قوات النظام تخوض معركة عنيفة لفتح طريق رئيسي بحلب

«هيومان رايتس ووتش» تدعو موسكو للتحقيق في مقتل مدنيين.. وفصائل تتوحد بحماه

قوات النظام تخوض معركة عنيفة لفتح طريق رئيسي بحلب
TT

قوات النظام تخوض معركة عنيفة لفتح طريق رئيسي بحلب

قوات النظام تخوض معركة عنيفة لفتح طريق رئيسي بحلب

استمرت الاشتباكات بين قوات النظام وتنظيم داعش عند طريق حيوي للجيش السوري في ريف حلب (شمال) الجنوب الشرقي، وارتفعت حصيلة «قتلى الطرفين نتيجة هذه المواجهات إلى 43 على الأقل خلال الساعات الـ48 الماضية»، ودعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» موسكو إلى التحقيق بشأن مقتل مدنيين في غارتين جويتين في سوريا.
في غضون ذلك، أعلنت ثلاثة فصائل تابعة للجيش السوري الحر، عاملة بريف حماه، اندماجها بشكل كامل تحت اسم «جيش النصر»، بينما وقعت تشكيلات من الجبهة الجنوبية ميثاق شرف للحفاظ على أمن المناطق المحررة.
وبحسب المرصد، استمرت المعارك العنيفة على طريق خناصر - أثريا، الذي يربط حلب بمحافظتي حمص (وسط) وحماه (وسط)، بعد يومين من تمكن تنظيم داعش من قطعه. ويعد هذا الطريق حيويا لقوات النظام إذ تستخدمه لنقل إمداداتها من وسط البلاد باتجاه مناطق سيطرتها في مدينة حلب.
وأشار المرصد إلى أن عمليات إعادة السيطرة على الطريق من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها ترافقت مع قصف عنيف للطائرات الحربية الروسية وقوات النظام على تمركزات التنظيم الذي لا يزال يسيطر على عدة كيلومترات من الطريق.
كما نفذت الكتائب المعارضة هجومًا عنيفًا على مناطق سيطرة النظام بأطراف حي الشيخ سعيد جنوب حلب وقرية عزيزة بريف حلب الجنوبي، بعد قصف تلك المناطق بعشرات القذائف المحلية الصنع، وسط تقدم للفصائل وتضارب المعلومات حول الجهة التي تسيطر على معمل الإسمنت الواقع على طريق الراموسة، وفق المرصد. مع العلم أن السيطرة على المعمل من قبل الفصائل سيؤدي إلى قطع الطريق بين المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في مدينة حلب ومطار النيرب ومعامل الدفاع بمنطقة السفيرة.
ويوم أمس، أعلنت ثلاثة فصائل تابعة للجيش السوري الحر، عاملة بريف حماه، اندماجها بشكل كامل تحت اسم «جيش النصر». وأكدت الفصائل، وهي تجمع صقور الغاب وجبهة الإنقاذ والفوج 111، في بيان لها أن «خطوة الاندماج تأتي للتصدي لهجوم قوات النظام السوري والميليشيات الطائفية التابعة له على ريف حماه». وجاء هذا الإعلان بينما يشهد ريف حماه حملة برية من قبل جيش النظام المدعوم بغطاء جوي روسي على المواقع التابعة للجيش الحر بالمنطقة. وسبق أن شهدت جبهات القتال في سوريا عدة اندماجات، حيث شكلت فصائل في ريف حمص في (مايو (أيار)) الماضي ما سمته «جيش التوحيد»، كما دفعت تجربة إنشاء جيش الفتح في إدلب (شمال) والسيطرة على ثلث محافظة إدلب في غضون ثلاثة أشهر فقط، فصائل المعارضة في عدد من المحافظات إلى الاقتداء بها وتشكيل جيش فتح فيها.
من جهة أخرى، وقعت تشكيلات من الجبهة الجنوبية ميثاق شرف للحفاظ على أمن المناطق المحررة، وذلك انطلاقا مما قالت إنه «مبدأ الحفاظ على المصلحة العامة والحرص على الحالة الأخلاقية العامة ضمن ما يعرف بمنطقة الجيدور، والحفاظ على الغاية الأساسية لتشكيل الجيش السوري الحر والفصائل العسكرية».
ويوم أمس، دعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية روسيا إلى التحقيق بشأن مقتل 59 مدنيا في غارتين جويتين في سوريا، قالت إن سكانا محليين يعتقدون أن قوات روسية شنتهما.
وأصابت الغارة الأولى والأكثر عنفا منزلا في قرية الغنطو اتخذته عائلة عساف مأوى لها، ما أسفر عن مقتل 46 من أفراد الأسرة، جميعهم من المدنيين، بينهم 32 طفلا و12 امرأة، وفقا لمسعفين ونشطاء محليين. وذكرت المنظمة أن القتلى أقرباء قائد محلي ينتمي إلى «الجيش السوري الحر» المعارض.
أما الغارة الثانية فكانت على بلدة تير معلة المجاورة، حيث أصابت جوار مخبز، وفقا لشهود عيان محليين، وقتلت 13 مدنيا على الأقل وقائد محلي في الجيش الحر.
ووقعت الغارتان يوم 15 أكتوبر (تشرين الأول)، حسب المنظمة. وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط: «لا يملك المدنيون في شمال حمص مكانا للاختباء أو الهرب عندما تزيد حدة الهجمات.
على روسيا ضمان أخذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين وتمكينهم من مغادرة المنطقة عند رغبتهم، دون التعرض للغارات الجوية الروسية أو السورية».
وكانت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، دعت في 10 من الشهر الحالي إلى إجراء تحقيق في الغارات الجوية، الروسية على تلبيسة شمال حمص، ما تسبب بمقتل ما لا يقل عن 17 مدنيًّا، في انتهاك واضح لقوانين الحرب.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم