محادثات أميركية ـ صينية لبحث أزمة بحر الصين الجنوبي

واشنطن ترحب بقرار هيئة تحكيم بشأن دعاوى ضد بكين

محادثات أميركية ـ صينية لبحث أزمة بحر الصين الجنوبي
TT

محادثات أميركية ـ صينية لبحث أزمة بحر الصين الجنوبي

محادثات أميركية ـ صينية لبحث أزمة بحر الصين الجنوبي

عقد قائد البحرية الصينية ونظيره الأميركي، ليلة أول من أمس، مؤتمرًا عبر دائرة الفيديو المغلقة، وذلك بعد نشوب خلاف بين الدولتين العظمتين، بسبب قيام سفينة حربية أميركية بدورية في منطقة، تؤكد بكين سيادتها عليها في بحر الصين، وفقًا للبحرية الأميركية.
وقال مسؤول أميركي، أمس، إن الجانبين اتفقا على مواصلة الحوار واتباع ميثاق «التعامل مع المواجهات غير المقصودة في البحار»، بهدف تجنب وقوع اشتباكات.
وبعد إجراء محادثات بين رئيس العمليات في البحرية الأميركية الأميرال جون ريتشاردسون، ونظيره الصيني الأميرال وو شينغ لي، قال المسؤول إن الزيارات المقررة للموانئ بواسطة سفن أميركية وصينية، وزيارات أخرى مقررة لضباط بحرية أميركيين إلى الصين لا تزال كما هي دون تغيير، مؤكدًا أنه «لا يوجد أي خطر يتهدد هذا البرنامج. ولم يتم إلغاء أي شيء». كما اتفق المسؤولان أيضًا على الحاجة للتمسك بالقواعد المنصوص عليها في ميثاق المواجهات غير المقصودة.
وكانت مدمرة أميركية مزودة بصواريخ موجهة قد أبحرت يوم الثلاثاء الماضي، على بعد 12 ميلاً بحريًا من واحدة من الجزر الصناعية الصينية داخل بحر الصين الجنوبي. وكان هذا أهم تحد تقوم به البحرية الأميركية حتى الآن للحدود الإقليمية التي رسمتها الصين حول جزرها الصناعية، في أحد أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم.
ولم يرد على الفور أي تعقيب من الصين على المحادثات التي قال المسؤول الأميركي إنها استمرت أكثر من ساعة. كما لم يعطِ المتحدث باسم البنتاغون جيف دايفوس أية تفاصيل حول مضمون المحادثات، مكتفيًا بالقول إن المحادثات انصبت على مسألة حرية الملاحة في أرخبيل سبارتليز بجنوب بحر الصين.
لكن المتحدث باسم البحرية الأميركية اللفتنانت تيم هوكينز قال إن المؤتمر «كان مهنيًا وبناء»، دون تقديم تفاصيل عن مضمون المحادثة.
وبينما اتفق المسؤولان على «أهمية بقاء الحوار الحالي» بين البحريتين والحوار عبر الفيديو مجددًا قبل نهاية العام، حسب المتحدث باسم البنتاغون، رحبت أميركا أمس بقرار هيئة تحكيم بشأن دعاوى أقيمت ضد بكين في بحر الصين الجنوبي، إذ قال مسؤول بارز بوزارة الدفاع الأميركية إن الولايات المتحدة ترحب بقرار هيئة تحكيم في هولندا بأن لها اختصاصًا قضائيًا للفصل في بعض الدعاوى التي أقامتها الفلبين ضد الصين، فيما يتعلق بأجزاء متنازع عليها من بحر الصين الجنوبي.
وقال المسؤول متحدثًا، شريطة عدم الكشف عن هويته: «بالطبع نحن نرحب بقرار هيئة التحكيم.. وهذا يظهر الصلة بين القانون الدولي والنزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي»، مضيفًا: «إنه يبين أيضًا أن دعاوى السيادة ليست بالضرورة غير قابلة للطعن فيها، ويظهر أن الفصل في قضايا كهذه على أساس القانون الدولي والعرف الدولي هو طريقة حيوية، بالحد الأدنى، لإدارة الصراعات الإقليمية إن لم يكن حلها».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.