو الحاجة إلى مناهج تعليمية أكثر صرامة، أو تطوير الامتحانات الموحدة.
ويشدد التقرير على الأهمية الكبيرة والحاجة لمزيد من الاستثمارات في مجال التعليم، كما يشير الخبراء إلى ضرورة اتباع منهج متعدد الجوانب لرفع كفاءة المعلمين، وذلك عبر السعي لمزيد من التطوير المهني للمعلمين الحاليين، والحصول على مزيد من التمويل لجذب خيرة الكفاءات للعمل في مجال التعليم، فضلاً عن تنسيق الجهود لزيادة احترام المجتمع للمعلمين.
وبين ثنايا التقرير الهام، تقع الرسالة الأساسية للاستطلاع، التي تؤكد أن «فشل التعليم في مواكبة البيئة المتغيرة لسوق العمل يمثل مشكلة عالمية»، وأن الحل يكمُن في الالتزام الجادّ بعدد من الحلول التعاونية. لكن الخبراء ينظرون نظرة واقعية إلى المشهد الدولي، الذي يعلم تماما بمحدودية التمويل الحكومي لعدد كبير من الدول، وعليه فإنهم يرون أن مشاركة أصحاب العمل في «الاضطلاع بمهمة تعليم أجيال العمالة الناجحة حاسمة في تحقيق كافة إمكانات التعليم»، محذرين من أن الإحجام عن مثل تلك الخطوة سوف ينعكس لاحقا على أصحاب العمل أنفسهم ويكلفهم الكثير؛ سواء من حيث تراجع الإنتاجية أو زيادة كلفة التدريب.. فيما يضمن ضخ المزيد من الاستثمارات في المجال التعليمي غدا أفضل للجميع.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».