دي ميستورا في دمشق لتفعيل بيان فيينا.. والمعلم يرحب «بإطلاق الحوار بين السوريين»

وفد المعارضة يصل إلى بريطانيا الأربعاء بدعوة من وزير خارجيتها

مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا يغادر مقر إقامته في دمشق التي وصلها لمدة يوم واحد في أول حراك دولي بعد انتهاء فعاليات مؤتمر فيينا حول سوريا الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا يغادر مقر إقامته في دمشق التي وصلها لمدة يوم واحد في أول حراك دولي بعد انتهاء فعاليات مؤتمر فيينا حول سوريا الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
TT

دي ميستورا في دمشق لتفعيل بيان فيينا.. والمعلم يرحب «بإطلاق الحوار بين السوريين»

مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا يغادر مقر إقامته في دمشق التي وصلها لمدة يوم واحد في أول حراك دولي بعد انتهاء فعاليات مؤتمر فيينا حول سوريا الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا يغادر مقر إقامته في دمشق التي وصلها لمدة يوم واحد في أول حراك دولي بعد انتهاء فعاليات مؤتمر فيينا حول سوريا الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

وصل مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا إلى سوريا، أمس، إلى دمشق، بعد يومين من اجتماع ممثلين لقوى عالمية ودول متنافسة بالمنطقة في فيينا في محاولة للتوصل إلى حل للحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من أربع سنوات. هذا في الوقت الذي تستعد فيه العاصمة البريطانية لاستقبال وفد من المعارضة السياسية والعسكرية الأربعاء المقبل.
وخلال الاجتماع مع مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، جدد المعلم التأكيد على موقف دمشق، وهو أنه يجب إعطاء مكافحة «الإرهاب» أولوية حتى يتسنى التوصل إلى حل سياسي. ونقل التلفزيون الرسمي عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم، قوله، إنه يعترف بأهمية البيان الذي أصدرته القوى العالمية عقب محادثات جرت في فيينا سعيا لإنهاء الحرب الدائرة في البلاد، إلا أنه قال: «إن أي جهد لمكافحة الإرهاب لا يتم بالتنسيق مع الحكومة السورية هو ابتعاد عن هدف مكافحة الإرهاب وانتهاك لميثاق الأمم المتحدة».
وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا»، أن تصريح المعلم جاء خلال استقباله ستيفان دي ميستورا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا والوفد المرافق.
وقدم دي ميستورا عرضا مفصلا حول الاجتماعات التي جرت يومي 29 و30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في فيينا حول الأزمة في سوريا، وأهم النقاط التي تضمنها البيان المشترك الصادر عن تلك الاجتماعات.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية، عن المعلم، حديثه عن أهمية الكثير من النقاط الواردة في بيان فيينا، لكنه أبدى استغرابه لأن البيان «لم يتضمن إلزام الدول المعروفة بدعمها للإرهاب، بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب حتى تصبح جهود مكافحة الإرهاب فعالة ويصبح الحديث عن أي وقف لإطلاق النار مجديا».
وجدد المعلم استعداد سوريا للتعاون مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في جهوده لمكافحة الإرهاب، وإطلاق الحوار بين السوريين. وكانت آخر زيارة قام بها دي ميستورا لدمشق في سبتمبر (أيلول).
وتهدف زيارة دي ميستورا، بحسب مصدر دبلوماسي من الأمم المتحدة تحدث لـ«الشرق الأوسط»، إلى تفعيل الفقرتين السابعة والثامنة من بيان فيينا، اللتين تحيلان إلى ما جاء في بيان جنيف 2012 وقرارات مجلس الأمن 2118. فقد وجه المشاركون الدعوة للأمم المتحدة للمساعدة في تحديد ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة السورية، من أجل عملية سياسية تقود إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي، يتبعه دستور جديد وانتخابات على أن تكون هذه الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، وفق أعلى معايير الشفافية الدولية والمساءلة، وأن تكون حرة عادلة بالنسبة لجميع السوريين بما في ذلك الموجودون في أنحاء المعمورة ليتمكنوا أيضا من الانتخاب.
وشارك في اجتماعات فيينا يوم الجمعة 17 دولة إلى جانب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، رحب بالمحادثات التي بدأت بفيينا في الثلاثين من أكتوبر حول الأزمة في سوريا، وأعرب عن تشجيعه لما وصل إليه المشاركون من تفاهم بشأن عدد من القضايا الرئيسية، بما في ذلك الحاجة إلى تسريع جميع الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
وفي كلمته التي ألقاها بمؤتمر صحافي مشترك بجنيف، مساء السبت، جمع الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر مورير، قال بان: «هذا هو أول تفاهم ذي مغزى بين الجهات الفاعلة الدولية منذ بيان جنيف عام 2012. والأول الذي تم التوصل إليه في حضور جميع الدول التي تحمل المفتاح نحو حل النزاع السوري..». وأقر بان بأن هناك خلافات كبيرة ما زالت قائمة في هذا الشأن، معربا عن أمله في أنه سيتم في الأيام والأسابيع القادمة، إحراز مزيد من التقدم نحو حل سياسي للأزمة بقيادة سوريا، مؤكدا على أن الأمم المتحدة تقف على أهبة الاستعداد لدعم هذه الجهود.
إلى ذلك يصل وفد من المعارضة السورية إلى العاصمة البريطانية، يوم الأربعاء، في زيارة تستمر يومين، تلبية لدعوة من وزير الخارجية فيليب هاموند. ويترأس الوفد د. خالد خوجة رئيس الائتلاف الوطني السوري، ويضم كلا من دكتورة بسمة قضماني، أنس العبدة، والمستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد.
وسيلتقي الوفد مع مستشار الأمن القومي مارك ليال غرانت، ووزير التنمية الدولية (جوستين غريننغ)، وقيادي في وزارة الدفاع الجنرال غوردن مسنجر، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان كريسبين بلانت. وتأتي هذه الزيارة في سياق التأكيد على دعم بريطانيا المستمر للائتلاف الوطني السوري. وقال مصدر من الائتلاف لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء سيتطرق للتطورات الأخيرة في سوريا، وإلى كيفية دعم المعارضة السورية في ظل الهجمة الروسية – الإيرانية عليها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.