بريطانيا تخصص 66.5 مليون دولار لرفع جودة التعليم في المنطقة العربية

مؤتمر في بيروت لإطلاق المرحلة الثالثة من برنامج «ربط الصفوف»

إحدى ورش العمل التي أقامها «المجلس الثقافي البريطاني» للتدريب على «ربط الصفوف»
إحدى ورش العمل التي أقامها «المجلس الثقافي البريطاني» للتدريب على «ربط الصفوف»
TT

بريطانيا تخصص 66.5 مليون دولار لرفع جودة التعليم في المنطقة العربية

إحدى ورش العمل التي أقامها «المجلس الثقافي البريطاني» للتدريب على «ربط الصفوف»
إحدى ورش العمل التي أقامها «المجلس الثقافي البريطاني» للتدريب على «ربط الصفوف»

من خلال مؤتمر تربوي يعقد في بيروت على مدى يومين، سيقوم المجلس الثقافي البريطاني بإطلاق مرحلة جديدة من برنامجه العالمي «ربط الصفوف» الذي يسعى إلى تعزيز الخبرات وتبادلها على مستوى المنطقة بالاستفادة من التجربة البريطانية.
هذا ويحضر المؤتمر الذي يبدأ أعماله اليوم في «فندق موفنبك»، وزراء تعليم وروّاد في مجال التربية، بالإضافة إلى ممثّلين عن الجمعيّات غير الحكوميّة والقطاع التعليمي والممارسين من الدول العربية المعنية بالبرنامج وهي لبنان، والأردن، والعراق، والأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ومصر، والمغرب. وسيركّز المؤتمر على أهميّة المهارات الجوهريّة في تأمين تعليمٍ عالي الجودة للشباب.
وتأتي المرحلة الجديدة من برنامج «ربط الصفوف» في إطار مبادرة عالميّة تسعى إلى تحسين جودة التعليم لدى تلاميذ المدارس؛ بالإضافة إلى دعم التطوّر المهني للمعلّمين.
وينال ربط الصفوف تمويلا مشتركا من «المجلس الثقافي البريطاني» ووزارة التنمية الدولية يصل إلى 66.5 مليون دولار، ويهدف إلى تعزيز ست مهارات أساسية لدى التلميذ، ليتمكن من بناء شخصية تمكنه من التعامل مع مجتمع منفتح بطريقة ناجحة. والمهارات هي: التفكير النقدي وحل المشكلات، الإبداع والتصور، الوعي الرقمي، المواطنة، القيادة والتنسيق مع التواصل.
تقول إحدى المدرسات اللبنانيات المشاركات في المؤتمر: «إن المناهج اللبنانية لم تكن تفتقر في روحها إلى هذه المفاهيم، لنقلها للطالب، لكننا بحاجة إلى تطوير أساليبنا في العمل، وإلى التفاعل مع خبرات جديدة مختلفة، وهو ما يؤمنه لنا هذا البرنامج، الذي أعتقد أنه يأتي بنتائج إيجابية للغاية تنعكس على العملية التعليمية».
ومنذ إطلاق المرحلة الأولى من برنامج ربط الصفوف من قبل المجلس الثقافي البريطاني عام 2008 تم تدريب أكثر من 11 ألف أستاذ عالميًا وأكثر من 3 آلاف أستاذ في لبنان. وتم ذلك من خلال شبكة كبيرة من المدارس المشاركة في هذا البرنامج، وهي أكثر من 3 آلاف مدرسة عالميًا وأكثر من 300 مدرسة في لبنان، بالاشتراك مع أكثر من 550 مدير مدرسة في لبنان. ووصل هذا البرنامج إلى أكثر من 142 ألف طالب في لبنان.
هذه الأرقام كلها قابلة للزيادة بالأخص مع إطلاق المرحلة الثالثة. ويتمتع لبنان بأكبر شبكة من المدارس الخاضعة لهذا البرنامج وأكبر حصة من التمويل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والنتائج مشجعة، بحسب المعنيين بالمشروع.
البرنامج لا يعالج المشاكل في النظم التعليمية، إنما يهدف إلى إرشاد وتوعية الأساتذة والطلاب على أهمية المواطنة العالمية وكيفية إدراجها في المناهج التعليمية المدرسية، من خلال مختلف المواد التي يتم تدريسها.
ولو أخذنا المثل اللبناني، على سبيل المثال، فقد تم في البدء تدريب 7 أساتذة لبنانيين من مدارس لبنانية مختلفة من قبل خبراء مجازين، ليصبح الأساتذة المدربون بدورهم مدربين مجازين في هذا المجال وينقلون خبرتهم إلى آخرين.
ويتم تدريب أساتذة المدارس اللبنانية المنتمين إلى برنامج ربط الصفوف من خلال حلقات تدريبية، في لبنان، يشارك فيها اثنان من المدربين المجازين حيث لا يتخطى عدد الأساتذة المشاركين في كل حلقة الـ30 أستاذًا.
مدة التدريب تمتد لسبعة أسابيع حيث يشارك الأساتذة في البدء بورشة عمل ليومين ويكتسبون المهارات اللازمة وبعدها يدخلون المهارات المكتسبة هذه ضمن برامجهم التعليمية لفترة تمتد على ستة أسابيع. في النهاية يجتمع الأساتذة ليوم واحد للحديث عن هذه التجربة ومشاركة تجربة التطبيق.
وتمتد المرحلة الثالثة من برنامج ربط الصفوف على مدى ثلاث سنوات (2015 – 2018)، ويتشارك المجلس الثقافي البريطاني الدور في إيصال هذا البرنامج للطلاب مع وزارة التربية. ويتم العمل بالتنسيق الدائم بين الطرفين.
ويأتي البرنامج المخصّص للمدارس في وقت تسعى فيه الأسرة الدوليّة إلى ضمان حصول المزيد من الأطفال على تعليمٍ عالي الجودة بغضّ النظر عن هويّتهم وجنسيّتهم.
هذا وأظهر تقرير أخير لمنظّمة الأمم المتّحدة للطفولة أنّ نحو 13 مليون طفل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يرتادون المدارس، في حين يضع كلٌّ من عدم الاستقرار والأزمات الأخيرة الكثير من الضغط على الأنظمة التعليميّة.
ويهدف برنامج ربط الصفوف، إلى العمل مع أكثر من 55 ألف معلّمٍ وإلى بناء 7500 شراكة مع المدارس بحلول عام 2018، ما يساعد على تأمين تعليمٍ منصفٍ وعالي الجودة وعلى زيادة عدد الأطفال الذين يتمتّعون بالمهارات التقنيّة والفنيّة، الضروريّة للتوظيف وريادة الأعمال.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».