الحياة في مصر عبر 1200 عام في ظل مختلف الأديان

معرض جديد في المتحف البريطاني

زائرة للمعرض (إ.ب.أ)
زائرة للمعرض (إ.ب.أ)
TT

الحياة في مصر عبر 1200 عام في ظل مختلف الأديان

زائرة للمعرض (إ.ب.أ)
زائرة للمعرض (إ.ب.أ)

«مصر.. الأديان بعد الفراعنة»، المعرض الجديد للمتحف البريطاني الذي يفتح أبوابه للجمهور غدا الخميس، يعد من المعارض الهامة التي تستكشف الحياة في مصر في عصور مرت عليها حملت ثقافات وأديان مختلفة. المعرض كما يشير منظموه لا يتعامل مع الأديان بشكل مباشر بل ينظر للتحولات الاجتماعية والتاريخية التي تأثرت بالأديان المختلفة عبر 1200 عام ومن خلال 200 قطعة أثرية. يمتد المعرض على عدة قاعات يفتتحها في مدخله بعرض نماذج نادرة للكتب السماوية الثلاثة، وفي لمحة ذكية يضع منظمو المعرض ثلاثة أختام ترتبط بكل ديانة، وذلك في إشارة للحياة اليومية في ظل تلك الأديان. بعد ذلك تبدأ رحلة الزائر داخل التاريخ المصري الاجتماعي عبر خريطة زمنية تبدأ منذ بناء مدينة الإسكندرية والسلالة البطلمية مرورا بهزيمة كليوباترا السابعة على يد الإمبراطور أغسطس إلى ظهور المسيحية ثم الإسلام.
في حديث سابق مع أماندين ميرات، منسقة مشروع معرض «مصر.. الديانات بعد الفراعنة»، أشارت إلى أن المعرض لا يتناول الأديان الثلاثة بشكل مباشر، بل يتعامل مع تأثيرها في الحياة اليومية للمصريين. وقالت: «نتناول الأديان الثلاثة بشكلها المقدس فقط في مقدمة المعرض، حيث نضع الكتب السماوية الثلاثة إلى جانب بعض المعروضات الأخرى التي ترمز لها، مثل ثلاثة شواهد قبور أثرية، واحد يحمل الصليب وآخر يحمل الشمعدان السباعي (المينوراه) والثالث يحمل الكتابة العربية، أيضًا نعرض لقصة النبي إبراهيم (عليه السلام) الذي يعتبر القاسم المشترك بين الأديان الثلاثة (الإبراهيمية)». وخلال حديثها تشير ميرات أكثر من مرة إلى حرص القائمين على المعرض على التزام التوازن ما بين تناول الديانات الثلاث بصفتها المقدسة، وبين مظاهر الحياة اليومية المتأثرة بتلك الكتب المقدسة.
ننطلق من عام 30 قبل الميلاد بعد وفاة كليوباترا وأنطونيو، كما أصبحت مصر جزءا من الإمبراطورية الرومانية. في هذه الفترة تبرز مدينة الإسكندرية التي ازدهرت في عصر الرومان. وخلال الحقب المتتالية عرفت الإسكندرية مئات الآلهة، تحورت وعبدها أتباع الفرق الدينية المختلفة بعد إكسابها هوية جديدة، مثال على ذلك إيزيس التي عبدها الفراعنة وتحولت إلى آلهة عابرة للحضارات والثقافات.
قصة الأديان السماوية في مصر تعكس ازدهار اليهودية في عصر الرومان والبطالمة، وحسب المؤرخ اليهودي فيلو فقد عاش في مصر نحو مليون يهودي. وتبعا لقوانين التأثر الحضاري اتخذت المجتمعات اليهودية في مصر الثقافة واللغة اليونانية وقام دارسون بترجمة التوراة إلى اليونانية لتضاف إلى كتب مكتبة الإسكندرية.
من اليهودية لظهور المسيحية في مصر يقدم المعرض عددا من الوثائق والموجودات الأثرية لعرض حياة النصارى في مصر، فمع حلول عام 395 بعد الميلاد كانت المسيحية هي الديانة السائدة في الإمبراطورية الرومانية. عام 632 بعد الميلاد وبعد وفاة الرسول محمد توسعت الدولة الإسلامية خارج الجزيرة العربية وفتح عمرو بن العاص مصر في عام 639 وبنى مسجده هناك في عام 642 واتخذ الفسطاط عاصمة له. تمضي الحياة بعد الفتح مع فرض الجزية على اليهود والنصارى. ويشير المعرض إلى أن الأقباط عاشوا في سلام لمعظم الوقت مع الحكام المسلمين، مع وجود فترات من الثورة والتمرد بسبب الضرائب، واستمروا في استخدام اللغة القبطية لأربعمائة عام بعد الفتح وبعد ذلك، وفي القرن الحادي عشر أعلنت الكنيسة القبطية استخدام اللغة العربية. وتشير الوثائق إلى أن مصر ظلت مسيحية بأغلبية كبيرة حتى القرن العاشر عندما تفوق عدد المسلمين الذي انتقلوا للعيش خارج المدن، وأنشأوا أماكن للعبادة كما فعل المسيحيون من قبلهم كما استخدموا التقويم الهجري في معاملاتهم.
المعرض يسرد الوقائع التاريخية والاجتماعية منذ وفاة كليوباترا ومارك أنطونيو، ثم يستمر عبر 1200 عام حتى يصل إلى الدولة الفاطمية، ويختتم روايته في عام 1171 مع نهايتها. وتعلق ميرات على السبب في اختيار تلك النقطة تحديا بقولها: «تلك الفترة ارتبطت باكتشاف مخطوطات (الجنيزة) الأثرية في معبد بن عزرا في القاهرة، ويبلغ عددها 200 ألف وثيقة، يعود أقدمها إلى القرن الـ11 ميلادي»، مشيرة إلى أن الحالة الجيدة للوثائق ترجع للمناخ الجاف الذي تتميز به مدينة القاهرة.
وثائق «الجنيزة» تسجل تاريخ المجتمع اليهودي في مصر ما بين القرنين الـ11 والـ13، وهي مكتوبة باللغات العبرية والآرامية والعربية، ولكون الطائفة اليهودية القاهرية طائفة يهودية مركزية في القرون الوسطى، فقد تم العثور في هذه «الجنيزة» على وثائق وكتب من جميع أنحاء العالم اليهودي، بما في ذلك بعض الوثائق المكتوبة بلغات يهودية أوروبية، مثل اللغة الييديشية، وتبرز من خلالها الصلات بين يهود مصر وبني دياناتهم في أماكن مختلفة من العالم من الهند إلى إسبانيا. ويعتبر الخبراء أن تلك الوثائق مهمة في أكثر من جانب، فهي تقدم دلائل وأمثلة للحياة اليومية لليهود في القاهرة خلال العصور الوسطى، لكنها أيضًا تعرض لحياة المجتمعات المسلمة والمسيحية في منطقة حوض البحر المتوسط في تلك الحقبة.
«مصر هي المكان الوحيد الذي توجد به وثائق نادرة وأوراق البردي التي تروي صفحاتها صورا من الحياة اليومية والتعايش والتماثل بين أتباع الديانات الثلاث»، تستكمل ميرات ملاحظاتها.. «على سبيل المثال نعرض لورقة بردي تتحدث عن الآلات التي اشترك المسلمون واليهود في استخدامها، في حد ذاتها نرى أنها ترسم بطريقتها لوحة للحياة والديانة والتعايش في مصر».
لكن الصراعات والنزاعات تمثل أيضًا جانبا من الصورة البانورامية التي يقدمها المعرض، فهو يروي معاناة اليهود واضطهادهم على أيدي المسيحيين، ثم معاناة المسيحيين من الوثنيين وغيرهم. وتعلق ميرات: «التوازن بين تصوير النزاعات وتصوير التعايش هو هدفنا هنا، فقبل كل شيء كان الناس يتشاركون في أنواع الطعام ويرتدون الملابس نفسها ويعيشون معا في المدن نفسها».
يشير المعرض إلى أمر هام، وهو الاشتراك في الرموز والصور ما بين الأديان الثلاثة، وهو ما يفسر تكرار بعضها في الوثائق التاريخية. فعلى سبيل المثال استخدم الصقر حورس، وهو إله فرعوني، فيعرض المعرض منحوتة له وهو يرتدي عتادا رومانيا.
إلى جانب ذلك نرى في المعرض عبر الوثائق والصور آثار التحول المادي والمعنوي للآثار المصرية القديمة عبر تدميرها أو تحويرها لتصبح معبرة عن حضارات أخرى. كما يعرض أيضًا لتغيرات المشهد العمراني مع التغيرات العقائدية والمجتمعية، فعلى سبيل المثال نرى كيف اختلفت النظرة لأهرامات الجيزة بين الرؤية الفرعونية لها كمقابر لملوك الفراعنة ونظرة اليهود لها كخزائن الأرض التي تولاها النبي يوسف (عليه السلام)، كما نعرف أن بعض المعابد الفرعونية تحولت بدورها لكنائس، مثل القصر الذي بدأت كليوباترا السابعة في بنائه وأنهاه الإمبراطور أغسطس وتحول إلى الكنيسة الكبيرة في الإسكندرية. وبعد الفتح الإسلامي لمصر في الفترة 639 – 642م، تغيرت الأماكن المقدسة لتتواءم مع العصر الجديد، فنرى أن مسجد العطارين بالإسكندرية تم بناؤه باستخدام مئات الأعمدة الرومانية التي كانت جزءا من المعابد والقصور الرومانية. كما يروي المعرض الانبهار الذي أبداه الفاتحون العرب بأهرامات الجيزة، وكانت في نظرهم هي خزائن النبي يوسف (عليه السلام) وأيضًا مقابر ملوك الفراعنة، وهنا نرى التداخل بين التفسيرات اليهودية والفرعونية والإسلامية.
يستعير المعرض 200 قطعة أثرية من 18 جهة، ليس من بينها أي جهة عربية للأسف، لكنه يلجأ لمكتبة البودليان في جامعة أكسفورد، وإلى خزائن المكتبة البريطانية، ومتحف اللوفر، وبعض المؤسسات الألمانية، ومؤسسات في مدينة فلورنسا بإيطاليا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».