شباب مصر يدفعون فواتير شركات الإنترنت «عملات معدنية»

احتجاجا على سوء وبطء الخدمة وغلاء الأسعار

شباب مصر يدفعون فواتير شركات الإنترنت «عملات معدنية»
TT

شباب مصر يدفعون فواتير شركات الإنترنت «عملات معدنية»

شباب مصر يدفعون فواتير شركات الإنترنت «عملات معدنية»

«لن ندفع فواتير الإنترنت، إلا عملات معدنية.. ولو الشركات غاضبة (تتفضل تقطع الخدمة).. ونحن من جانبنا سوف نصعد في الداخل والخارج»، هكذا علق نور عبد الحميد، وهو شاب ثلاثيني، على استغلال شركات الإنترنت للعملاء وسوء وبطء الخدمة وسوء خدمة العملاء. ويضيف: «إحنا زهقنا؛ ورغم قيام ثورتين في مصر؛ فإن سرعة الإنترنت ما زالت بطيئة والمبررات التي نسمعها كلما اتصلنا بالشركة غير مفهومة.. والمفروض أن هذه الشركات تقدم خدمة محترمة طالما نقوم نحن (العملاء) بدفع نظير هذه الخدمة».
ويقول نور عبد الحميد، وهو يسكن في حي عين شمس بشرق القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، ذهبت لأحد فروع شركة الإنترنت لسداد الاشتراك الشهري.. وبعد طول انتظار داخل الفرع، وصلت للموظف المختص وسألته عن طول فترة انتظاري، فرد: «التعطيل سببه شباب يدفعون اشتراكهم عملات معدنية». ويكمل الشاب نور عبد الحميد: «قررت على الفور الاستجابة لما قاله.. وأخرجت عملات (فكة) معدنية وقدمتها للموظف المختص.. كنوع من العقاب له لانتظاري كثيرا»، وتابع: «عقب عودتي للمنزل دخلت على الإنترنت، وعرفت أن هناك حملة تسمي (ثورة الإنترنت)».
حيلة جديدة لجأ إليها شباب مستخدمون للإنترنت في مصر يشعرون بالسخط إزاء ما يصفونه بسوء الخدمة بوسيلة جديدة للاحتجاج، وهي دفع اشتراكهم على صورة «فكة» أي بعملات معدنية من فئات صغيرة، للتأثير على حركة التحصيل في الشركات المقدمة للخدمة في البلد الذي يصل عدد مستخدمي الإنترنت فيه إلى أكثر من 38 مليونا.
خطوات الشباب جاءت تفعيلا لحملة «ثورة الإنترنت» التي أطلقها مجموعة من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»، احتجاجا على غلاء خدمات الإنترنت في مصر. ونشرت الحملة على موقع التواصل الاجتماعي دعوة صريحة لتصعيد الاحتجاج ضد جشع شركة الإنترنت، عبر دفع قيمة الاشتراك كاملا من الفضة، لاستفزاز الشركات وإشعارهم بأن هناك من يقف ضد جشعهم باستماتة.
وكان الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر طلب مؤخرا من شركات خدمات الإنترنت تقوية ورفع كفاءة الشبكات الخاصة بها بعد تدني الخدمات في الفترات الأخيرة ببعض المناطق، بحسب بيان للجهاز.
وقال مصدر مسؤول في الجهاز لـ«الشرق الأوسط»: «أبلغنا الشركات بزيادة الخدمات وتقويتها، لتقديم مستوى خدمة جيد للمستخدمين»، مشيرا إلى أن جهاز تنظيم الاتصالات طالب شركات الإنترنت بذلك، بعدما تزايدت نسبة الشكاوى المقدمة لجهاز الاتصالات من سوء الخدمة، كاشفا عن أن الجهاز قام بشراء الأجهزة اللازمة لاختبار جودة خدمات الإنترنت، لعمل القياسات وإعداد تقارير عن مستوى وكفاءة الخدمة للشركات المختلفة.
أمينة صبرة (32 عاما)، إحدى المشاركات في الحملة، قالت إن «سداد فاتورة الإنترنت عملات معدنية هي الخطوة الأولى في طريق التصعيد.. والخطوة الأخرى قد تكون الامتناع نهائيا عن الدفع». أما أحمد توفيق (20 عاما)، فقال: «بصراحة.. وجدنا في الفكرة فرصة نعبر عن رفضنا لأسلوب تعامل الشركة معنا».
وتواصلت ردود الأفعال من الشباب على حملة «ثورة الإنترنت»، وبينما اعتبرها البعض مجرد «هزار» وتسلية من الشباب للضغط على الشركات لتحسين أدائها، قال آخرون إنهم «مستمرون حتى يحصلون على كافة حقوقهم.
ويتراوح سعر خدمة الإنترنت المنزلي بسعة التحميل (1 غيغا بايت) بين 90 إلى 95 جنيها شهريا. «الشرق الأوسط»، اتصلت بإحدى شركات الإنترنت، فرد أحد العاملين بها، قائلا: «لا يوجد أي ضرر يقع على الشركة من سداد الفواتير في صورة عملات معدنية.. الضرر الحقيقي يقع على المشترك، قد يضطر للانتظار كثيرا حتى ننتهي من (عد الفكة التي دفعها)».
ومن التعليقات التي نشرها الشباب على موقع الإنترنت: «ادفع فاتورتك فضة واتصل بالشرطة لو رفضوا ياخدوها منك، الفضة بقرار من وزارة المالية».. و«أنا وصاحبي رحنا ندفع فاتورتين فضة، فوجئنا بموظفي خدمة العملاء بيحاولوا استفزازنا، وقفونا كتير، وتعاملوا معانا ببرود شديد، ويقولوا لنا أهي كلها فلوس، وإحنا أساسا محتاجين الفضة».
ونشر أحد المشاركين في الحملة صورة تظهر نحو ألف جنيه (نحو 143 دولارا) على هيئة عملات معدنية من إجمالي 2500 جنيه ينوي سدادها لإحدى شركات الإنترنت وكتب أعلى الصورة «سوف نجعل التحصيل بطيئا مثل الإنترنت بتاعكم».
كما نشرت الحملة تسجيلات مصورة قالت إنها لمشاركين آخرين يقومون بسداد الفواتير باستخدام العملات المعدنية. ويقول المشاركون في الحملة، إن عدد المنضمين لصفحة الحملة على «فيس بوك» في أسبوع بلغ 400 ألف بعدما كانت 21 ألفا.
من جهته، قال أحمد عبد النبي، منسق حملة ثورة الإنترنت، إن «الحملة قامت بعرض أسعار خدمات الإنترنت التي تقدم في دول عربية، بالإضافة إلى أسعار الخدمات في عدد من الدول الكبرى مثل بريطانيا وأميركا، وهو ما أظهر أن مصر الأغلى، بجانب تدني السرعات والخدمات المقدمة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».