بوتين.. «الورقة القومية» في مواجهة المعارضة الروسية

استغل ارتباط بعضها بالغرب.. واستوعب مشاعر الرأي العام

بوتين.. «الورقة القومية» في مواجهة المعارضة الروسية
TT

بوتين.. «الورقة القومية» في مواجهة المعارضة الروسية

بوتين.. «الورقة القومية» في مواجهة المعارضة الروسية

سلط تدخل موسكو في سوريا، في أعقاب ضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شبه جزيرة القرم ورعايته الانتفاضة المؤيدة لروسيا في شرق أوكرانيا، الأضواء على تصاعد ثقة القيادة الروسية بنفسها وبقدراتها، واقتناعها بأن الغرب، بقيادة الرئيس الأميركي باراك أوباما، ليس في وارد التصدي لتنامي لطموحها. وفي سياق «الثأر» من الغرب على دور في إنهاك الاتحاد السوفياتي السابق وتقسيمه، راهن بوتين على «الورقة القومية» في وجه خصومه من اليمين الليبرالي المدعوم من الغرب والقوى الشيوعية المناوئة للغرب، وبالنتيجة نجح أولاً في تهميش اليمين، وثانيًا كسب الشيوعيين والاشتراكيين والقوميين في صفه تحت سقف مواجهة العدو الغربي القديم - الجديد. وهو الآن يخطط للذهاب أبعد في مشروعه «القومي» عبر دعوته لتشكيل تكتل جديد تحت عنوان «الجبهة الشعبية لعموم روسيا».

ما شهدته الساحة السوفياتية، وتحديدًا الروسية، من زخم وحركة عارمة في أعقاب إعلان ثورة «البيريسترويكا والغلاسنوست» في منتصف ثمانينات القرن الماضي صار في ذمة التاريخ. لكن ما كان يعتمل آنذاك في نفوس الملايين من مشاعر سخط وغضب واحتجاج مكتومة، لم يكن ليمضي دون تبعات سرعان ما فرضت نفسها على واقع ذلك الزمان وهو ما كشفت عنه القوى السياسية «الكامنة» القادمة من الجمهوريات والأقاليم في «مؤتمر نواب الشعب» الذي افتتح أولى دوراته في مايو (أيار) 1989.
ولعل ما شهدته جلسات ذلك المؤتمر من نقاشات حادة جرت في مثل تلك الأجواء من الصراحة والانفتاح لأول مرة في تاريخ الاتحاد السوفياتي وروسيا كان عمليًا نقطة الانطلاق نحو عالم أكثر رحابة وتحركات أشد فعالية سرعان ما أسفرت عن ظهور الحركات المعارضة التي تلفحت بتسميات على غرار «روخ» الأوكرانية و«سايوديس» الليتوانية ورفعت شعارات دعم «البيريسترويكا» في محاولة لإخفاء أهدافها الحقيقية التي كانت تستهدف الانفصال عن الدولة السوفياتية.

حقبة يلتسين
ولئن كانت تلك الحركات والتحركات كشفت لاحقا عن نياتها وراحت تتلمس السبل المناسبة والمقدمات التي سرعان ما أطاحت بالدولة وأركانها مع نهاية تسعينات القرن الماضي وحتى الإعلان رسميًا عن أفول شمسها في ديسمبر (كانون الأول) 1991، فإن ما شهدته روسيا الاتحادية إبان حكم الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين كان أشد وطأة وأكثر حمية بما حملته من فوضى عارمة أصابت مختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية وكذلك المجالات الاقتصادية والثقافية، وبلغت حد تهديد روسيا الاتحادية بمصير مشابه كانت واشنطن أعدته لها حسبما كشفت مصادر الإدارة الأميركية مؤخرًا في معرض كشفها عن مخطط كان يستهدف تقسيم روسيا إلى ما يزيد عن تسعين ولاية وإقليمًا في مطلع تسعينات القرن الماضي.
وهنا نذكر أن «الحركة الديمقراطية» التي تزعمها بوريس يلتسين - ودعمها الغرب - في مطلع تسعينات القرن الماضي لم تستطع الصمود طويلاً أمام عودة الشيوعيين إلى صدارة الساحة السياسية بعد إعادتهم تنظيم صفوفهم وإعلان قيام حزبهم الجديد بزعامة غينادي زيوغانوف مستفيدين من الأخطاء الفادحة التي ارتكبها يلتسين وفريقه. ولذا كان من الطبيعي أن يعود هؤلاء إلى صدارة الساحة ويفوزوا بغالبية مقاعد مجلس «الدوما» (البرلمان) في انتخابات 1995. بل، وكاد زعيمهم زيوغانوف يفوز برئاسة الدولة في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة في عام 1996 على يلتسين لو لم يقدم الأخير على كل صنوف التزوير، فضلا عن الترهيب والوعيد واللجوء إلى كل صنوف البلطجة الانتخابية والجنائية.
آنذاك كان مجلس «الدوما»، رغم كل الفوضى والانهيار الذي أصاب كل مناحي الحياة، في توقيت مواكب لاندلاع الحرب الشيشانية الأولى وتفشّي ظاهرة الحركات الاستقلالية أو الانفصالية، ساحة للمبارزات الكلامية ولمحاولات تصفية حسابات الماضي، وهو ما كان يقابل بكل الحسم والحزم من جانب الكرملين دفاعًا عن الرئيس الذي كان غير مرة قاب قوسين أو أدنى من الإطاحة به دستوريًا بعد دوران عجلة «الإمبيتشمينت» (أو سحب الثقة) منه في البرلمان. كانت القوى السياسية آنذاك قد تبعثرت بين يمين الوسط، الممثل في تنظيمات حزبية فوقية حملت تباعًا أسماء «روسيا بيتنا» بزعامة ييغور غايدار ثم «خيار روسيا» بزعامة فيكتور تشيرنوميردين رئيس الحكومة الروسية الأسبق، وحتى حزب «الوطن - الوحدة الروسية»، وبين الأحزاب اليمينية مثل حزب «يابلوكو» بزعامة غريغوري يافلينسكي وحزب «اتحاد القوى اليمينية» بزعامة بوريس نيمتسوف وعدد من نجوم «الحركة الديمقراطية» وغيرهما من الأحزاب الصغيرة التي طالما ارتمت في أحضان الحزب الحاكم بحثًا عن دفء الامتيازات مقابل ما تقدم من دعم معنوي وفكري و«تنازلات» حسمًا من رصيد الوطن والمواطن.
ولم يكن بعيدًا عن تلك الأحزاب وتوجهاتها حزب فلاديمير جيرينوفسكي الشعبوي المسمى بـ«الحزب الليبرالي الديمقراطي» الذي يمثل يسار الوسط، وكان فاز بالأغلبية في انتخابات أول دورة لمجلس «الدوما» عام 1994 في مواجهة المعارضة اليسارية، التي كان يمثلها بكل القوة الحزب الشيوعي الروسي بزعامة زيوغانوف زعيم الأغلبية في المجلس، ومعه الحزب الزراعي وتنظيمات أخرى لم يستطع مرشحوها الفوز بأية مقاعد نيابية.

تغييرات في الخارطة
على أن هذه الخارطة الحزبية الروسية سرعان ما طرأت عليها التغييرات التي نجمت عن تغير القيادة السياسية في نهاية عام 1999 ورحيل بوريس يلتسين وتولي فلاديمير بوتين لمقاليد السلطة في الكرملين في مايو 2000. وكان بوتين قد اضطر إلى موائمة أوضاعه وتوجهاته مع البرلمان، الذي تركه له سلفه يلتسين مع بقايا أركان حكمه في إدارة الكرملين والحكومة، حتى استطاع الإمساك بزمام الأمور مع نهاية فترة ولايته الأولى.
ويذكر المراقبون أن ما جرى تباعًا ولاحقًا من أحداث خلال سنوات الولاية الأولى للرئيس بوتين كان ينبئ بتغييرات جذرية عاصفة نجمت عما أحرزه من نجاح في حسم المواجهة مع الإرهاب وضربه الحركات الاستقلالية والانفصالية والانتهاء من الحرب الشيشانية الثانية، فضلا عن حسمه لمصلحته معركته مع المحافظين ممن كانوا صدّقوا الرئيس الأسبق «وأخذوا من الاستقلال ما استطاعوا أن يبتلعوه» - حسبما دعاهم على سبيل الغزل في مدينة قازان (عاصمة جمهورية تتارستان الروسية ذات الحكم الذاتي) في محاولة لاستمالتهم إلى جواره بعيدا عن خصمه التاريخي ميخائيل غورباتشوف. ولم تكن أحزاب ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي قد غادرت الساحة بعد رغم كل ما لقيته غالبيتها من الضربات والإخفاقات.
في الحقيقة، الأحزاب المعارضة كانت تفقد مع كل ولاية جديدة لفلاديمير بوتين الكثير من مواقعها وجماهيريتها في الشارع الروسي الذي انصرف عنها، وفي الوقت نفسه كانت هذه الفصائل تتناحر فيما بينها، وكان منها من راح يجنح صوب السقوط طواعية في شرك التمويل الأجنبي تحت ستار ما يسمى بـ«منظمات المجتمع المدني». ويذكر كثيرون من المراقبين المحليين منهم والأجانب، تدافع عدد كبير من شباب وممثلي الأحزاب اليمينية نحو التعاون مع المنظمات الأجنبية بدعوى الحصول على منح تدريبية في الخارج، ومنها ما يتعلق بالتدريب على حشد الأنصار وتنظيم المظاهرات وكيفية رفع حدة ودرجة سخونة الأوضاع السياسية في الساحة الداخلية. وحسب راصدين مطلعين في موسكو، ما كان ذلك ليجري من دون مساهمات السفارات والصناديق الغربية وفي مقدمتها الأميركية، وهو ما كانت السلطات و«الأجهزة البوتينية» رصدته في حينه بما استطاعت معه أن تشهره في الوقت المناسب لها مبرّرًا طبيعيًا لاتخاذ السلطات التشريعية الروسية ما يتناسب من مراسيم وقرارات لمواجهة مثل هذه الأوضاع.
وحين كانت تشتد وطأة المداهمات والاعتقالات بتهمة التعاون مع الخارج ومحاولات نشر التوتر وتأليب الرأي العام ضد السلطة الرسمية، كانت قيادات الأحزاب اليمينية تجأر بأعلى الصوت احتجاجًا على ما تقول إنه اعتداء على حقوق الإنسان، وتطالب بالتصدي لما كانت ولا تزال تصفه بتكميم الأفواه، ووقف الإجراءات التي تصفها بـ«الديكتاتورية».
وفي هذا الصدد نذكر ما شهدته موسكو من حشد للجماهير التي خرجت إلى ساحة «بولوتنويه» غير بعيد عن الكرملين في نهاية عام 2011 تحت سمع وبصر الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف، وكذلك في مايو 2012 احتجاجًا على عودة بوتين إلى السلطة في الكرملين. وكانت هذه المظاهرات، ولا سيما التي نظمت في نهاية عام 2011، الأكبر في تاريخ المعارضة منذ تولي بوتين للسلطة في عام 2000، وهي مع ذلك لم تلق آذانًا صاغية كما يقال، لكنها أكدت بما لا يدع مجالا للشك مدى هشاشة مواقع المعارضة الروسية التي انفرط عقدها وتبعثرت وتحوّلت إلى ما يشبه «الدكاكين» التي تبيع الوهم. ومن ثم، عاد عدد من أقطاب رجال الأعمال السابقين ومنهم ميخائيل خودوركوفسكي، الملياردير الذي كان أفرج عنه بوتين بعد قضائه ما يزيد عن العشر سنوات في سجون روسيا في اتهامات جنائية واقتصادية ثمة من حاول التشكيك فيها، وإن كانت تتسم في بعض جوانبها بطابع سياسي. وكان خودوركوفسكي قد قال في تصريحات نشرتها جريدة «لوموند» الفرنسية إنه على استعداد لترشيح نفسه منافسًا لبوتين في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، رغم يقينه من عبثية مثل هذا الطرح وانعدام جدواه، في توقيت تبدو فيه المعارضة اليمينية عاجزة حتى عن المنافسة على مستوى الانتخابات المحلية.

صراع بوتين مع اليمين
مع هذا، بدت المعارضة اليمينية وكأنها حسمت موقفها المناهض للرئيس فلاديمير بوتين، الذي ظهرت واضحة توجّهاته القومية المتشددة، ومناهضته السافرة للغرب وسياساته وإصراره على استعادة مواقع روسيا في الساحتين الإقليمية والدولية، ورفضه الصريح هيمنة عالم القطب الواحد على مدى كل سنوات ولايته الثانية التي كان اختتمها بخطابه الناري الشهير في مدينة ميونيخ الألمانية في «مؤتمر الأمن الأوروبي» في فبراير (شباط) 2007، الذي كشف فيه عن استراتيجية العمل وتوجهاته نحو مقارعة عالم القطب الواحد والاهتمام بإعادة بلاده إلى صدارة الساحة الدولية.
وهنا راحت رموز الأحزاب اليمينية من أمثال الزعيم الراحل بوريس نيمتسوف تتجرّأ في إظهار خصومتها للنظام وتتعمد الظهور مع أركان خصومه في الفضاء السوفياتي السابق، كما فعل نيمتسوف لدى انضمامه إلى «الثورة البرتقالية» في أوكرانيا وقبوله العمل مستشارًا للرئيس الأوكراني الأسبق فيكتور يوشينكو في عام 2004 وهو ما يرى المراقبون الروس أنه كان في صدارة أسباب تراجع مواقعه وحزبه في الساحة السياسية الروسية.
وثمّة ما يشير إلى أن ما فعله نيمتسوف - اغتيل في فبراير الماضي في موسكو - وصحبه من أمثال ميخائيل كاسيانوف، آخر رؤساء الحكومات الروسية في عهد يلتسين، وغاري كاسباروف بطل العالم الأسبق في الشطرنج والكسي نافالني ممّن كانوا يجاهرون في عدائهم لفلاديمير بوتين ويتعمدون انتقاده في المحافل الدولية والإقليمية، لم يعد يلقى قبول من بقي من أنصار وأعضاء حركاتهم وتنظيماتهم السياسية. وهذا ما يفسّر تحول بعض ممثلي الأحزاب اليمينية إلى تأييد قرار الرئيس الروسي حول ضم شبه جزيرة القرم واعتبار ذلك «مسألة» لا مراء فيها، فضلا عن أنه صار أمرًا واقعًا لا مجال لتغييره. ومن هؤلاء نشير إلى ممثلي ما يسمى اليوم بـ«المعارضة اليمينية غير الممنهجة» ومنهم خودوركوفسكي ونافالني، وإن كان ذلك عند البعض لا يمكن إلا أن يندرج تحت بند المداهنات والمناورات السياسية. في أي حال، لا يمكن أن يعني تراجع ممثلي «المعارضة غير الممنهجة» عن آمالهم في الإطاحة ببوتين، وهو الهدف الذي أعلنته صراحة الإدارة الأميركية مع بداية اندلاع الأزمة الأوكرانية. ولذا تشير مصادر في موسكو إلى «الاتصالات التي تتوالى بين ممثلي واشنطن والصناديق الغربية مع من بقي من أنصار اليمين الليبرالي في روسيا».
وكان بوتين، شخصيًا، حريصًا على «كشف» الكثير من خفايا وأسرار هذه الاتصالات فيما أوعز إلى مجلس «الدوما» باستصدار القرارات «المناسبة» لاعتبار «منظمات المجتمع المدني» التي يجرى تمويلها من الخارج، «هيئات أجنبية» وإطلاق تسمية «عميل أجنبي» على كل أعضاء هذه المنظمات والعاملين فيها، وهو ما أثار في حينه موجة احتجاجات واسعة شارك فيها الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف بوصفه رئيسًا لمؤسسة الأبحاث والدراسات الاستراتيجية التي تحمل اسمه في موسكو.
ورغم نزول الرئيس الروسي عن إصراره على هذا الموضوع، فإنه عاد أخيرًا في محاولة لمصالحة ممثلي منظمات حقوق الإنسان في روسيا، ليقول بإمكانية إعادة النظر في التسميات، وهو ما لا يمكن أن يكون في تناقض مع إصراره على التمسك بالجوهر.

«المعارضة المُستأنسة»
واتصالا بما سبق، واستئنافًا لاستعراض خارطة المعارضة في الساحة السياسية الروسية نتوقف لنشير إلى أن هناك ما يمكن تسميته بـ«المعارضة المُستأنسة» التي يحرص بوتين على أن تظل «رفيق طريق»، لا يمكن الاستغناء عنه في مواجهة «المعارضة اليمينية غير الممنهجة»، التي تضم بين صفوفها كل ما سبقت الإشارة إليها من أحزاب وقوى وتنظيمات يمينية ليبرالية مثل الأحزاب السياسية القديمة التي كانت ظهرت في تسعينات القرن الماضي مثل «اتحاد القوى اليمينية» الذي طالما ضم نجوم «الحركة الديمقراطية»، وغيره من الأحزاب التي راحت تظهر تباعًا خلال السنوات القليلة الماضية في شكل حركات وتنظيمات شبابية ونقابية وطلابية.
هذا، وكان حزب «اتحاد القوى اليمينية» الذي أسس في نهاية تسعينات القرن الماضي يضم كلا من «خيار روسيا الديمقراطي» برئاسة غايدار، و«القوى الجديدة» وهي الحركة المحافظة برئاسة سيرغي كيرينكو رئيس الحكومة الأسبق الذي انضم اليوم إلى فريق الرئيس بوتين كرئيس لمؤسسة الطاقة النووية، و«روسيا الفتية» بزعامة الراحل نيمتسوف، و«صوت روسيا» برئاسة قسطنطين تيتوف، و«القضية العامة» برئاسة إيرينا خاكامادا وغيرها من القوى السياسية المتناهية الصغر.
ومن الأحزاب اليمينية التي تحرص على المشاركة في كل الانتخابات التشريعية والنيابية من دون نتيجة تذكر حزب «بارناس» الذي يضم كلا من «الحزب الجمهوري» الذي يتزعمه كاسيانوف رئيس الحكومة الروسية الأسبق، وحزب «الإرادة الشعبية» الذي كان يترأسه نيمتسوف. ومن الأحزاب اليمينية أيضًا نشير إلى «حزب يابلوكو» الذي تخلى زعماؤه التاريخيون عن رئاسته ومنهم يافلينسكي ويوري بولدريف وفلاديمير لوكين، وحركة «التضامن» الديمقراطية التي تضم أيضًا ممثلي الأحزاب الأخرى بما فيها المشار إليها عاليه، وغيرها من الأحزاب التي لا يتجاوز عدد أعضائها بضع مئات وهو ما صار يسمح به القانون الروسي الجديد حول تنظيم الأحزاب والحركات السياسية.
أما قائمة الأحزاب المعارضة الأخرى الموالية للكرملين في غالبية توجهاته فيقف على رأسها وبطبيعة الحال «الحزب الشيوعي الروسي» (اليسار) بزعامة زيوغانوف، وحزب «روسيا العادلة» (يسار الوسط) بزعامة سيرغي ميرونوف، وحزب جيرينوفسكي (الليبرالي الديمقراطي)، وهي الأحزاب الثلاثة الوحيدة الممثلة في مجلس «الدوما»، والمحسوبة شكلاً على المعارضة في مواجهة الحزب الحاكم «الوحدة الروسية» بزعامة ديمتري ميدفيديف رئيس الحكومة الروسية الحالي. وبهذه المناسبة نشير إلى ما أعلن عنه بوتين في عام 2011 حول فكرة تشكيل «الجبهة الشعبية لعموم روسيا»، بديلا عن حزب «الوحدة الحاكم» الذي كان تعثر في الانتخابات البرلمانية الماضي وخشية مفاجآت قد تصادفه على طريق عودته للكرملين لولاية ثالثة. وآنذاك قال بوتين إن فكرته تقوم على أساس تجميع القوى السياسية المؤمنة بضرورة التنمية في إطار جبهة فوق حزبية. وتوجه بوتين إلى نشطاء حزب «الوحدة الروسية» باقتراح تشكيل هذه الجبهة على أساس الحزب الحاكم، شريطة أن تضم بين صفوفها غير الحزبيين من ممثلي القوى السياسية المختلفة. وإذ أكد بوتين ضرورة استناد التحالف المرتقب إلى مبادئ التكافؤ والمساواة قال إنه تعمد اختيار «الجبهة الشعبية لعموم روسيا» اسمًا للتحالف لإعلانه قبيل الاحتفال بـ«يوم النصر على الفاشية» من مدينة فولغاغراد - الاسم القديم لستالينغراد - التي سجلت نقطة التحول إلى تحقيق النصر على النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية. ولقد أثار تعمد بوتين لاختيار الزمان والمكان المرتبطين في وجدان شعبه مع أقوى لذكريات وأنصع صفحات التاريخ الكثير من الإيحاءات التي تقول إن تأسيس «الجبهة الشعبية» يعكس رغبته في تعويض قصور سياسات حزب الوحدة الروسية سعيًا نحو المزيد من الأنصار تأهبًا للانتخابات المرتقبة. وهو ما نجح «القيصر» في تحقيقه لتكون «الجبهة الشعبية لعموم روسيا» حصنًا قوميًا ووطنيًا جديدًا في مواجهة المعارضة اليمينية التي لا تزال تعاني حالة الشرذمة والتناحر.



نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا
TT

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما حصل أقرب منافسيها باندوليني إيتولا على 26 في المائة فقط من الأصوات. شكَّل فوز نيتومبو الملقبة بـ«NNN»، حلقةً جديدةً في حياة مليئة بالأحداث، عاشتها المرأة التي ناضلت ضد الاحتلال، واختبرت السجن والنفي في طفولتها، قبل أن تعود لتثبت نفسها بصفتها واحدة من أبرز النساء في السياسة الناميبية وقيادية فاعلة في الحزب الحاكم «سوابو».

في أول مؤتمر صحافي لها، بعد أسبوع من إعلان فوزها بالانتخابات الرئاسية، تعهدت نيتومبو، التي ستتولى منصبها رسمياً في مارس (آذار) المقبل، بإجراء «تحولات جذرية» لإصلاح مستويات الفقر والبطالة المرتفعة في ناميبيا، الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي، والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.

نيتومبو أشارت إلى أنها قد تنحو منحى مختلفاً بعض الشيء عن أسلافها في حزب «سوابو» الذي يحكم ناميبيا منذ استقلالها عن جنوب أفريقيا في عام 1990. وقالت نيتومبو: «لن يكون الأمر كالمعتاد، يجب أن نُجري تحولات جذرية من أجل شعبنا».

لم توضح نيتومبو طبيعة هذه التحولات الجذرية التي تعتزم تنفيذها، وإن أشارت إلى «إصلاح الأراضي، وتوزيع أكثر عدالة للثروة». وبينما يصنف البنك الدولي ناميبيا على أنها دولة ذات «دخل متوسط»، فإنها تعد واحدة من أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة في توزيع الدخل على مستوى العالم، مع ارتفاع مستويات الفقر التي ترجع جزئياً إلى إرث عقود الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء.

ووفق تقرير رسمي من البنك الدولي صدر عام 2021 فإن «43 في المائة من سكان ناميبيا يعيشون فقراً متعدد الأبعاد». وهو مؤشر يأخذ في الاعتبار عوامل عدة إلى جانب الدخل، من بينها الوصول إلى التعليم والخدمات العامة.

ولأن طريق نيتومبو السياسي لم يكن أبداً ممهداً، لم يمر إعلان فوزها بالانتخابات دون انتقادات. وقالت أحزاب المعارضة إنها ستطعن على نتيجة الانتخابات الرئاسية، متحدثةً عن «صعوبات فنية وقمع ضد الناخبين». لكنَّ نيتومبو، المعروفة بين أقرانها بـ«القوة والحزم»، تجاهلت هذه الادعاءات، واحتفلت بالفوز مع أعضاء حزبها، وقالت: «أنا لا أستمع إلى هؤلاء المنتقدين».

نشأة سياسية مبكرة

وُلدت نيتومبو في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1952 في قرية أوناموتاي، شمال ناميبيا، وهي التاسعة بين 13 طفلاً، وكان والدها رجل دين ينتمي إلى الطائفة الأنغليكانية. وفي طفولتها التحقت نيتومبو بمدرسة «القديسة مريم» في أوديبو. ووفق موقع الحزب الحاكم «سوابو» فإن «نيتومبو مسيحية مخلصة»، تؤمن بشعار «قلب واحد وعقل واحد».

في ذلك الوقت، كانت ناميبيا تعرف باسم جنوب غرب أفريقيا، وكان شعبها تحت الاحتلال من دولة «جنوب أفريقيا»، مما دفع نيتومبو إلى الانخراط في العمل السياسي، والانضمام إلى «سوابو» التي كانت آنذاك حركة تحرير تناضل ضد سيطرة الأقلية البيضاء، لتبدأ رحلتها السياسية وهي في الرابعة عشرة من عمرها.

في تلك السن الصغيرة، أصبحت نيتومبو ناشطة سياسية، وقائدة لرابطة الشباب في «سوابو»، وهو ما أهّلها فيما بعد لتولي مناصب سياسية وقيادية، لكنها تقول إنها آنذاك «كانت مهتمة فقط بتحرير بلدها من الاحتلال»، مشيرةً في حوار مصوَّر نُشر عبر صفحتها على «فيسبوك» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن «السياسة جاءت فقط بسبب الظروف، التي لو اختلفت ربما كنت أصبحت عالمة».

شاركت نيتومبو في حملة «ضد الجَلْد العلنيّ»، الذي كان شائعاً في ظل نظام الفصل العنصري، وكان نشاطها السياسي سبباً في إلقاء القبض عليها واحتجازها، عدة أشهر عام 1973، وهي ما زالت طالبة في المرحلة الثانوية. ونتيجة ما تعرضت له من قمع واضطهاد، فرَّت نيتومبو إلى المنفى عام 1974، وانضمت إلى أعضاء «سوابو» الآخرين هناك، واستكملت نضالها ضد الاحتلال من زامبيا وتنزانيا، قبل أن تنتقل إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراستها.

تدرجت نيتومبو في مناصب عدة داخل «سوابو»، فكانت عضواً في اللجنة المركزية للحركة من عام 1976 إلى عام 1986، والممثلة الرئيسية للحركة في لوساكا من عام 1978 إلى عام 1980. والممثلة الرئيسية لشرق أفريقيا، ومقرها في دار السلام من عام 1980 إلى عام 1986.

درست نيتومبو في كلية غلاسكو للتكنولوجيا، وحصلت على دبلوم في الإدارة العامة والتنمية عام 1987، ودبلوم العلاقات الدولية عام 1988، ودرجة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية عام 1989 من جامعة كيل في المملكة المتحدة، كما حصلت على دبلوم في عمل وممارسة رابطة الشبيبة الشيوعية التابعة للاتحاد السوفياتي، من مدرسة «لينين كومسومول العليا» في موسكو.

ونالت الكثير من الأوسمة، من بينها وسام النسر الناميبي، ووسام «فرانسيسكو دي ميراندا بريميرا كلاس» من فنزويلا، والدكتوراه الفخرية من جامعة دار السلام بتنزانيا.

تزوجت نيتومبو عام 1983 من إيبافراس دينجا ندايتواه، وكان آنذاك شخصية بارزة في الجناح المسلح لجيش التحرير الشعبي في ناميبيا التابع لـ«سوابو»، وتولى عام 2011 منصب قائد قوات الدفاع الناميبية، وظل في المنصب حتى تقاعده في عام 2013، ولديها ثلاثة أبناء.

العودة بعد الاستقلال

بعد 14 عاماً من فرار نيتومبو إلى المنفى، وتحديداً في عام 1988، وافقت جنوب أفريقيا على استقلال ناميبيا، لتعود نيتومبو إلى وطنها، عضوة في حزب «سوابو» الذي يدير البلاد منذ الاستقلال.

تدرجت نيتومبو في المناصب وشغلت أدواراً وزارية عدة، في الشؤون الخارجية والسياحة ورعاية الطفل والمعلومات. وعُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة.

وعام 2002 دفعت بقانون عن العنف المنزلي إلى «الجمعية الوطنية»، وهو القانون الذي يعد أحد أبرز إنجازاتها، حيث دافعت عنه بشدة ضد انتقادات زملائها، ونقلت عنها وسائل إعلام ناميبية في تلك الفترة تأكيدها أن الدستور يُدين التمييز على أساس الجنس.

وواصلت صعودها السياسي، وفي فبراير (شباط) من العام الماضي، أصبحت نائبة رئيس ناميبيا. كانت أول امرأة تشغل مقعد نائب رئيس حزب «سوابو» بعدما انتخبها مؤتمر الحزب في عام 2017 وأعيد انتخابها في مؤتمر الحزب نوفمبر 2022، مما أهَّلها لتكون مرشحة الحزب للرئاسة عام 2024، خلفاً للرئيس الحاج جينجوب، الذي توفي خلال العام الماضي، وتولى رئاسة البلاد مؤقتاً نانجولو مبومبا.

صعوبات وتحديات

لم تكن مسيرة نيتومبو السياسية مفروشة بالورود، إذ اتُّهمت في فترة من الفترات بدعم فصيل منشق في حزب «سوابو» كان يسعى لخلافة سام نجوما أول رئيس لناميبيا بعد الاستقلال، لكنها سرعان ما تجاوزت الأزمة بدعم من هيفيكيبوني بوهامبا، خليفة نجوما.

يصفها أقرانها بأنها قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة غير صدامية. خلال حياتها السياسية التي امتدّت لأكثر من نصف قرن أظهرت نيتومبو أسلوباً عملياً متواضعاً في القيادة، ولم تتورط -حسب مراقبين- في فضائح فساد، مما يمنحها مصداقية في معالجة مثل هذه الأمور، لكنَّ انتماءها منذ الطفولة إلى «سوابو»، وعملها لسنوات من خلاله، لا ينبئ بتغييرات سياسية حادة في إدارة البلاد، وإن تعهَّدت نيتومبو بذلك.

ويرى مراقبون أنها «لن تبتعد كثيراً عن طريق الحزب، ولن يشكل وجودها على سدة الحكم دعماً أكبر للمرأة». وأشاروا إلى أن نيتومبو التي كانت رئيسة المنظمة الوطنية الناميبية للمرأة (1991-1994)، والمقررة العامة للمؤتمر العالمي الرابع المعنيّ بالمرأة في عام 1995 في بكين، ووزيرة شؤون المرأة ورعاية الطفل 2000-2005، «لا يمكن وصفها بأنها نسوية، وإن دافعت عن بعض حقوق النساء».

خلال الانتخابات قدمت نيتومبو نفسها بوصفها «صوتاً حازماً يتمحور حول الناس، وزعيمة سياسية وطنية، مخلصة للوحدة الأفريقية، مناصرةً لحقوق المرأة والطفل والسلام والأمن والبيئة»، وتبنت خطاباً يضع الأوضاع المعيشية في قمة الأولويات، متعهدةً بـ«خلق 250 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة» ليتصدر هذا التعهد وسائل الإعلام الناميبية، لكن أحداً لا يعرف إن كانت ستنجح في تنفيذ تعهدها أم لا.

تبدأ نيتومبو فترة حكمها بصراعات سياسية مع أحزاب المعارضة التي انتقدت نتيجة الانتخابات التي جعلتها رئيسة لناميبيا، تزامناً مع استمرار تراجع شعبية الحزب الحاكم. وفي الوقت نفسه تواجه نيتومبو عقبات داخلية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها نحو نصف السكان، مما يجعل مراقبون يرون أنها أمام «مهمة ليست بالسهلة، وأن عليها الاستعداد للعواصف».

ويندهوك عاصمة ناميبيا (أدوب ستوك)

حقائق

ناميبيا بلد الماس... و43% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر

في أقصى جنوب غربي القارة الأفريقية تقع دولة ناميبيا التي تمتلك ثروات معدنية كبيرة، بينما يعيش ما يقرب من نصف سكانها فقراً متعدد الأبعاد.ورغم مساحة ناميبيا الشاسعة، فإن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين نسمة؛ ما يجعلها من أقل البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، كما أن بيئتها القاسية والقاحلة تصعّب المعيشة فيها. ومن الجدير بالذكر أن البلاد هي موطن صحراء كالاهاري وناميب.وفقاً لموقع حكومة ناميبيا، فإن تاريخ البلاد محفور في لوحات صخرية في الجنوب، «يعود بعضها إلى 26000 عام قبل الميلاد»، حيث استوطنت مجموعات عرقية مختلفة، بينها «سان يوشمن»، و«البانتو» وأخيراً قبائل «الهيمبا» و«هيريرو» و«ناما»، أرض ناميبيا الوعرة منذ آلاف السنين.ولأن ناميبيا كانت من أكثر السواحل القاحلة في أفريقيا؛ لم يبدأ المستكشفون وصيادو العاج والمنقبون والمبشرون بالقدوم إليها؛ إلا في منتصف القرن التاسع عشر، لتظل البلاد بمنأى عن اهتمام القوى الأوروبية إلى حدٍ كبير حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما استعمرتها ألمانيا، بحسب موقع الحكومة الناميبية.سيطرت ألمانيا على المنطقة التي أطلقت عليها اسم جنوب غربي أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، وأدى اكتشاف الماس في عام 1908 إلى تدفق الأوروبيين إلى البلاد، وتعدّ ناميبيا واحدة من أكبر 10 دول منتجة للماس الخام في العالم، وتنتج وفق التقديرات الدولية نحو مليونَي قيراط سنوياً.شاب فترة الاستعمار صراعات عدة، وتمرد من السكان ضد المستعمر، تسبَّبا في موت عدد كبير، لا سيما مع إنشاء ألمانيا معسكرات اعتقال للسكان الأصليين، وعام 1994 اعتذرت الحكومة الألمانية عن «الإبادة الجماعية» خلال فترة الاستعمار.ظلت ألمانيا تسيطر على ناميبيا، التي كانت تسمى وقتها «جنوب غربي أفريقيا» حتى الحرب العالمية الأولى، التي انتهت باستسلام ألمانيا، لتنتقل ناميبيا إلى تبعية جنوب أفريقيا، فيما تعتبره الدولة «مقايضة تجربة استعمارية بأخرى»، وفق موقع الحكومة الناميبية.في عام 1966، شنَّت المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو)، حرب تحرير، وناضلت من أجل الاستقلال، حتى وافقت جنوب أفريقيا في عام 1988 على إنهاء إدارة الفصل العنصري. وبعد إجراء الانتخابات الديمقراطية في عام 1989، أصبحت ناميبيا دولة مستقلة في 21 مارس (آذار) 1990، وأصبح سام نجوما أول رئيس للبلاد التي ما زال يحكمها حزب «سوابو». وشجعت المصالحة بين الأعراق السكان البيض في البلاد على البقاء، وما زالوا يلعبون دوراً رئيسياً في الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى.وتعد ناميبيا دولة ذات كثافة سكانية منخفضة، حيث يعيش على مساحتها البالغة 824 ألف متر مربع، نحو ثلاثة ملايين نسمة. ويشير البنك الدولي، في تقرير نشره عام 2021، إلى أن ناميبيا «دولة ذات دخل متوسط»، لكنها تحتل المركز الثالث بين دول العالم من حيث عدم المساواة في توزيع الدخل، حيث يمتلك 6 في المائة فقط من السكان نحو 70 في المائة من الأملاك في البلاد، وتعيش نسبة 43 في المائة من سكان ناميبيا في «فقر متعدد الأبعاد». وتدير ثروات البلاد الطبيعية من الماس والمعادن شركات أجنبية.وتمتلك ناميبيا ثروة برية كبيرة، لكنها تعاني بين الحين والآخر موجات جفاف، كان آخرها الصيف الماضي، ما اضطرّ الحكومة إلى ذبح أكثر من 700 حيوان بري من أجناس مختلفة، بينها أفراس نهر، وفيلة، وجواميس وحمير وحشية، وهو إجراء ووجه بانتقادات من جانب جمعيات البيئة والرفق بالحيوان، لكن حكومة ناميبيا دافعت عن سياستها، مؤكدة أنها تستهدف «إطعام السكان الذين يعانون الجوع جراء أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود».ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منتصف العام الحالي، فإن «نحو 1.4 مليون ناميبي، أي أكثر من نصف السكان، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، مع انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 53 في المائة ومستويات مياه السدود بنسبة 70 في المائة مقارنة بالعام الماضي».