«بيروت حبيبي» رسالة حب يهديها «ماراثون بيروت» لـ«ست الدنيا»

تم غناؤها بلغات ثلاث.. وتضمنت مشاهد سياحية للمدينة

جانب من سباق «ماراثون بيروت» الماضي
جانب من سباق «ماراثون بيروت» الماضي
TT

«بيروت حبيبي» رسالة حب يهديها «ماراثون بيروت» لـ«ست الدنيا»

جانب من سباق «ماراثون بيروت» الماضي
جانب من سباق «ماراثون بيروت» الماضي

«بيروت حبيبي» هو عنوان الأغنية التي أطلقها منظمو سباق الركض «ماراثون بيروت»، في نسخته الثالثة عشرة. وجاءت هذه الأغنية التي شارك في أدائها الإسباني شيكو كاستيللو واللبنانيان فريد نعمة وسارينا، بمثابة رسالة سلام أرادها القائمون على السباق، لنشر الصورة الحقيقية لصاحبة لقب «ستّ الدنيا».
وتبدأ الأغنية التي صورت من قبل شركة «آرابيابوك» وبالتحديد من قبل استوديوهات (آي بي)، بمشهد عام لبيروت تطلّ فيه هندستها المعمارية الحديثة، ولتأخذنا بعدها كاميرا مخرج الكليب ايلي عبس، في مشوار يتناول أهم معالمها السياحية، ككورنيش المنارة، وصخرة الروشة، والأسواق التجارية، وتظهر خلالها مشاهد من سباقات «ماراثون بيروت» الماضية، التي تعد حدثا سنويا يقام منذ 13 سنة وسط بيروت.
ولم ينس المخرج أن يعرج أيضًا بعينه الثاقبة، على أحياء بيروت التراثية المعروفة بعماراتها وهندستها اللبنانيتين الأصيلتين.
وبالفرنسية يستهل المغني شيكو رسالة الحبّ التي يوجهها إلى بيروت، فيقول: «بيروت حبيبي.. لا أعلم كيف أقول لها إنني أحبّها». وليتبعها مشاهد من حركة بيروت اليومية وللحيوية التي يتمتّع بها أهلها. وعلى وقع عبارة «إنها ترقص لي كالغجرية»، يأتينا صوت المغنية سارينا بالإنجليزية لتكمل رسالة الحب هذه وهي تقول: «I love you beirut» وهي ترتدي الأبيض علامة السلام.
كاميرا سريعة ذات لقطات متتالية تصبّ في خانة لبنان السياحة والجمال، يطالعنا بها المخرج إيلي عبس طيلة عرض هذه الأغنية المصوّرة، التي هي بمثابة هدية تكريمية لبيروت عاصمة السلام.
وفي نقلة موسيقية لافتة استخدمت فيها آلات عزف شرقية، يصدح صوت فريد نعمة، في موّال طربي خاص ببيروت، على طريقة الراحل وديع الصافي عندما غنّى «لبنان يا قطعة سما». فيطالعنا بعبارة مغناة يقول فيها «بيروت مهما القصايد عنّك قالوا انت القصيدة بالعزّ علياني ويبقى العمر يخبّر لحالو حكايات بشوارعك مخبّاية»، ويرافقها صور مشهدية حيّة من خليج بيروت وأقدام العدائين واليخوت التي تشق موج شاطئ عاصمة لبنان الساحرة.
وبين مشاهد بزوغ الفجر التي يبدأ بها الكليب، وصولا إلى الغروب عندما تغطس الشمس في بحر بيروت، يتم عرض مشاهد سريعة لمنظمة سباق الماراتون مي خليل وصيادي السمك وبيروت السهر، إضافة إلى صور فتيات وشبان يرسمون بأناملهم شكل القلب تعبيرا عن شعورهم تجاه مدينتهم.
وعلى وقع موسيقى إيقاعية بامتياز تزود مستمعها بطاقة إيجابية، تدفعه إلى الانسجام بالأغنية حتى اللحظة الأخيرة من عرضها، ينتهي هذا العمل المصوّر بإبداع على مشهد لصخرة الروشة، مختتما بذلك مشوار المشاهد مع بيروت على طريقة «مسك الختام».
لحّن الأغنية العالمي شيكو كاستيللو الذي كتب كلامها أيضًا في الفرنسية، فيما كتبها بالعربية والإنجليزية كلّ من بريجيت كساب وألان خويري.
ويؤكّد مخرج العمل إيلي عبس في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن المغني الإسباني يحبّ لبنان إلى أبعد حدود، وأنه مغرم بعاصمته بشكل كبير فلم يبد أي تردد في المشاركة في هذه الأغنية، التي نبضت بلحنها بكل الحب الذي يكنّه لها، وليكرم من خلالها بيروت على طريقته. أما عن سبب اختيار مغنين صاعدين لأداء الأغنية، فأوضح قائلا: «الهدف من الأغنية هو توجيه رسالة سلام وحبّ إلى العالم أجمع من قلب ماراثون بيروت، وليس الشهرة على حساب مغنين معروفين. وعن الصعوبات التي صادفها أثناء التصوير أجاب: «ليس هناك من عمل فنّي يمكننا إنجازه دون صعوبات معيّنة، ولكنها بالمجمل كانت صعوبات لا تُذكر رغم أننا لم نلقَ التسهيلات اللازمة من المعنيين».
استغرق تصوير هذه الأغنية ثلاثة أيام متتالية، ورغم أنها في البداية كانت مجرد عمل فني لتكريم بيروت، إلا أن اهتمام منظمي «ماراتون بيروت» بها عندما عرضت عليهم من قبل الشركة المنتجة لها، دفعتهم للموافقة على استخدامها كعمل فني، يرافق سباق العداء السنوي الذين ينظموه في كل سنة. ولذلك تم إجراء بعض التعديلات على مشاهدها، لتتضمن أخرى تظهر بعض هذه السباقات، التي جرت في بيروت على مدى 13 عاما وشارك فيها العديد من العدائين العالميين. ويذكر أن «ماراثون بيروت» يشهد هذا العام نسخته الثالثة عشرة، ويشارك فيه نحو الـ40 ألف عداء، ومن بينهم العداءة البريطانية العالمية باولا رادكليف، حاملة الرقم القياسي العالمي لسباق الماراثون.
أما مسار السباق الذي سيجري في الثامن من الشهر المقبل، نوفمبر (تشرين الثاني)، فسينطلق من طريق الشام بالقرب من مطرانية الأرمن في محيط منطقة الصيفي، وتكون نقطة الوصول في شارع أحمد شوقي الموازي لمنطقة ستاركو وسط بيروت.
ويتضمن السباق تسع فئات: سباق الماراثون (42 كيلومترًا) والمسافة نفسها لذوي الاحتياجات الخاصة ولسباق البدل، وسباق 5 كيلومترات للشباب، ولذوي الإعاقة الذهنية، وسباق الكيلومترين للأطفال، وسباقات فئة الـ10 كيلومتر، والتنافسية ولذوي الاحتياجات الخاصة منها.
وتجدر الإشارة إلى أن سباق هذا العام، الذي يجري تحت عنوان «اركض»، هو الأخير الذي يُقدّم برعاية مصرف لبنان. وهذه الشراكة أوصلت السباق إلى مرتبة التصنيف الفضّي عالميًا، بفضل الدعمين المادي والمعنوي اللذين قدّمهما على مدى ثلاث سنوات متتالية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».