الموسيقار اليوناني «ياني» يداعب المصريين بـ«تحيا مصر»

في حفلين أسطوريين أحياهما تحت سفح الأهرامات

أثناء زيارته للهرم الأكبر
أثناء زيارته للهرم الأكبر
TT

الموسيقار اليوناني «ياني» يداعب المصريين بـ«تحيا مصر»

أثناء زيارته للهرم الأكبر
أثناء زيارته للهرم الأكبر

في أجواء أسطورية على مسرح الصوت والضوء تحت سفح أهرامات الجيزة، صدحت موسيقى الفنان اليوناني العالمي «ياني» يومي الجمعة والسبت الماضيين، ليحلق بألحانه ومعزوفاته الساحرة في حفل ضخم أطلق عليه «Dream Concert»، ليحقق أمنيته بالغناء تحت سفح الأهرامات والتي ظلت تراوده منذ 25 سنة.
وفي بادرة طريفة منه، هتف «ياني» في ختام الحفلين باللغة العربية «تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر»، ما أثار عاصفة من التصفيق والتهليل بين جمهور الحفل المقدر بالآلاف. وظل طوال الحفلين متشحا بالعلم المصري على كتفيه، ومتحركا بحيوية وحماس بين آلاته وفرقته الموسيقية.
وقدم «ياني» للجمهور أيضا مقطع فيديو أرسله صديق له من رواد الفضاء يصور مصر من الفضاء، ما أثار إعجاب الحضور الذين هتفوا باسمه عدة مرات. ولقي الحفلان إقبالا كبيرا، ورغم ارتفاع أسعار تذاكر الحفل التي بلغت 3 آلاف جنيه مصري (ما يعادل 350 دولارا) وبلغت أقل فئة 600 جنيه (نحو 80 دولارا)، فإنها نفدت جميعا.
وخرج الحفل مبهرا باستخدام الأضواء على خلفية الأهرامات وتمثال أبو الهول، وتفاعل الجمهور مع تناغم الألعاب النارية المبهرة مع موسيقى «ياني» الرائعة. حضر الحفل آلاف من المصريين وكبار نجوم الفن والمجتمع، من بينهم النجمة ليلى علوي والمطربة شيرين عبد الوهاب، والمطرب محمد ثروت، والفنان هاني سلامة وزوجته، ولاعب الكرة عماد متعب، فضلا عن وزيري السياحة والآثار المصريين وعدد من قناصل الدول العربية والأوروبية.
وكان «ياني» فور وصوله للقاهرة قد أعرب عن سعادته بالاستقبال الحافل في مطار القاهرة، وقام بتسجيل مقطع فيديو قال فيه: «غير مصدق لوجودي بالقرب من نهر النيل العظيم». كما أشار في المؤتمر الصحافي الذي عقد قبيل الحفل إلى انبهاره بالموسيقى المصرية والشرقية، وكيف أنها ألهمته دون أن يعرف لعدة سنوات، حيث كان يستمع إليها عبر موجات الراديو. وكان «ياني» قد لعب في عدة حفلات له معزوفات مصرية شهيرة للموسيقار الكبير عمر خيرت، وموسيقى مسلسل «المال والبنون».
يذكر أن «ياني» قد وصل إلى مصر بداية الأسبوع الماضي وقام بجولة سياحية بين أبرز معالمها، بينها: خان الخليلي والحسين وشارع المعز التاريخي، فضلا عن زيارته للهرم الأكبر من الداخل. وتعد جولة «ياني» الموسيقية في مصر بداية لجولته في الشرق الأوسط، إذ إنه من المقرر أن يتوجه لإحياء حفل في دولة الإمارات المتحدة العربية في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».