تكساس الأميركية تواجه بقايا الإعصار «باتريشيا»

السلطات ترفع درجة التحذيرات من فيضانات محتملة

سيدة مكسيكية بين ما تبقى من مسكنها بعد تعرضه لإعصار «باتريشيا» أمس (رويترز)
سيدة مكسيكية بين ما تبقى من مسكنها بعد تعرضه لإعصار «باتريشيا» أمس (رويترز)
TT

تكساس الأميركية تواجه بقايا الإعصار «باتريشيا»

سيدة مكسيكية بين ما تبقى من مسكنها بعد تعرضه لإعصار «باتريشيا» أمس (رويترز)
سيدة مكسيكية بين ما تبقى من مسكنها بعد تعرضه لإعصار «باتريشيا» أمس (رويترز)

هطلت أمطار غزيرة على جنوب شرقي ولاية تكساس الأميركية في وقت مبكر، أمس، مع التقاء كتلتين هوائيتين عاصفتين فوق المنطقة، إحداهما من بقايا الإعصار «باتريشيا»، مما أدى إلى سيول وانحراف قطار شحن عن مساره. وتنبّأت الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية بهطول ما بين 15 و30 سنتيمترًا من الأمطار في المناطق الساحلية، بما فيها جنوب غربي لويزيانا بحلول صباح اليوم على أن تترافق مع أمواج مد قد يصل ارتفاعها إلى 1.5 متر ورياح بسرعة 56 كيلومترًا في الساعة.
وفي الوقت الذي اتجهت فيه العواصف ببطء إلى الشرق، أمس، استعدت مدينة هيوستون ثاني أكبر مدينة في منطقة خليج المكسيك ويسكنها 6.1 مليون شخص لمواجهة فيضانات محتملة. وطالبت رئيسة بلدية هيوستون، أنيز باركر، من السكان بالبقاء بعيدا عن الطرق الزلقة جراء الأمطار بعد حلول الليل محذرة من احتمال حدوث سيول.
وحذرت السلطات من حدوث سيول في وقت متأخر من أول من أمس وحتى إلى اليوم.
وقالت الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية، إن «المنطقة ستشهد هطول أمطار يزيد منسوبها على 30 سنتيمترًا»، وحث المسؤولون، السكان على التيقظ وذكروا السكان بسيول سابقة أسفرت عن مقتل عدة أشخاص. وقال المسؤول بمقاطعة هاريس التي تضم مدينة هيوستون، إد إيميت لوكالة «رويترز»: «بعض الأشخاص فقدوا حياتهم جراء ارتفاع منسوب المياه». وأضاف: «ستهطل الكثير من الأمطار الليلة وسينتج عنها ارتفاع منسوب المياه في بعض المناطق ولهذا كونوا متنبهين». وأسفرت سلسلة من العواصف في مايو (أيار) الماضي عن حدوث سيول وأسفرت عن مقتل 21 شخصًا. وفي منطقة جالفستون، حثت السلطات على الإجلاء الطوعي لكبار السن والسكان الذين يعانون من مشكلات صحية في شبه جزيرة بوليفار قرب خليج جالفستون.
وأشارت السلطات إلى أن الظروف الجوية قد تعيق الانتقال من وإلى جالفستون، كما يتوقع انقطاع التيار الكهربائي نتيجة الرياح القوية. وذكر خبير الأرصاد الجوية بريت راثبون من موقع «أكيو ويذر» أن «مقاطعة نافارو التي تقع على بعد نحو 80 كيلومترًا جنوب دالاس كانت واحدة من أكثر المناطق تأثرًا بالعواصف إذ هطل على مدينة باول الصغيرة 50 سنتيمترًا من مياه الأمطار خلال 30 ساعة». وأخرجت السيول قطار شحن تابعًا لشركة «يونيون باسيفيك» عن مساره مما أدى إلى انقلاب عدد من العربات والمقطورات. ولم ترد أنباء عن سقوط جرحى.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.