المطربة العراقية فريدة تقدم «ليلة التشالغي البغدادي» في تونس

مهرجان «موسيقات» يختتم أعماله بعرض للموسيقى الشعبية

المطربة فريدة محمد علي
المطربة فريدة محمد علي
TT

المطربة العراقية فريدة تقدم «ليلة التشالغي البغدادي» في تونس

المطربة فريدة محمد علي
المطربة فريدة محمد علي

أحيت المطربة العراقية فريدة محمد علي المعروفة بـ«سيدة المقام العراقي»، سهرة افتتاح الدورة العاشرة من التظاهرة الموسيقية «موسيقات» في تونس. وأشرف الموسيقار محمد حسين كمر على قيادة الفرقة الموسيقية التي أبدعت في الرجوع بالحاضرين إلى زمن الأغنية الجميلة واللحن الشجي.
وانطلقت فعاليات هذا المهرجان الموسيقي المختلف عن غيره من المهرجانات يوم السبت 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وتتواصل إلى غاية يوم 23 من الشهر نفسه بمشاركة ثماني دول، هي الجزائر والعراق والمغرب وتونس والأرجنتين وأفغانستان وجنوب أفريقيا وبوركينا فاسو.
ويمثل هذا المهرجان فسيفساء موسيقية لعشاق الفن الأصيل ويقدم لعشاق النغمات الأصيلة مناخات موسيقية متنوعة من مختلف أصقاع العالم.
وأحيت المطربة العراقية فريدة السهرة الموسيقية الأولى التي حملت اسم «ليلة التشالغي البغدادي» بالاعتماد على ﻓﺮﻗﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻛﺎنت ﻭلا ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺮﺍﻓﻖ ﻗﺮاء ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ، ﻭﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﻋﺎﺯﻓﻲ ‌آﻻ‌ﺕ ﺍﻟﺴﻨﻄﻮﺭ وﺍﻟﺠﻮﺯﺓ (الكمنجة) وﺍﻟﻄﺒﻠﺔ وﺍﻟﺮﻕ وﺍﻟﻨﻘﺎﺭﺓ. وتعني عبارة ﺍلتشاﻟﻐﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻄﺮﺏ ﺃﻭ الطاقم ﺍﻟﻤﻮسيقي، ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ اللفظ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻳﻴﻦ ﻛﺎن يعني ﺣﻔﻠﺔ ﻏﻨﺎﺋﻴﺔ التي ﺗﻘﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﻣﺎﺳﻲ ﻭﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﻷ‌ﻓﺮﺍﺡ ﻭﺍﻷ‌ﻋﺮﺍﺱ، ﻭحفلات الختان.
وقدمت فريدة خلال السهرة قطعًا فنية كلاسيكية مستلهمة من الرصيد الطربي الذي كان شائعًا في البلاطات الملكية البغدادية وقطعًا من الرصيد الفني الشعبي، وهي أول أستاذة تدرس المقام العراقي بمعهد الدراسات الموسيقية ببغداد ولها الكثير من الألبومات الفنية من بينها «موسيقى كلاسيكية من العراق»، و«مقامات ومواويل عراقية»، و«الرحيل»، و«التراث»، و«صوت الرافدين»، و«إشراقات».
وتعد فريدة محمد علي قارئة المقام العراقي الوحيدة بعد اعتزال المطربة العراقية مائدة نزهت أواخر الثمانينات، وكل هذه المعطيات سبقتها إلى تونس، وهو ما جعل عشاق الفن الطربي الأصيل يصلون باكرًا إلى مركز الموسيقى العربية والمتوسطية بسيدي بوسعيد (الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية). وقالت فريدة إن مهمة فرقتها الموسيقية تتلخص في تعريف العالم بالتراث الموسيقي العراقي الفريد من نوعه في وقت يعاني فيه الفن العراقي من كل أشكال التهميش.
ويتضمن برنامج الدورة العاشرة أيضًا عرضًا بعنوان «طانغو بانديانتس» تقدمه الفنانة الأرجنتينية ديبورا روس التي فازت سنة 1997 بجائزة أفضل مغنية طانغو بمهرجان كوسكوين الأرجنتيني. ويتضمن عرضها قصائد طانغو في تصور جديد في مراوحة فنية بين العتيق والحديث.
ويتواصل المهرجان من خلال عروض متنوعة تؤثثها الفنانة أرزو علييفا من أذربيجان وعرض «ليلة مخملية» للفنانة اليونانية كاترينا فلاهو والفنانة كاندي غيرافي من بوركينا فاسو والفنان الإيطالي أنطونيو كاسترينيانو.
وتختتم هذه التظاهرة الموسيقية بعرض يحمل عنوان «ربوخ» للفنان الشعبي التونسي الهادي حبوبة، وسيقدم هذا العرض لأول مرة للجمهور، ويتضمن جمعًا بين الإيقاعات الشعبية والرقص والغناء.. وهو عبارة عن تكريم لمسيرة هذا الفنان التي تعدت 48 سنة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».