آخر «أغوات» المدينة المنورة يطلون على لندن

ضمن معرض للمصور السعودي عادل القريشي ضمن فعاليات مهرجان «نور» للثقافة العربية

لقطات من معرض «الأغوات» للمصور عادل القريشي في «ليتون هاوس» بلندن ({تصوير جيمس حنا)
لقطات من معرض «الأغوات» للمصور عادل القريشي في «ليتون هاوس» بلندن ({تصوير جيمس حنا)
TT

آخر «أغوات» المدينة المنورة يطلون على لندن

لقطات من معرض «الأغوات» للمصور عادل القريشي في «ليتون هاوس» بلندن ({تصوير جيمس حنا)
لقطات من معرض «الأغوات» للمصور عادل القريشي في «ليتون هاوس» بلندن ({تصوير جيمس حنا)

عندما عرض المصور السعودي عادل القريشي سلسلة صور «الأغوات» في المدينة المنورة ضمن معرض «حروف وإضاءات» الذي أقيم فبراير (شباط) 2014 شارك عبر عدسة الكاميرا في توثيق حياة آخر أغوات المسجد النبوي، وهم القائمون على خدمة الحجرة النبوية الشريفة، الذين يحظون بمكانة خاصة لدى زوار المسجد النبوي ويعرفون بزيهم ولهم مكان خاص يجلسون فيه خارج الحجرة النبوية يعرف بـ«دكة الأغوات». هي شخصيات تحمل معها سحرا خاصا وغموضا يكتنف داخله حكايات وذكريات من زمن مضى. لا يتحدثون كثيرا حول الحجرة النبوية الشريفة، يخدمونها بحب وصمت ويقومون على مسحها بماء الورد وتقديم ماء زمزم للشخصيات الرفيعة التي تزور الحجرة.
الأغوات حالة خاصة في تاريخ الحرم في طريقها للاختفاء مع كبر أعمارهم ووفاة الكثيرين منهم ومن هنا تحمل صور القريشي أهمية تاريخية تضاف إلى الجمال البصري والإبداع الفني. الأغوات شخصيات لها هيبة خاصة تشع من الملامح ومن ملابسهم المميزة، لا يعرف الكثيرون بوجودهم فهم يحتفظون بخصوصيتهم ومن هنا جاءت فكرة أمير المدينة المنورة بتوثيق وجودهم قبل فوات الأوان. المثير في الأمر أن الأغوات الذين ظهروا في صور القريشي لم يهتموا بالتصوير ولا بترك آثار لهم للأجيال المقبلة من عائلاتهم وتعاملوا مع التصوير على أنه من واجبات عملهم.
عادل القريشي تقبل تكليف الأمير فيصل بن سلمان أمير المدينة المنورة له بغزل ألبوم مصور للأغوات بحب وشغف ظهر جليا في كل صورة من تلك الصور الضخمة التي شغلت أذهان وأبصار زوار المعرض حينذاك ورأى بعد ذلك آثار نجاح السلسلة في اقتناء المتحف البريطاني بعضا منها وعرضها أخيرا في متحف «ليتون هاوس» بلندن ضمن فعاليات مهرجان «نور» للثقافة والفنون بالتعاون مع «بارك غاليري» في لندن.
يعرض القريشي في معرضه الحالي صور الأغوات بالحجم الكبير بحيث تتحول كل صورة وكل شخصية إلى حضور طاغ في المعرض تسمح للزوار بإقامة علاقة مباشرة مع كل شخص منهم، ربما يستطيع زائر منهم فك أسرار تلك النظرات الثاقبة لأحد الأغوات أو الوقفة الشامخة والنظرة الثابتة لشيخهم، أو حتى ملامح الحزن التي تغلف ملامح آخر. ينبغي القول: إن صور الأغوات لها سحر خاص يماثل سحر وغموض الشخصيات التي تقطن داخل كل برواز، وتكمن براعة المصور في التقاط تلك اللمحات الخاطفة من حياة آخر جيل منهم.
حول الأغوات ورحلة تصويرهم تحدث عادل القريشي مع «الشرق الأوسط» مشيرا إلى أن معرضه الحالي يقدم صورا للأغوات الثمانية الباقين على قيد الحياة (وقت التقاط الصور). أتساءل عن انطباعات جمهور غربي أو حتى عربي قد لا يعرف من هم «الأغوات». يقول: إن الكثير من الزوار ليلة الافتتاح كانت لديهم تساؤلات كثيرة حول الأغوات، أعمارهم وعملهم وحياتهم.
عندما بدأ القريشي في مهمته بتصوير آخر الأغوات وجد أن هناك عشرة منهم على قيد الحياة فقط، اضطر إلى الاكتفاء بتصوير ثمانية بسبب غياب بعضهم لمعاناتهم من أمراض الشيخوخة. بعد المعرض علم القريشي بوفاة شيخهم، يضيف «الآن هناك ثلاثة فقط يستطيعون الحضور للحرم يوميا».
لأجيال كثيرة من السعوديين يمثل الأغوات حالة غامضة، فهم أشخاص لهم مكانة وهيبة خاصة، ولهذا أبادر بسؤال قد يخطر على بال الكثيرين: «هل تحدثت معهم أثناء التصوير، هل فتحوا لك أبواب المخزون من ذكرياتهم وحكاياتهم؟». يفاجئني بإجابته: «عندما كنت أصورهم لم يهتموا بالحديث معي، فقط واحد أو اثنان منهم تبادل الحديث معي. ولكن علاقتي معهم تطورت بعد ذلك، أثناء التصوير لم يهتموا حتى بالحديث فقد كانوا يحضرون مرتدين كامل زيهم، يجلسون حيث أشير لهم ويتبعون إرشاداتي، وينصرفون بعد ذلك». يقول: إنه يزورهم الآن كلما تواجد في المدينة: «أزورهم وأصلي معهم كلما استطعت. في آخر مرة زيارة لي كان هناك فقط ثلاثة منهم في الحرم. دارت محادثات معهم، عرفت من حكاياتهم أن أحدهم تجاوز المائة عام، وأن بعضهم كانوا يدرسون الشريعة في الحرم». يشير أيضا إلى بساطة حياتهم وتقشفهم: «يصومون كثيرا ويكون فطورهم على كسرة خبز والشاي بالحليب».
أتساءل عن حياتهم الشخصية: «هل تربط بينهم صلات قرابة؟» يقول: «لا أعرف ولكن كلهم لديهم أقارب يعيشون معهم. أحدهم كان غائبا في جلسة التصوير بسبب سفره وعند عودته قمت بتصويره، سألته أين ذهب قال: (كنت في تكساس)، عرفت أن لديه عائلة وأقارب هناك».
معلومة مدهشة! أبادره قائلة: «لا يتخيل المرء أن لهم حياة خارج الحرم»، ولكنه يستطرد قائلا: «كلهم لهم أقارب في الحبشة ويسافرون لزياراتهم في إجازاتهم. ولكن هذا الشخص تحديدا يبدو أنه مطلع على العالم من خلال سفره ويتحدث الإنجليزية. وحتى عندما توفي شيخهم أصبح هو الشيخ ولم يكن ذلك مفاجأة لأن شخصيته تؤهله لذلك. ودائما أراه عندما أذهب لزيارة الحرم يحيط به الناس، فهو شخص اجتماعي ونشط».
«هل يعرفون أن صورهم تعرض في كل مكان؟ وأنها تعرض لجمهور أجنبي الآن؟» يقول: «أغلبهم لا يهتم بهذا، عندما أقيم معرض المدينة تركت لهم خبرا حوله إذا كانوا يرغبون في الحضور ولكنهم لم يحضروا ولم يهتموا».
أسأله عن مشروعاته المقبلة؟ يقول: «التحدي هو أن أقدم شيئا في مستوى (الأغوات) أو أفضل. أعمل حاليا على مشروع جديد خاص بالحرم النبوي لأكمل ما بدأته بـ(الأغوات) وفي المعرض هنا صورة جديدة للحجرة النبوية تعرض لأول مرة من المشروع المقبل».
> معرض «الأغوات» للمصور عادل القريشي في «ليتون هاوس» بلندن حتى 29 نوفمبر (تشرين الثاني)



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».