ليبيا: محاولات وقف تهريب اللاجئين فاشلة

معاول لحفر قبر جماعي لغرقى المهاجرين في مدينة زوارة إحدى عواصم التهريب الأسوأ سمعة في العالم

أفارقة في انتظار فرصة الهجرة إلى أوروبا عبر قوارب الموت (واشنطن بوست)
أفارقة في انتظار فرصة الهجرة إلى أوروبا عبر قوارب الموت (واشنطن بوست)
TT

ليبيا: محاولات وقف تهريب اللاجئين فاشلة

أفارقة في انتظار فرصة الهجرة إلى أوروبا عبر قوارب الموت (واشنطن بوست)
أفارقة في انتظار فرصة الهجرة إلى أوروبا عبر قوارب الموت (واشنطن بوست)

تراصت جثث الغرقى على الشاطئ حتى يتسنى إحصاؤها؛ فسرعان ما زاد عدد الجثث من العشرات إلى مائة. وفي مكان ما قبالة الساحل، لا يزال قارب الصيد المتهالك يتمايل، ونصف مغمور في المياه. ربما هناك المزيد من الضحايا.
في إحدى عواصم التهريب الأسوأ سمعة في العالم، كانت كارثة الهجرة يوم 27 أغسطس (آب) بمثابة صدمة أيضا. واقترض سكان مدينة زوارة الليبية معاول لحفر قبر جماعي لهؤلاء الغرقى. كما أنهم عثروا على ملابس صغيرة لأطفال رضع متناثرة على الشاطئ.
على مدى سنوات، اختلفت الحياة في مدينة زوارة، مع ازدياد ثراء المهربين المحليين. ويتدفق المهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا وسوريا إلى هذه المدينة الواقعة في أقصى شمال ليبيا، ويركبون القوارب للفرار من الفقر المدقع والحرب المشتعلة في بلادهم للاتجاه نحو أوروبا. لكن الآن، أتاح ساحل هذه المدينة الفرصة لحدوث كارثة كبرى، بحسب ما يصفها أحد السكان المحليين.
قال صادق نانيس، مسؤول أمني كبير في مدينة زوارة الليبية، لمجموعة من القادة المحليين: «نحن بحاجة للقيام بشيء ما».
وقرر سكان زوارة فعل ما لا يمكن تصوره: إغلاق طريق التهريب الرئيسي من شمال أفريقيا إلى إيطاليا.
ولم يكن هناك أبدا شيء أصعب من وقف المهاجرين واللاجئين الذين يحاولون عبور البحر إلى أوروبا. فقد خاض أكثر من 600 ألف شخص هذه الرحلة خلال هذا العام؛ أي أكثر من ضعف العدد في عام 2014 كله. وفي اليونان وشبه جزيرة البلقان، انهارت الحدود أمام الانقضاض القادم من الشرق عليها. وفي ليبيا، حيث نقطة انطلاق تيار أصغر - لكنه ضخم - من المهاجرين، كان مئات الأشخاص يصعدون على متن سفن واهية كل ليلة تقريبا خلال هذا الصيف، ليستفيدوا من الدولة التي انهارت تقريبا منذ الإطاحة برئيسها معمر القذافي في عام 2011.
ويعقد المسؤولون الأوروبيون اجتماعات متتالية، لمحاولة الحد من تدفق اللاجئين إلى القارة، كما أنهم ناقشوا مسألة استهداف قوارب المهربين بواسطة طائرات هليكوبتر، وتعزيز وجود السفن الحربية في البحر الأبيض المتوسط، وتوظيف المزيد من خبراء استخبارات. وحتى الآن، لم يجدِ أي شيء نفعا.
بدت الحملة في زوارة كما هو متوقع؛ إذ احتشد آلاف السكان في الشوارع للتظاهر ضد تهريب البشر. ولأول مرة منذ سنوات، أفادت قوارب الإنقاذ بأن البحار الواقعة شمال هذه المدينة فارغة.
لكن هل يمكن استمرار هذا الوضع؟
في جميع أنحاء زوارة، وفي منازل الاختباء المتداعية، ينتظر المهاجرون فرصتهم لعبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.
سمع أمادو الاحتجاجات وهو يختبئ داخل منزل مهجور وضعه المهربون فيه. كان قد سافر مسافة ثلاثة آلاف ميل من غامبيا استغرقت 20 يوما، إذ ركب حافلة عبر مالي وبوركينا فاسو، وبعدها شاحنة كبيرة عبر النيجر، ثم شاحنة صغيرة عبر ليبيا.
والآن، يمكنه سماع صوت هتافات سكان مدينة زوارة باللغة العربية.
علم أمادو لاحقا أن المحتشدين كانوا يهتفون قائلين: «لا مزيد من القتل من أجل المال».
وصل أمادو إلى هذا المكان تماما مثلما يجري جمع الجثث من حطام السفن. وكان من المفترض أن يغادر قاربه في اليوم التالي، لكن مهربه فر، خشية الاعتقال.
أخبر المهرب أمادو عبر الهاتف: «أمهلني فقط بضعة أيام. نحن بحاجة للانتظار حتى تهدأ الأمور وتستقر الأوضاع في زوارة».
وحينها أصبح أمادو وحيدا، يتجول حول مدينة زوارة. وفي الشارع الرئيسي، نشر السكان لافتة كبيرة عليها صور بعض الغرقى. وسار أمادو من أمام المقاهي والمطاعم والميناء، حيث علق السكان شعارات، مثل: «نقولها ألف مرة لا للتهريب».
ويبلغ أمادو من العمر 26 عاما. وهو قصير القامة ونحيف، وذو ابتسامة مسننة كبيرة، ويبدو كأنه صبي باستثناء لحية صغيرة. يدرك أمادو خطورة عبور البحر الأبيض المتوسط بشكل غير قانوني، وكيف أن هذه الرحلة قتلت نحو ثلاثة آلاف شخص هذا العام. وعندما سأله أصدقاؤه إذا ما كان بإمكانه السباحة، أجابهم قائلا: «أنا أغرق مثل الحجر في النهر». وكان كل شخص يسمع هذا الكلام يضحك، لكنه حقيقي، وهذا الأمر يخيفه جدا.
لكن أمادو سئم من كسب نحو خمسة دولارات فقط يوميا في غامبيا، وسئم من الحكومة الاستبدادية التي يبدو أنها تسجن كل شخص لا يعجبها، ولديه أحلام امتلاك سيارة وتلفزيون وقطعة أرض صغيرة. ويرغب في الزواج من امرأة لطيفة وذكية وطويلة القامة، حتى لا يصبح أطفاله قصيري القامة مثله.
غادر أمادو غامبيا بعد بيع كشك صغير له في مدينة سيريكوندا بمبلغ 250 دولارا، إلى جانب التوسل لأعمامه وأبناء عمومته من أجل المزيد من المال.
وفي النهاية، حصل أمادو على مبلع 2300 دولار كان يحتاجها للسفر عبر «الطريق الخلفي» - وهو المصطلح الذي يطلقه الغامبيون على السفر إلى أوروبا. وتحدث أمادو شريطة عدم ذكر اسمه كاملا، بسبب وضعه القانوني غير المستقر.
وتعد ليبيا بمثابة فكرة مجردة؛ ليست دولة بقدر ما هي نقطة انطلاق إلى ما هو أفضل. بعد أسبوعين من وصوله، تجول أمادو في مقاهي الإنترنت خافتة الإضاءة، وانكب على لوحة مفاتيح جهاز الكومبيوتر.
وكتب أمادو عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لصديق له في غامبيا: «ما زلت هنا، يا رجل»، فيما كتب لصديق آخر هاجر إلى النمسا: «نحن عالقون في ليبيا».
وتصفح أمادو صفحته الرئيسية على «فيسبوك» ليضغط «إعجاب» على صور أصدقائه الذين تمكنوا من الوصول إلى أوروبا، حيث ينشر هؤلاء الأشخاص صورا لهم أمام سيارات فارهة ومراكز تسوق فاخرة. وكانوا يرتدون أحذية رياضية جديدة وقبعات البيسبول.
كان أمادو على بُعد نصف ميل من البحر و187 ميلا من إيطاليا.
وذكر أمادو: «يجب علي الخروج من هنا».
ارتدى الرجال الذين طاردوا مهربي زوارة أقنعة سوداء. وتخفي هذه الأقنعة معلمي مدارس، وموظفين حكوميين، ومهندسين. كان عليهم تنظيم جهد مناهض للهجرة بأنفسهم بسبب الفوضى التي تعم هذه الدولة الفاشلة.
لا توجد شرطة فعالة في هذه المدينة الساحلية الليبية، حيث تظل المنازل والمباني السكنية مثقوبة بفعل الحرب التي أطاحت بالقذافي، لكنها تغطت بواسطة صور الأشخاص الذين قتلوا في الحرب.
وفي هذه الدولة المختلة وظيفيا، والتي بها حكومتان فيدراليتان متنافستان، لا توجد أي عمليات عسكرية من الجانبين ضد أنشطة تهريب البشر. وبدلا من ذلك، يوجد رجال يرتدون أقنعة سوداء وميليشيا متطوعة يقودون شاحنات صغيرة في جميع أنحاء المدينة، ويكافحون أي شيء بدءا من اللصوص إلى الجماعات المتشددة من خارج المدينة.
قال آدم أبزا، المتحدث باسم الميليشيا المتطوعة: «يقع على عاتقنا إنهاء هذه الكارثة».
ولم يكن حدوث مآسٍ قبالة ساحل زوارة بالأمر الجديد على سكان المدينة. فقد انقلبت قوارب قبل ذلك، تسبب في مقتل العشرات - وحتى المئات - من الأشخاص في آنٍ واحد. لكن هذه الكوارث كانت تحدث في المياه الدولية، وكانت الجثث تطفو على شواطئ إيطاليا أو مالطة. ولم ير الكثير في هذه المدينة تلك الأشلاء.
يعاني سكان زوارة البالغ تعدادهم 60 ألف نسمة من عدة مشاكل أكثر إلحاحا من تهريب البشر، مثل الهجمات من قبل المنافسين القبليين والسياسيين. وقد فرضت الجماعات المسلحة - بما فيها التابعة لتنظيم داعش – السيطرة على منطقة تقع على بُعد 15 ميلا من المدينة. وفي ديسمبر (كانون الأول)، قصفت الطائرات الحربية التابعة لفصيل آخر مدينة زوارة، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية أشخاص.
وفي خضم حالة الفوضى، ازدهر مهربو البشر المحليون، وأصبحوا يتجولون في الشوارع بسيارات فارهة من طراز مرسيدس وهامر. ويشغل بعضهم منصب مسؤولين حكوميين خلال النهار، والبعض الآخر عبارة عن شباب يبحثون عن الربح السريع.
وقال نانيس، مسؤول أمن: «عَرِف كل شخص من هم المهربون، لكن كان لدينا أولويات أخرى».
أسفرت كارثة 27 أغسطس عن غرق نحو 200 من أصل 400 شخص تقريبا كانوا على متن قارب خشبي قديم.
وبعد عشرة أيام، اعتقلت الميليشيا المتطوعة نحو عشرة مهربين وتابعين لهم، واحتجزوهم في سجن مؤقت.
وبينما يطوف رجال الميليشيا المدينة، مروا على مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى كانوا يسيرون على جانبي الطريق. وكان المهاجرون يتحدثون باللغة الإنجليزية أو الولوف أو الهوسا، فيما كانت عيونهم تنظر يمينا ويسارا بسرعة. غير أن رجال الميليشيا لم يروهم، ويعتقدون أنه من أجل إزالة المهربين، ينبغي عودة المهاجرين إلى ديارهم، أو توفير وظائف لهم في ليبيا، حيث لم يعد العمال الأجانب يقومون بأعمال في المدينة منذ فترة طويلة.
وبينما تجمد نشاط المهربين في مدينة زوارة، هذا لا يعني أن رحلة أمادو قد انتهت؛ فهو مستعد للسفر إلى أوروبا عبر أي حدود طالما أنه جاهز للمخاطرة.

* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.