في كولورادو.. شخص يقتل 3 ثم تقتله الشرطة

مزيد من العنف في أميركا

سيارة شرطة عقب تنفيذ مذبحة كولورادو سبرينغز حيث قام مسلح يرتدي جاكيت أخضر بإطلاق النار على المارة في الشارع (أ.ب)
سيارة شرطة عقب تنفيذ مذبحة كولورادو سبرينغز حيث قام مسلح يرتدي جاكيت أخضر بإطلاق النار على المارة في الشارع (أ.ب)
TT

في كولورادو.. شخص يقتل 3 ثم تقتله الشرطة

سيارة شرطة عقب تنفيذ مذبحة كولورادو سبرينغز حيث قام مسلح يرتدي جاكيت أخضر بإطلاق النار على المارة في الشارع (أ.ب)
سيارة شرطة عقب تنفيذ مذبحة كولورادو سبرينغز حيث قام مسلح يرتدي جاكيت أخضر بإطلاق النار على المارة في الشارع (أ.ب)

في مذبحة جديدة، صارت ربما عادية في الولايات المتحدة، ربما مرة كل شهر، خاصة منذ بداية الصيف الماضي، قتل، يوم السبت، شخص في ولاية كولورادو ثلاثة أشخاص، وأصاب خمسة، ثم قتلته الشرطة.
والشهر الماضي وقعت مذبحتان: في ولاية أوريغون، سأل القاتل كل شخص قتله عما إذا كان مسيحيا.. وانتهى بقتل تسعة، وجرح 13. في وقت لاحق، زار الرئيس باراك أوباما مكان المذبحة، وكرر حديثه عن أهمية وضع حد لانتشار الأسلحة وسط الأميركيين. وقبل ذلك، قتل طالب وجرح ثلاثة، أثناء إطلاق النار في جامعة ولاية أريزونا الشمالية في فلاغستاف (ولاية أريزونا).
والشهر قبل الماضي، قتل شخص، وأصيب آخر، في إطلاق نار في مجمع سكني بالقرب من حرم جامعة تكساس الجنوبية في جنوب شرقي هيوستن (ولاية تكساس).
وأمس (الأحد)، تحدث عن مذبحة كولورادو سبرينغز (ولاية كولورادو) مات ابشير، الذي شهدها. قال لتلفزيون «كيه كيه تي في» المحلي: «نظرت من نافذة مطبخ منزلنا، وشاهدت رجلا يرتدي جاكيت أخضر يطلق النار على المارة في الشارع. وقف عند ملتقى شارعي بالمر والباسو، وأطلق النار على امرأتين، الأولى في صدرها، والثانية في فكها. لم أصدق ما شاهدت، وفي الحال، اتصلت برقم 911 (رقم الطوارئ)». وأضاف: «وصلت إلى المرأة التي أصابها في صدرها، ووجدت أنها فارقت الحياة. وكان القاتل يجري نحو مطعم (وندي). بعد مضي دقائق قليلة، وصلت سيارات الشرطة. وكان القاتل في تقاطع شارعي بلات وواهستاش. أطلقوا النار عليه، ورد عليهم. كان يقف وهو يحمل بندقيته وكأنه يحمل عصا. كان هادئا وهو يطلق النار. بعد قليل، اختفى. لا أعرف هل قتلوه، أم ماذا حدث». وفي وقت لاحق، تأكد أن الشرطة قتلته. لكن، حتى مساء أمس، لم تعلن الشرطة اسمه، أو أسماء ضحاياه.
والشهر الماضي، خلال استجواب في الكونغرس عن زيادة جرائم البنادق والمسدسات، قال مدير مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي)، جيمس كومي، إن جرائم القتل ارتفعت هذا العام في مدن أميركية كثيرة. وقال: «هذا شيء مزعج للغاية. وبدأ يحدث في مناطق مختلفة عبر أميركا. لم يعد يقتصر على مدن كبيرة، أو على أعراق معينة (إشارة إلى أن كثيرا من أعمال العنف كان يقوم بها سود، أو كانت وسط السود)». وأضاف أن الارتفاع في جرائم القتل تجدد بعد تراجعها إلى مستويات تاريخية في عام 2014.
وحسب تقرير سابق أصدره «إف بي آي»، ارتكبت في عام 2013 نحو 1.2 مليون جريمة، من بينها 14.196 جريمة قتل (مقابل 14.827 جريمة قتل في عام 2012). هذا بالإضافة إلى 724.149 هجوما مسلحا، و79.770 عملية اغتصاب. في عام 2013 نفسه، استعملت أسلحة نارية في نسبة 97 في المائة من جرائم القتل، وفي 40 في المائة من عمليات السطو.
وحسب التقرير، تظل مدينة ديترويت (ولاية ميشيغان) أخطر مدن الولايات المتحدة، ومدن العالم، في الجرائم. وكانت تخطت شيكاغو منذ قرابة عشرة أعوام. ترتكب في ديترويت أكثر من 45 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة. في عام 2013 جاءت السرقات في المقدمة (أكثر من 14 ألفا)، يليها السطو (أكثر من 10 آلاف)، ثم سرقة السيارات (أكثر من 10 آلاف). وبلغ عدد الاعتداءات الجنسية 322 حالة.
وذكرت شرطة كولورادو سبرينغز ومكتب قائد الشرطة بمقاطعة إيل باسو، في بيانين منفصلين، أن المشتبه فيه تبادل إطلاق النار مع ضباط من شرطة كولورادو سبرينغز. وأفادت السلطات بأنه لا يوجد أي تهديد آخر على الأرجح.
وكان الرئيس باراك أوباما دعا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى تغيير القوانين المتعلقة بامتلاك الأسلحة الفردية، وأعرب عن غضبه بعد حادث لإطلاق النار داخل إحدى الكليات الجامعية بولاية أوريغون شمال غربي الولايات المتحدة، أوقع 13 قتيلا على الأقل ونحو عشرين جريحا.
وألقى أوباما في أول تعليق له على الحادثة باللائمة على ممثلي الشعب في الكونغرس الذين وصفهم بأنهم يعرقلون استصدار قوانين جديدة تنظم شراء الأسلحة. ودعا شعبه وجمعيات مالكي الأسلحة النارية إلى التحرك لتغيير القوانين المتعلقة بامتلاك قطع سلاح فردية في البلاد.
وبكلمات غاضبة، كرر الرئيس القول إن قوانين حيازة الأسلحة النارية بالولايات المتحدة تحتاج لتغيير، وخص بالانتقاد جماعة الضغط القوية المدافعة عن حق الأفراد في امتلاك سلاح، قائلا إنها تمنع إصلاح تلك القوانين.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.