مجزرة جديدة للحوثيين في تعز.. والتحالف يُفشل مخططًا للتقدم في شبوة

منظمة حقوق الإنسان: المتمردون صادروا إمدادات الطعام والأدوية ويقصفون السكان بشكل عشوائي

يمنيون يتلقون العلاج في مستشفى بعد اصابتهم بجروح بسبب صواريخ قصفتها ميليشيا الحوثي على مدينة تعز أمس (أ.ف.ب)
يمنيون يتلقون العلاج في مستشفى بعد اصابتهم بجروح بسبب صواريخ قصفتها ميليشيا الحوثي على مدينة تعز أمس (أ.ف.ب)
TT

مجزرة جديدة للحوثيين في تعز.. والتحالف يُفشل مخططًا للتقدم في شبوة

يمنيون يتلقون العلاج في مستشفى بعد اصابتهم بجروح بسبب صواريخ قصفتها ميليشيا الحوثي على مدينة تعز أمس (أ.ف.ب)
يمنيون يتلقون العلاج في مستشفى بعد اصابتهم بجروح بسبب صواريخ قصفتها ميليشيا الحوثي على مدينة تعز أمس (أ.ف.ب)

ارتكبت ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، أمس، مجزرة جديدة في حق سكان مدينة تعز، فقد سقط العشرات من المدنيين قتلى وجرحى تجاوز عددهم 22 قتيلاً وما زالت البقية تحت البحث، وذلك في قصف مكثف وهستيري، أمس، على مدينة تعز وأحيائها السكنية. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن عددًا من مستشفيات المدينة استقبلت عشرات القتلى والجرحى، جراء القصف العشوائي الذي طال الأحياء السكنية بصورة مفاجئة، وأضاف الشهود أن القصف تزامن مع عمليات قنص، استهدفت عددًا من الأشخاص الذين كانوا يقومون بعمليات الإنقاذ للمصابين من النساء والأطفال، وبين القتلى أحد أعضاء المجلس المحلي (البلدي).
وجاءت المجزرة الجديدة لميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، بعد ساعات على تسلم قوات الجيش الوطني، ممثلة في المجلس العسكري في تعز، من المقاومة الشعبية في تعز، لعدد من المواقع التي كانت تحت سيطرة المقاومة، الفترة الماضية، وأصبحت تحت سيطرة قوات الجيش الوطني، وجاءت هذه المجزرة بعد أسابيع من الحصار الشديد الذي تنفذه الميليشيات الحوثية على مدينة تعز ومنعها دخول المياه الصالحة للشرب إلى المدينة التي تعاني من مشكلة مزمنة مع المياه، ومنع دخول الأغذية والأدوية وتقييد حركة وحرية المواطنين والسكان في التنقل، كما تزامنت هذه المجزرة مع التقدم الكبير لقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في المواجهات الدائرة في مديرية وميناء المخا، التابعة لتعز، إضافة إلى تزامن المجزرة مع التحضيرات التي يجريها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لعقد جولة مشاورات جديدة في جنيف بين الأطراف اليمنية، لبحث تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص اليمن، الذي أعلنت الميليشيات الموافقة عليها، وهو القرار الذي ينص على وقف الحرب وانسحاب الميليشيات من المدن والمحافظات.
وفي ردود الفعل على المجزرة التي ارتكبها الحوثيون وقوات المخلوع صالح في تعز، طالب أعضاء مؤتمر الرياض لإنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية، رئيس الجمهورية والحكومة الشرعية، بوقف أي تفاوض أو محادثات مع هذه العصابات الإجرامية التي تفتك باليمنيين. وقال بيان صادر عن أعضاء المؤتمر، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «ما تقوم به الميليشيات الانقلابية هو تحدٍ للشعب اليمني وإرادته الرافضة لتسلط العصابات، كما أنه تحدٍ للمجتمع الدولي والمنظمة الدولية التي تسعى إلى وقف الحرب وعقد مفاوضات تفضي إلى وقف نزيف الدم واستعادة الدولة، وهو ما يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الانقلابيين ماضون في مشروعهم، وأن ما يعلنون عنه لا يعدو عن كونه استهلاكًا الهدف منه استغلال الفرصة لإعادة ترتيب الأوراق لاستكمال المشروع الانقلابي».
وأضاف البيان أن «الجرائم المتواصلة ضد أبناء شعبنا اليمني في تعز وغيرها من المحافظات من قبل التحالف الانقلابي وميليشياته الدموية التي توزع الموت لليمنيين، لا يمكن أن تلجأ إلى لغة الحوار وهي تصر على ارتكاب مثل هذه الجرائم»، وطالب البيان «المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف مجازر ميليشيات الحوثي وصالح بحق المدنيين في تعز وإنقاذ الأطفال والنساء من القصف العشوائي، وتحمل مسؤوليته إزاء هذه الجرائم المروعة»، ودعا قوات الجيش الوطني وقوات التحالف إلى «فك الحصار عن تعز وتطهيرها من ميليشيات الموت، وأن أي تباطؤ في هذا الأمر يعني مزيدًا من الضحايا المدنيين والمجازر الدامية بحق أبناء تعز الصامدة والمقاومة».
وذكر مصدر طبي أن «مستشفى المتحدين استقبل 22 جثة لمدنيين»، بينما اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المتمردين وقوات صالح، أمس، بإطلاق قذائف الهاون والمدفعية مرارًا «بشكل عشوائي» على مناطق مأهولة في تعز. كما اتهمت المتمردين بمصادرة إمدادات الطعام والأدوية من المواطنين هناك بشكل غير مشروع. وقالت المنظمة إن «على القوات الموالية للحوثيين اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين، وإنهاء عمليات المصادرة غير الشرعية للأغذية الأساسية من المدنيين، ومحاسبة القادة المسؤولين عن الهجمات غير الشرعية».
على صعيد آخر، أفشلت طائرات التحالف، أمس، محاولات وخطط الحوثيين بالتقدم نحو مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، حيث قصفت طائرات التحالف عددًا من مواقع الميليشيات في مديريتي عسيلان وبيحان، وذلك إثر استعدادات الميليشيات للتقدم نحو مدينة عتق، بعد انسحابها منها في أغسطس (آب) الماضي، وقالت مصادر محلية في شبوة لـ«الشرق الأوسط»، إن قتلى وجرحى سقطوا في سلسلة غارات عنيفة استهدفت الحوثيين هناك.
وقال محافظ شبوة، العميد عبد الله النسي لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه خطوة ممتازة، وكنا نطالب بها الفترة الماضية ونتمنى أن تستمر». وأشار إلى الحشود الكبيرة التي يعدها الحوثيون في تلك المناطق، وجدد التأكيد على أن هناك قوات قوامها الآلاف من الحرس الجمهوري الموالي للمخلوع علي عبد الله صالح، تتجمع في عسيلان. وأشار إلى أن هناك تنسيقًا بين السلطة المحلية والمقاومة، من جهة، وقوات التحالف من جهة أخرى، وكانت الميليشيات الحوثية انسحبت في أغسطس الماضي، من مدينة عتق وعدد من مديريات شبوة، وأبقت على وجود لها في 3 مديريات، هي: عسيلان، وأمعين، وبيحان، وجميعها مديريات قريبة من محافظة مأرب.
وفي تطورات ميدانية أخرى، لقي قيادي حوثي ميداني، أمس، مصرعه وأحد مرافقيه، في عملية جديدة للمقاومة الشعبية في «إقليم آزال»، وقالت «مقاومة آزال»، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن المقاومة نفذت، أمس، هجومًا استهدف سيارة أحد قيادات ميليشيات الحوثي والمخلوع في مدينة عمران، شمال صنعاء، وأضاف البيان أن «رجال المقاومة هاجموا سيارة تابعة لمشرف الميليشيات في مديرية عيال سريح بمحافظة عمران يدعى «أبو جبريل». مشيرًا إلى أن الهجوم نفذ في خط الأربعين بمدينة عمران، وأن «الهجوم أسفر عنه مقتل اثنين وجرح آخرين، وتدمير السيارة». وفي وقت لاحق، أكدت مصادر محلية في عمران مقتل القيادي الحوثي المكنى بـ«أبو جبريل».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.