«بي بي سي» البريطانية {تحاكم} الشرق الأوسط في مهرجانها السينمائي

من خلال 20 فيلمًا للمحترفين والهواة

لقطة من فيلم «ميسي بغداد» القصير إخراج ساهم عمر خليفة
لقطة من فيلم «ميسي بغداد» القصير إخراج ساهم عمر خليفة
TT

«بي بي سي» البريطانية {تحاكم} الشرق الأوسط في مهرجانها السينمائي

لقطة من فيلم «ميسي بغداد» القصير إخراج ساهم عمر خليفة
لقطة من فيلم «ميسي بغداد» القصير إخراج ساهم عمر خليفة

تنطلق اليوم فعاليات الدورة الثانية لمهرجان «بي بي سي عربي السنوي للأفلام والوثائقيات» داخل مبنى هيئة الإذاعة البريطانية الرئيسي في وسط العاصمة لندن. وعلى مدار أربعة أيام يقدم المهرجان، الذي سينظم تحت شعار «حاكمون ومحكومون: السلطة في عالم عربي متغير»، مجموعة جريئة ومُنوعة من الأفلام والوثائقيات من جميع أنحاء الشرق الأوسط، لمعدي أفلام محترفين وغير محترفين، من جميع الدول والجنسيات والأعراق.
وقال المتحدث باسم المهرجان طارق كفالة إنه «بينما كان جل تركيز مهرجان (بي بي سي للأفلام والوثائقيات) في عامه الأول منصبا على القضايا السياسية المتعلقة بالعالم العربي، فإن المهرجان في دورته الثانية لهذا العام يتناول نظرة شمولية أوسع تتطرق لقضايا اجتماعية لها أثرها على أجيال كاملة في المنطقة العربية». وأضاف موضحا أن «اختيار موضوع المهرجان لهذا العام (حاكمون ومحكومون: السلطة في عالم عربي متغير) يثرينا بقصص منوعة تأتينا من مناطق متفرقة وبلغات مختلفة. قوة المهرجان تكمن في تقديم أفلام وثائقية وإبداعية تعكس تعقيدات الحالة القائمة في العالم العربي».
وكانت «بي بي سي عربي» دعت أوائل هذا العام صناع الأفلام والسينمائيين والصحافيين لتقديم مشاركاتهم من أفلام قصيرة وأعمال استقصائية وتقارير ووثائقيات تحاول إلقاء الضوء على الصراعات من أجل السلطة والنفوذ في عالم عربي يشهد منذ سنوات تغيّرا يبدو حتى الآن مجهول الخاتمة. وفي وقت سابق، جرى الإعلان عن القائمة القصيرة للأفلام التي ستعرض ضمن المهرجان، وتتألف من عشرين فيلما اعتبرتها لجنة حكام المهرجان - المكونة من مجموعة من الإعلاميين والصحافيين والنقاد - الأفضل بين مئات الأفلام التي تقدم بها صانعوها هذه السنة.
بدوره، قال جيسن سولومون، أحد حكام المهرجان وهو ناقد أفلام يعمل لدى صحيفة «ميل أون صنداي» البريطانية وإذاعة «بي بي سي لندن»: «ما لا شك فيه أن الشخص العادي في لندن لم يشاهد ما يكفي من السينما العربية»، مؤكدا أن هذا المهرجان «يمثل فرصة حقيقية ونادرة وشيقة لتقديم ما هو جديد للجمهور البريطاني».
وستعرض الأفلام العشرون ضمن فئات الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية والأفلام الوثائقية القصيرة والريبورتاج، وستكون مقسمة على أمسيات المهرجان حسب مواضيعها التي تناقش قضايا الانتماء والهوية والوطن والطفولة والمستقبل وغيرها من قضايا ساخنة في مجتمعات العالم العربي اليوم. وسيجري إعلان الفائزين في جميع الفئات خلال حفل الختام مساء الاثنين المقبل.
يتكون حفل افتتاح المهرجان في الثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي من عدد من العروض والنشاطات والنقاشات التي سيقدمها الكوميدي البريطاني إيدي إيزارد. وسيكون حفل الختام مساء الاثنين المقبل، وتقدمه الكوميدية شابي خورساندي، وفيه ستعلن أسماء الفائزين في كل من فئات المهرجان الأربع، كما سنستمع لأداء حي من فريق الروك اللبناني «مشروع ليلى».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».