هارب من جحيم «داعش» في الموصل: سكان المدينة يئسوا من جهود الحكومة لتحريرهم

روى لـ {الشرق الأوسط} قصة هروبه إلى سوريا ومنها إلى تركيا ثم بغداد

هارب من جحيم «داعش» في الموصل: سكان المدينة يئسوا من جهود الحكومة لتحريرهم
TT

هارب من جحيم «داعش» في الموصل: سكان المدينة يئسوا من جهود الحكومة لتحريرهم

هارب من جحيم «داعش» في الموصل: سكان المدينة يئسوا من جهود الحكومة لتحريرهم

يشعر أهالي مدينة الموصل بأنهم «أسرى حقيقيون ورهائن لدى تنظيم داعش الإرهابي وأنه لم يعد أمامهم أي أمل بحياة طبيعية أو الشعور بالحرية، بل إن الأمور تزداد سوءا، وهذا ما يدفع الكثير من أبناء هذه المدينة المحتلة من قبل التنظيم الإرهابي منذ يوليو (تموز) العام الماضي، إلى ابتكار طرق واكتشاف دروب جديدة للهرب حتى وإن كانت النتيجة الموت».
هكذا يلخص الشاب موفق (24 عاما) الأوضاع في مدينته التي ولد وعاش فيها حتى هروبه منها مؤخرا ووصوله بأعجوبة إلى بغداد.
يقول موفق الذي ما زالت ملامح اليأس والتعب تبدو واضحة عليه وتسيطر على مشاعره، لـ«الشرق الأوسط» التي التقته ببغداد بعد وصوله إليها بثلاثة أيام: «ربما الحديث لا ينقل صورة حقيقية عن الأوضاع هناك، قد نحتاج إلى تسجيل مصور، فيديو بالصوت والصورة، وهذا صعب للغاية في ظل انتشار العسس من الدواعش والوشاة الذين يتربصون بالأهالي، لكن ما أستطيع قوله هو أن أهل الموصل يعيشون داخل ما يشبه العلبة المغلقة التي يكاد الهواء أن ينفذ منها، وهذا ليس توصيفا أدبيا بل واقعي تماما، فنحن نعيش تحت رقابة صارمة ونخشى أن نتحدث أو نتصرف بحريتنا حتى داخل غرف نومنا»، مضيفا: «ما يجعلنا نشعر باليأس هو إدراكنا بأننا منسيون تماما من قبل حكومتنا والجيش، ومحاصرون حتى من قبل قوات البيشمركة التي أغلقت علينا فرص الهروب إلى محافظة دهوك في إقليم كردستان، وهي أقرب المحافظات جغرافيا لنا بعد أن أضحى العبور نحو كركوك من المستحيلات بسبب الرقابة المحكمة التي فرضها تنظيم داعش على الممرات التي تؤدي إلى كركوك».
وحول طريقة هروبه أو طرق الهروب المتبعة من الموصل، قال موفق: «بين فترة وأخرى تستجد طرق للهروب من الموصل، وبعد أن كان أفراد في تنظيم داعش، وهم من الموصل أصلا، يقومون بتهريب الأهالي مقابل ألفين إلى خمسة آلاف دولار أميركي إلى الحدود التركية، فإن حوادث مؤلمة منعت الأهالي من الوثوق بالدواعش»، موضحا «كانت هناك عوائل بكاملها قد نجت بعد أن تم تهريبهم من قبل الدواعش مقابل خمسة آلاف دولار للشخص الواحد ومصادرة مقتنياتهم الثمينة، وقد يصل الأمر إلى مصادرة العقارات التي هي في الأساس تتم مصادرتها من قبل التنظيم في حالة اكتشافهم غياب أصحاب هذه العقارات، لكن هذا الطريق تم إغلاقه تماما؛ وأعني الوثوق بالدواعش، بعد أن سلموا الهاربين إلى أمرائهم وتم إعدام عدة أشخاص يحاولون الهروب في المواقع ذاتها التي قبضوا فيها عليهم، وبينهم إعدام عائلة مكونة من سبعة أشخاص».
ويستطرد موفق متحدثا عن قصة هروبه، قائلا: «منذ أشهر وأنا أتنقل بين بيوت أقاربي هربا من تنظيم داعش الذي صار يجند الفتيان والشباب، وكنت أبحث عن طريقة لأهرب من الموصل حتى اهتدى أقارب لي ببغداد إلى التعرف على سائق شاحنة مثلجة لنقل اللحوم يتنقل بين الموصل والحدود السورية، وهو من أهالي الموصل ويدفع رشى (إتاوات) للتنظيم كلما خرج أو عاد إلى الموصل، وتم التنسيق معه عن طريق شقيق له ببغداد لنقلي إلى الحدود السورية، ومن هناك يتم نقلي إلى الحدود التركية»، مشيرا إلى أن «المعضلة الحقيقية تكمن في الثقة بالشخص الذي يتولى عملية التهريب، إذ من الممكن، وهذا يحدث كثيرا، أن يتخلى المهرب عن الشخص الذي يهربه في أي نقطة يشعر بأن هناك خطر القبض عليه، وبذلك يكون هذا الشخص هو الضحية».
ويضيف قائلا: «سائق الشاحنة وافق على إيصالي إلى سوريا ومن ثم إلى الحدود التركية وطلب مبلغ 2500 دولار تدفع إليه مقدما، وهذا ما تم بالفعل حيث اتفقنا على أن ألتقيه فجر اليوم التالي خارج مدينة الموصل وبالتحديد بعد بلدة بادوش التي تقع على الطريق المؤدي إلى الحدود السورية». ويقول: «عندما صعدت إلى الشاحنة بالقرب من السائق اعترتني مخاوف كثيرة أهمها مواجهة إحدى دوريات تنظيم داعش وإعدامي، ومع ذلك كنت مصمما على الهروب إذ تمت العملية والحمد لله بسلام ولم نقابل دوريات (داعش) إلا مرة واحدة في نقطة معلومة لدى السائق، وكنت وقت ذاك قد اختبأت في ثلاجة نقل اللحوم التي كانت خالية لكنها باردة حيث هيأ لي السائق أغطية تنجيني ريثما نعبر النقاط الخطرة، ومع ذلك دفع (السائق) الإتاوة للدواعش في هذه النقطة قبيل أن نتحرر منهم ونمضي نحو الحدود التركية؛ إذ تم احتجازي في مخيم للاجئين ومن هناك اتصلت بأحد أقاربي المقيمين في دهوك الذين نقلوني من المخيم ثم ديار بكر، وصولا إلى دهوك التي جئت منها إلى بغداد، وكانت حياة جديدة قد كتبت لي».
وعن طبيعة الأوضاع الحياتية في الموصل قبل أن يتركها، قال موفق: «تنظيم داعش في المدينة لا يبدو قويا مثلما قبل ستة أو أربعة أشهر وقد أضعفهم القتال في بيجي وسامراء، وخلال معارك بيجي بدت الموصل شبه خالية من مقاتلي داعش بحيث إن غالبية من الشباب غامروا ومارسوا لعبة كرة القدم، المحرمة من قبل (داعش)، في الشوارع وهناك من دخن السجائر والشيشة علنا وكنا نتمنى أن تتحين القوات العراقية أو الأميركية الفرصة لتدخل الموصل وتحررها من هذا التنظيم الإجرامي»، مشيرا إلى أن «غالبية العوائل تمنع ذهاب بناتها إلى المدارس، بينما الشباب يقبعون في المنازل خشية تجنيدهم من قبل تنظيم داعش»، مطالبا بأن تسعى القوات العراقية، وبالتعاون مع قوات البيشمركة، لفتح منافذ يستطيع أن يهرب من خلالها أهالي الموصل الذين باتوا متأكدين من أن عملية تحرير مدينتهم باتت شبه منسية».



الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
TT

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)

يواجه آلاف المرضى بالسرطان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) خطر الموت نتيجة غياب الرعاية الصحية والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وغياب الدعم، في ظل اتهامات لقادة الجماعة الحوثية بالمتاجرة بالأدوية وتعطيل مراكز علاج ودعم الحالات المصابة بالمرض.

وأرجعت مصادر طبية في المحافظة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والتي كانت تقدم مجاناً من منظمات دولية وجهات خيرية، إلى مساعي الجماعة الحوثية للاستفادة من التمويل الموجه للمرضى، والحصول على إيرادات مالية من الأدوية والتدخل الدائم في العمل الإغاثي الطبي، وفرض قرارتها على الجهات الممولة، وإدارة شؤون المستشفيات والمراكز الصحية.

ووجّه فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب نداء استغاثة جديداً، هو الثالث خلال الأشهر القليلة الماضية، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع لها، ومدّه بالأدوية والمستلزمات التي يحتاجون إليها لعلاج المرضى.

أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

وأعلن فرع مؤسسة مكافحة السرطان، في بيان له، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في إب خلال العام الحالي، موضحاً أن معظم المرضى الذين يتوافدون حالياً على مركز الأمل لعلاج الأورام، وهم من الأسر الفقيرة والأشد فقراً، لا يتحصلون على الرعاية الطبية؛ بسبب شح الإمكانات.

زيادة في المصابين

واشتكى فرع المؤسسة في بيانه من أن التزايد المستمر في أعداد المصابين بالمرض يُحمّل المؤسسة ومركز الأورام تبعات كثيرة في الوقت الذي يعانيان قلة الإيرادات والافتقار للدعم الثابت؛ ما يجعلهما غير قادرين على توفير، ولو الحد الأدنى من الخدمات التشخيصية والصحية للمرضى.

وناشد البيان الجهات ذات العلاقة والمنظمات ورجال الأعمال، بإسنادهم بالدعم من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية للمرضى.

مبنى فرع مؤسسة مكافحة السرطان في إب (فيسبوك)

وذكرت مصادر طبية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، شهدت مئات الإصابات الجديدة بالمرض، بالتزامن مع معاناة كبيرة لأكثر من 6 آلاف مصاب من مختلف الأعمار.

موارد محدودة

اشتكى عدد من المرضى من انعدام العلاج وانقطاع الخدمات الطبية، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر الموت جراء فشل الجماعة الحوثية في إدارة المرافق الصحية وعبث قادة الجماعة بالموارد والمساعدات والإتجار بها في السوق السوداء.

وبيَّنوا لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يزالون يعانون مضاعفات كبيرة وظروفاً حرجة في ظل سياسات حوثية خاطئة تستهدف جميع مؤسسات ومراكز مكافحة السرطان في المحافظة وأثرت سلباً على تلقيهم الرعاية الطبية.

يقول عبد الله، وهو شاب من مدينة العدين غرب المحافظة، وقدِم إلى فرع مؤسسة مكافحة السرطان لعلاج والدته التي تعاني سرطاناً في الحلق، إنه تردد على فرع المؤسسة لأكثر من 3 أيام؛ أملاً في الحصول على الرعاية الطبية لوالدته، لكن دون جدوى.

قادة حوثيون يفرضون وجودهم في افتتاح مركز لمعالجة الأورام في إب اليمنية بتمويل من فاعلي خير (إعلام حوثي)

ويعبّر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالحزن والأسى وهو يرى والدته تصارع المرض، بينما يعجز حتى اللحظة عن تأمين جرعة العلاج الكيماوي لها وبعض الأدوية الأخرى؛ بسبب انعدامها في فرع المؤسسة، وارتفاع تكلفتها في العيادات الخارجية والصيدليات التي تتبع أغلبها قيادات حوثية.

ويشير عاملون في فرع المؤسسة المعنية بمكافحة السرطان في إب خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مركز الأمل لعلاج الأورام التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، لا يزال يُقدم كل ما يمكن من خدمات مجانية للمرضى، رغم تكرار الاستهداف الحوثي له ومنتسبيه، معتمداً على القليل جداً من التبرعات المقدمة من بعض الجهات وفاعلي الخير.

وطالب العاملون المنظمات الدولية والمعنيين بسرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت ويتجمعون يومياً بالعشرات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في المحافظة، أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

القطاع الصحي في اليمن يعيش وضعاً متردياً تحت سيطرة الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وأقرَّت الجماعة الحوثية سابقاً بارتفاع عدد مرضى السرطان بعموم مناطق سيطرتها إلى نحو 80 ألف مريض.

وأطلق فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، نداء استغاثة، بعد بلوغ أعداد المرضى المسجلين لدى فرع المؤسسة بالمحافظة وقتها 6060 حالة.

وقبل ذلك بأشهر أطلق الفرع نداء استغاثة مماثلاً، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع له، والذي يواجه الإغلاق الوشيك نتيجة نقص الدعم وغياب التمويل.