فنانو غرافيتي عرب اتهموا مسلسل «هوم لاند» بالعنصرية

قاموا بتحويل جدران على مشارف برلين لتبدو جزءًا من لبنان

رسم غرافيتي على حائط برلين
رسم غرافيتي على حائط برلين
TT

فنانو غرافيتي عرب اتهموا مسلسل «هوم لاند» بالعنصرية

رسم غرافيتي على حائط برلين
رسم غرافيتي على حائط برلين

قال فنانو غرافيتي ظهرت أعمالهم في أحدث حلقات المسلسل الأميركي «هوم لاند» أو «الوطن»، (يتّهمون المسلسل بالعنصرية)، إنهم فوجئوا من تأثير عباراتهم الاحتجاجية، لكنهم يأملون في أن يساهم ذلك في حمل منتجي المسلسل على تغيير أسلوب كتابة السيناريو.
وتدور أحداث المسلسل حول مساعي المخابرات الأميركية للتصدي للإرهاب في الشرق الأوسط. وفي الحلقة التي أذيعت في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي تسير عميلة المخابرات الأميركية كاري ماثيسون في مخيم للاجئين السوريين وقرب جدار عليه كتابات غرافيتي إحداها تقول: «الوطن عنصري».
وفي مشاهد أخرى ظهرت كتابات مشابهة على الجدران مثل «الوطن مش مسلسل»، و«الوطن بطيخ».
وكتاب الغرافيتي ثلاثة من الفنانين الذين يطلقون على أنفسهم اسم «فناني الشارع العرب»، وجرت الاستعانة بهم ليجعلوا جدرانًا على مشارف برلين - حيث صور المسلسل هذا الصيف - تبدو وكأنها جزء من لبنان. ولم يفهم أحد معنى ما هو مكتوب إلا بعد عرض المسلسل الأحد الماضي.
وقالت هبة أمين، وهي واحدة من رسامي الغرافيتي الذين شاركوا في كتابة هذه العبارات لـ«رويترز» في القاهرة: «كانت طريقة لفتح نقاش. كنا نأمل أنه بمجرد عرض ذلك سينتبه أحد لها، لكننا لم نتوقع أن يكون رد الفعل بهذا الحجم». وانتشرت قصة تخريب موقع التصوير بإضافة هذه العبارات حول العالم ونشرتها كبرى الصحف ووسائل الإعلام. وتابعت هبة أمين بقولها: «هذا بالضبط بالنسبة لنا ما كنا نريده. هذا نجاح باهر، والآن يمكن أن نفتح هذا النقاش ويتحدث الناس عنه».
وقال أليكس جانسا، أحد منتجي مسلسل «هوم لاند» في بيان وزعته شبكة «شو تايم»: «نتمنى لو كنا استطعنا اكتشاف هذه الصور قبل بثها على الهواء».
لكنه أضاف: «لأن هوم لاند يسعى لأن يكون مخربًا في حد ذاته ومحفزًا للحوار فلا نملك إلا الإعجاب بهذا التخريب بشكل فني». وقال الفنانون، إن ما دفعهم لذلك هو التصوير النمطي والأخطاء في النصوص التي يستخدمها منتجو المسلسل.
وقالت هبة أمين في مقابلة مع «رويترز» في منزلها بضاحية المعادي بالقاهرة: «ارتكبوا الكثير من الأخطاء، وكان واضحًا أنه ليس لديهم فريق بحث قوي، لذا فكرت أن هذه هي الفرصة لإدخال غرافيتي تخريبي».
وتابعت: «ما نحاول إثارته هو أنه بغض النظر عما إذا كان المسلسل عملاً خياليًا أم لا فلا يزال له تداعيات خطيرة لأنه ببساطة يقوم بتنميط منطقة بأكملها».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».