تدابير التهدئة في الأقصى: كاميرات مراقبة.. والصلاة للمسلمين والزيارة لغيرهم

عباس سلم كيري 5 مجلدات توثق الانتهاكات الإسرائيلية

العاهل الأردني مجتمعًا بكيري في عمان أمس (أ.ف.ب)، .. والرئيس الفلسطيني يستمع إليه خلال استقباله في مقر إقامته بعمان أمس وبدا في الوسط صائب عريقات (إ.ب.أ)
العاهل الأردني مجتمعًا بكيري في عمان أمس (أ.ف.ب)، .. والرئيس الفلسطيني يستمع إليه خلال استقباله في مقر إقامته بعمان أمس وبدا في الوسط صائب عريقات (إ.ب.أ)
TT

تدابير التهدئة في الأقصى: كاميرات مراقبة.. والصلاة للمسلمين والزيارة لغيرهم

العاهل الأردني مجتمعًا بكيري في عمان أمس (أ.ف.ب)، .. والرئيس الفلسطيني يستمع إليه خلال استقباله في مقر إقامته بعمان أمس وبدا في الوسط صائب عريقات (إ.ب.أ)
العاهل الأردني مجتمعًا بكيري في عمان أمس (أ.ف.ب)، .. والرئيس الفلسطيني يستمع إليه خلال استقباله في مقر إقامته بعمان أمس وبدا في الوسط صائب عريقات (إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس في عمان أن إسرائيل وافقت على اتخاذ تدابير من أجل تهدئة الأوضاع في محيط المسجد الأقصى، التي شكلت شرارة انفجار «انتفاضة المُدى» منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وقال كيري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة إن هذه الإجراءات سيعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاحقا. وأضاف أن من بين هذه التدابير «موافقة نتنياهو على اقتراح للملك عبد الله لضمان المراقبة بكاميرات الفيديو وعلى مدار 24 ساعة لجميع مرافق الحرم القدسي»، كما وافقت إسرائيل على «الاحترام الكامل لدور الأردن الخاص»، باعتباره المؤتمن على الأماكن المقدسة، بحسب الوضع الراهن لعام 1967، وأن إسرائيل وعدت بالحفاظ على الوضع القائم في الأقصى حيث يسمح فقط للمسلمين بالصلاة فيه.
وقال الوزير الأميركي إن «إسرائيل ستواصل العمل بسياساتها القائمة منذ وقت طويل بشأن العبادة في الحرم الشريف، بما في ذلك الحقيقة الأساسية وهي أن المسلمين هم الذين يصلون فيه بينما يقوم غير المسلمين بالزيارة».
وأكد كيري أن «إسرائيل لا تنوي تقسيم الحرم القدسي» و«ترحب بزيادة التعاون بين السلطات الإسرائيلية والأردنية» التي ستلتقي «قريبا» لتعزيز الإجراءات الأمنية في الأقصى.
وكانت مصادر فلسطينية مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) لم يعط أي وعود لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، ولم يستجب لطلباته التي تركزت على ضرورة إيقاف العنف والتحريض ضد إسرائيل، بل طالبه بأن تتوقف إسرائيل عن عدوانها على المسجد الأقصى وعلى المواطنين، قائلا إنه سينتظر كيف ستتصرف إسرائيل على الأرض أولا.
وبحسب المصادر فإن اللقاء كان متوترا، وتحدث فيه عباس عن خطة إسرائيلية لتقسيم الأقصى وعن الاستيطان والإعدامات، وسلم كيري مجموعة من الأقراص التي تحوي فيديوهات ووثائق حول الانتهاكات الإسرائيلية.
كما رفض عباس التجاوب مع طرح أن على السلطة توقيف منفذي العمليات، قائلا لكيري إنهم شبان يتحركون بدافع الغضب وفقدان الأمل من السلام. وركز عباس بدلا من ذلك كله على إيجاد مسار سلام حقيقي من شأنه أن ينهي كل هذه الإشكالات عبر إقامة الدولة الفلسطينية.
وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن كيري نقل لعباس تعهدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه سيسمح للمسلمين فقط بالصلاة فيه، بينما يزوره اليهود. لكن عباس طلب إعادة سيطرة الأوقاف الإسلامية على المسجد.
وقال كيري بعد اجتماعات في عمان إسرائيل ستواصل العمل بسياساتها القائمة منذ وقت طويل بشأن العبادة.. في جبل الهيكل/ الحرم الشريف بما في ذلك الحقيقة الأساسية وهي أن المسلمين هم الذين يصلون في جبل الهيكل/ الحرم الشريف، بينما يقوم غير المسلمين بالزيارة.
وصرح كيري بأن لقاء قريبا سيعقد بين مسؤولين إسرائيليين وممثلين عن الأوقاف الإسلامية لبحث سبل خفض حدة التوتر في الحرم القدسي الشريف.
وأشار كيري إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق على نصب كاميرات مراقبة في الحرم على مدار الساعة. ودعا الوزير كيري بعد لقائه العاهل الأردني عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عمان الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى العمل على وقف أعمال العنف.
وكان بيان مقتضب للديوان الملكي الأردني ذكر إن الملك عبد الله الثاني وكيري بحثا عددا من القضايا في المنطقة، خصوصا الأوضاع في القدس، وجهود إحياء عملية السلام، ومستجدات الأزمة السورية وسبل التعامل معها، فضلا عن الأوضاع في العراق، وجهود محاربة التطرف والإرهاب.
من جانبه قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في تصريحات للصحافيين من أمام مقر إقامة عباس في عمان، إن الرئيس عباس استمع إلى بعض الخطوات، التي يسعى الوزير كيري القيام بها مع الجانب الإسرائيلي.
ونقل أبو ردينة عن الرئيس عباس تأكيده أن القدس والمقدسات والحفاظ على الوضع القائم التاريخي، ووقف اعتداءات المستوطنين، يجب أن تكون الخطوات الأولى، التي يجب أن يقوم بها الجانب الإسرائيلي، قبل أي عمل. وشدد عباس على أن المطلوب من الحكومة الإسرائيلية الالتزام بالاتفاقات الموقعة، وتابع قائلا: «سنرى إذا ما كان الجانب الإسرائيلي سيقوم بأي إجراءات جدية، حتى يمكن التعامل معه».
من جانبه قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، إن «الرئيس عباس عرض 5 مجلدات لكيري توثق الانتهاكات الإسرائيلية والاعتداءات المستمرة والإعدامات الميدانية التي تقوم بها ضد الفلسطينيين».
وقال عريقات للصحافيين إن الرئيس عباس طلب من الوزير كيري الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، إذ إنه شعب أعزل تحت الاحتلال، مؤكدًا أن الحكومة الإسرائيلية تدافع عن الاستيطان وتوسعه بينما يقاوم الفلسطينيون ذلك بـ«أجسادهم العارية». وأضاف أن «نتنياهو يتلاعب بالألفاظ وبأنصاف الحقائق ويدعي بأن الوضع هو ما كان عليه، لكن باعتقادي أن العالم أجمع سيعرف اليوم الموقف الصلب للملك عبد الله الثاني باعتباره الوصي على المسجد الأقصى والأماكن المقدسة في القدس ولن يسمح لنتنياهو بهذا التلاعب».
وتابع عريقات «نأمل من الوزير كيري أن يلزم نتنياهو بإبقاء الوضع الحقيقي على ما هو عليه بعدم تدنيس المسجد الأقصى ببساطير الجيش الإسرائيلي أو الصلاة فيه من قبل المستوطنين والمتطرفين وغير ذلك».
ولفت عريقات إلى ما تقوم به سلطات الاحتلال من ممارسات تعمل على تغيير الوضع القائم، موضحا أنه قبل العام 2000 كان السائح يدخل تحت حراسة موظفي وزارة الأوقاف الأردنية، ولا يُمسح بالصلاة لغير المسلمين، أما الآن فقد غيّروا النظام، وهناك مكاتب إسرائيلية تُصدر التذاكر للسياح تحت حماية الشرطة الإسرائيلية.
وأكد عريقات على ضرورة أن تعود الأمور إلى سابق عهدها، بحيث تكون وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي المسؤولة عن المسجد الأقصى والمقدسات.
ونقل عريقات عن الوزير كيري قوله للرئيس عباس أنه سَمعِ منه نفس الكلام الذي قاله العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حول الوضع في المسجد الأقصى، وبين كيري، حيث قال «سمعت نفس الكلام من الملك عبد الله الثاني حول رفض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى».
وحسب عريقات، فقد شدد كيري على أن الولايات المتحدة تسعى إلى أن يبقى الوضع كما هو عليه في المسجد الأقصى دون أي تغييرات.
وقال المسؤول الفلسطيني إن الرئيس عباس دعا كيري إلى عقد مؤتمر دولي يفضي إلى قيام دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967، مؤكدًا أنه «حتى نستطيع الحديث عن أمل في السلام والأمان في المنطقة يجب أن نجفف مستنقع الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967».
وتابع «إذا أردتم إحياء الأمل المعقود بالسلام للناس، فيجب أن نحدد سقفًا زمنيًا لعقد مؤتمر دولي يضمن تطبيق النصوص على أساس الشرعية الدولية (بما فيها المادة 194) وضمن سقف زمني محدد».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.