واشنطن ترسل قوات كوماندوز خاصة إلى شمال سوريا وتنشر مقاتلات بقاعدة إنجرليك

المتحدث باسم البيت الأبيض: إستراتيجيتنا لم تتغير.. والقوات الخاصة لن تنخرط في مهام قتالية

واشنطن ترسل قوات كوماندوز خاصة إلى شمال سوريا وتنشر مقاتلات بقاعدة إنجرليك
TT

واشنطن ترسل قوات كوماندوز خاصة إلى شمال سوريا وتنشر مقاتلات بقاعدة إنجرليك

واشنطن ترسل قوات كوماندوز خاصة إلى شمال سوريا وتنشر مقاتلات بقاعدة إنجرليك

أعلن مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أعطى الإذن بنشر عدد قليل من قوات العمليات الخاصة (أقل من خمسين مستشارا في قوات العمليات الخاصة) في شمال سوريا خلال الأيام المقبلة، للعمل مع قوى المعارضة السورية، وكذلك في العراق، بالإضافة إلى تعزيزات عسكرية لكل من لبنان والأردن.
«الشرق الأوسط» علمت من مسؤولين في البيت الأبيض أن الخطة تشمل نشر مقاتلات من طراز «إيه - 10» ومقاتلات قاذفة من طراز «إف - 15» في قاعدة إنجرليك الجوية بجنوب تركيا، وستكون مهمتها تقديم الدعم الجوي للعمليات البرية ضد تنظيم داعش. وبجانب ذلك، سترسل عناصر من قوات العمليات الخاصة إلى العراق لتعزيز الحملات التي تقودها الحكومة في بغداد ضد «داعش» في العراق، وبصفة خاصة في مدينة الرمادي وقرب مدينة أربيل، مع العمل على عزل مدينة الموصل التي تعد الآن معقل التنظيم. وستشمل الخطة تعزيز المساعدات العسكرية الأميركية لكل من لبنان والأردن للمساعدة في مكافحة التنظيم المتطرف.
ولقد أشار المسؤولون الأميركيون إلى أن التعاون العسكري مع الأردن يشمل تعاونًا استخباراتيًا يتصل بتقديم معلومات للأردن لمساعدة الطائرات على تحديد وقصف مواقع «داعش» بدقة. وأوضحوا أنه من المتوقع أن تبدأ حملة عسكرية بمساندة قوات العمليات الخاصة في وقت مبكر من الأسبوع المقبل في سوريا تهدف إلى قطع خطوط إمداد «داعش» في معقله الرئيسي بمدينة الرقة وتشديد الضغط عليه.
من ناحية ثانية، نفى المسؤولون في البيت الأبيض أن قوات العمليات الخاصة ستنشر في الخطوط الأمامية للقتال ضد «داعش» مع قوات المعارضة السورية أو القوات العراقية. بينما أشار محلّلون إلى أن وجود قوات أميركية خاصة في منطقة القتال الساخنة سيمنحهم الحق في الدفاع عن أنفسهم إذا ما تعرّضوا للهجوم.
في هذه الأثناء، قال جوش إرنست، الناطق باسم البيت الأبيض، إن الرئيس أوباما تحدّث هاتفيًا مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي «لمناقشة الوضع في العراق والجهود لمكافحة (داعش) والجهود لتعزيز القوات العراقية». وشدّد الناطق على أن قرار إرسال قوات عمليات خاصة لسوريا «لا يتضمّن انخراط تلك القوات في عمليات قتالية، بل ستقتصر مهمتها على دعم بناء قدرات القوات المحلية على الأرض وتقديم المشورة والنصح».
وأوضح إرنست: «إننا نعمل مع حكومة العراق ولدينا التزام بتدريب القوات العراقية وبناء قدراتها لتكون قادرة على مهاجمة (داعش)، لكن الوضع مختلف مع سوريا لأنه لا يوجد حكومة نتعاون معها مع فقدان الأسد للشرعية. لذا نعمل الآن على تعزيز قدرات المعارضة السورية المعتدلة، ومهمة القوات الخاصة هي تقديم التدريب والتسليح والذخائر لتحقيق تقدّم ضد (داعش). ولقد رأينا نجاح قوات المعارضة في استعادة كوباني (عين العرب) بعد إمدادهم بمعدات أميركية وما كان هذا ليحدث دون مساندتنا». كذلك، ألمح الناطق باسم البيت الأبيض، إلى احتمال زيادة عدد قوات العمليات الخاصة في العراق مستقبلاً، لكنه رفض الإجابة عن العدد المحدّد للقوات الخاصة أو الفترة الزمنية التي ستمضيها تلك القوات الخاصة في كل من العراق وسوريا.
إرنست رفض وصف هذه الخطوة بأنها تغيير في السياسة الأميركية وتراجع عن تصريحات سابقة للرئيس أوباما قال فيها إنه لن يرسل جنودًا للقتال على الأرض. وقال الناطق: «إستراتيجيتنا لم تتغير في سوريا، فقد قرر الرئيس تعزيز الجهد بإرسال القوات الخاصة إلى سوريا لتوفير الدعم للعمليات ضد (داعش). ومهمة القوات الخاصة تدريب ومساعدة قوات المعارضة السورية التي تقاتل (داعش)، وهي لن تؤدي مهامًا قتالية. إن ما قاله الرئيس أوباما إنه لن يضع جنودًا على الأرض، وكان يقصد أنه لم تكن هناك استراتيجية عسكرية لإزاحة الأسد، ولن نرسل جنودًا على الأرض لإزاحة الأسد. وهذا مختلف عما قرره الرئيس السابق جورج بوش بإرسال قوات برية لإزاحة (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين. الموقف هنا مختلف لأننا نركز على مكافحة (داعش)».
في المقابل، أقر إرنست «بوجود مخاطر تواجهها القوات الأميركية الخاصة مع وجودهم عند خطوط القتال الأمامية»، إذ قال: «نحن لا ننكر أن هناك مخاطر ستواجهها قوات العمليات الخاصة، لكن مسؤوليتهم ألا ينخرطوا في الجهد القتالي، بل تقديم الدعم للقوات المحلية.. وسيكون لديهم المعدات للدفاع عن أنفسهم». وأضاف: «إننا نؤمن بأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة في سوريا، ولقد وضعنا استراتيجية متعددة الجوانب تتضمن جانبًا عسكريًا ونعلم أننا نحتاج لعملية انتقال سياسي في سوريا. وهذا ما يقوم به وزير الخارجية في محادثات فيينا لجلب كل الأطراف ذات النفوذ والتأثير على سوريا للتوصل إلى أرضية مشتركة. لقد كان من الصعب جلب روسيا والسعودية وإيران إلى غرفة واحدة لكننا نعتقد أن ذلك ضروري للتوصل إلى حل للأزمة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.